في الدول المتقدمة ذات الانظمة الديموقراطية العريقة، كبريطانيا، التي تضع مصلحة المواطن على كل المستويات في مقدمة الاولويات، الى جانب بعض الدول الخليجية كالإمارات العربية المتحدة، تتصدر الاولويات ان تكون بين يد المواطن والوافد أيضا بمختلف الأعمار كل البيانات والمعلومات عن كل المشتريات، من ملابس وسيارات ومأكولات وأدوية، وأي أمور قد تشكل خطراً أو ضرراً على صحة الانسان بشكل عام في غاية الاهمية من ناحية استهلاكية، بينما الواقع عندنا مختلف تماماً، حيث يتم التركيز على معلومات شحيحة وبيانات بسيطة ومقتضبة لأسباب غير معروفة! على سبيل المثال، ففي ظل تزايد التنافس الخلاق بين مبادرات ابداعية كالتطبيقات التكنولوجية، تسهيلاً للتصفح الالكتروني، الى جانب قيام وإنشاء كيانات تجارية صغيرة ومتوسطة الحجم في توصيل الوجبات والمواد الاستهلاكية أيضاً على مدار الساعة، مقابل تسهيلات على المستهلك من جهة، وكذلك الطرف التجاري المستفيد من جهة ثانية، وهذا موضوع لا غبار عليه، وليس محل اعتراض إطلاقاً، لكن هناك ممارسات أو نتائج سلبية جداً تتطلب التقنين والرقابة أيضاً. فمن بعض الملاحظات التي جذبت الانتباه، وتتطلب رقابة ورصد وزارة الداخلية، وتحديدا المرور، هي المركبات والدراجات النارية لتوصيل الطلبات، التي تسير في الطرق في سباق مع عقارب الساعة، بسبب طبيعة الخدمة، خصوصاً ما يتعلق بتوقيت التوصيل، بينما قائدو تلك المركبات والدراجات النارية ينطلقون في المناطق بشكل مخالف للقواعد المرورية، بسبب أن دوريات المرور تركز في عملها على الشوارع الرئيسية، بينما الشوارع الداخلية في المناطق السكنية، ربما هي غير خاضعة لقواعد المرور، أو أن هناك عجزاً مرورياً في توفير عدد كاف من دوريات المرور أو الشرطة أيضاً لضبط المخالفين، لا سيما من يستهتر في القيادة، وقد يتسبب ذلك في حالات دهس وتصادم قد يذهب ضحيتها قائد الدراجة النارية مثلاً! أما الجزء الآخر، فهو يتعلق بالإزعاج الذي قد يتضرر منه البعض، حين يتلقى اتصالا هاتفيا، أو رنين جرس المنزل، في اوقات متأخرة جداً بسبب خطأ في تدوين العنوان، أو رقم الهاتف الصحيح، نتيجة سرعة تلقي الطلبات والاستعجال ربما من أجل تسجيل أكبر عدد ممكن من الطلبات مقابل «بونص»، اي مكافأة خاصة من صاحب العمل، أو مغامرة فردية من وافدين، لا يجيد معظمهم اللغة العربية أو الإنكليزية! علاوة على ذلك، فقد تبيّن من رصد بعض المواطنين بالتصوير والنشر على الانترنت ووسائل واتس أب، ان هناك بعض العاملين غير المتفرغين بشكل كامل، وهم يقومون بتوصيل وجبات أكل أو مواد أخرى بلباس لجهات حكومية، فضلاً عن استخدام البعض سيارات حكومية في أعمال لا تخص جهة العمل الاصلية، وهذا دليل على رقابة مغيبة وإهمال أيضاً بعض الجهات الحكومية المعنية، فالحكومة أساساً «جادة» وفقاً لبيانات رسمية في مكافحة الفساد، وعدم إفساح المجال لأي شخص للتكسب من المال العام، بينما واقع الحال مختلف تماما! لا شك انه من المهم دعم المبادرات الخلاقة، خصوصا بين الشباب، ولكن ينبغي على الجهات المختصة التفرغ لممارسة سلطاتها وأعمالها بعيداً عن روتين بيروقراطي يستهدف تعقيد الحياة على المواطن! خالد أحمد الطراح
مشاركة :