طهران - دعت إيران إلى الهدوء الأحد، بعد أن تحولت احتجاجات بسبب نقص المياه في مدينة خورمشهر التابعة لإقليم خوزستان الغني بالنفط جنوب البلاد إلى أعمال عنف، فيما أطلقت الشرطة النار على المحتجين الذين هاجموا بنوكا ومباني عامة. ويشتكي الإقليم، الذي تقطنه الأقلية العربية في إيران، منذ فترة طويلة من التمييز ضدهم والتشديد الأمني، ليتفاقم الوضع سوءا مع عودة العقوبات الأميركية على النظام الذي يعتمد جل اقتصاده على الصادرات النفطية. وقال وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فاضل قوله “لم يقتل أحد في الاضطرابات وأصيب شخص واحد فقط في إطلاق نار”، فيما أكدت وسائل إعلام أجنبية مقتل أربعة متظاهرين على الأقل. وأضاف رحماني فاضل “نبذل الجهود لإنهاء هذه الاحتجاجات بأسرع ما يمكن وسط ضبط نفس من جانب الشرطة وتعاون السلطات، لكن إذا حدث العكس ستقوم الجهات القضائية وقوات إنفاذ القانون بواجبها”. وفي تسجيلات مصورة بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي سمع دوي إطلاق نار في خورمشهر التي تشهد احتجاجات منذ ثلاثة أيام إلى جانب مدينة عبدان المجاورة، فيما عرض التلفزيون الحكومي لقطات تظهر بنوكا تحطمت واجهاتها ولقطات أخرى أظهرت محتجا واضح الملامح يحمل مسدسا. وذكرت وسائل الإعلام أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع في حين أضرم المحتجون النار في جسر وحديقة تحيط بمتحف عن الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات. إسحاق جهانغيري: نعاني من مشاكل اقتصادية بينها ضعف القطاع المصرفيإسحاق جهانغيري: نعاني من مشاكل اقتصادية بينها ضعف القطاع المصرفي وتجمع نحو 500 شخص معظمهم من الشباب في ساحة في المدينة ليطلبوا من السلطات التحرك لصيانة خط لأنابيب المياه أدى تلوثه إلى جعلها غير صالحة للشرب، حيث تتجاهل السلطات مطالب المواطنين منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وهو ما يتزامن مع عودة العقوبات الأميركية على طهران بسبب ملفها النووي والباليستي. وفي خطاب بثه التلفزيون الحكومي، قال النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إن إعادة فرض العقوبات الأميركية، التي علقت بعد توقيع الاتفاق النووي في 2015 الذي قررت الولايات المتحدة الانسحاب منه، ليست العامل الوحيد الذي يفسر ذلك. وأقر جهانغيري أن الاقتصاد الإيراني يعاني من مشاكل من بينها الاعتماد المبالغ فيه على النفط وضعف القطاعين الخاص والمصرفي. واندلعت عدة احتجاجات في إيران منذ بداية العام بسبب المياه وهي مصدر قلق متزايد على الصعيد السياسي بسبب موجة جفاف يقول سكان ومحللون إنها تفاقمت بسبب سوء الإدارة. وقال الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي السبت، قبل اندلاع الاشتباكات إن الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها في المنطقة على محاولة زعزعة استقرار الحكومة في طهران. وأضاف خامنئي في حفل تخرج لقوات الحرس الثوري في تصريحات نقلها التلفزيون “إذا كان بإمكان أميركا العمل ضد طهران لما احتاجت للتحالف مع دول رجعية سيئة السمعة في المنطقة وطلب مساعدتها في إثارة الاضطرابات وزعزعة الاستقرار”. وكثيرا ما يلقى المرشد الإيراني باللوم على حكومة روحاني في عدم تحقيق تقدم للحد من معدلات البطالة المرتفعة والتضخم وعدم المساواة، وألقى باللوم كذلك على أعضاء في البرلمان والرؤساء السابقين وقوى غربية. وفندت المعارضة الإيرانية في الداخل، مرارا، مزاعم النظام في طهران حول وجود أجندات غربية لزعزعة استقرار البلاد دفعت بالإيرانيين إلى التظاهر محملين المرشد علي خامنئي مسؤولية الفقر الذي يقبع فيه الإيرانيون بسبب الفساد المستشري في البلاد. Thumbnail وانتقد الزعيم الإيراني المعارض مهدي كروبي، خيارات المرشد علي خامنئي الاقتصادية والسياسية، التي دفعت الإيرانيين إلى التظاهر والدعوة إلى إسقاط النظام، داعيا إياه إلى الكف عن إلقاء اللوم على الآخرين وتحمل مسؤولياته تجاه البلاد. وقال كروبي، في رسالة غير مسبوقة وجهها لخامنئي، يناير الماضي، إنه يجب على خامنئي تحمل مسؤولية الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين. ويقول مسؤولون ومحللون إن الضغوط الأميركية المتنامية التي تقترن بحالة من السخط الشعبي بين كثير من الإيرانيين على الوضع الاقتصادي بدأت تهز الجمهورية الإسلامية دون مؤشرات تذكر على أن قادتها يملكون أي حلول. واندلعت الأحد الماضي، احتجاجات على مدى ثلاثة أيام في البازار بالعاصمة طهران ندد خلالها المئات من التجار وأصحاب المتاجر الغاضبين بالانخفاض الحاد في قيمة العملة الإيرانية. وسرعان ما اكتسبت الاحتجاجات طابعا سياسيا وردد المتظاهرون شعارات مناهضة للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي وشخصيات أخرى من كبار المسؤولين الذين وصفهم المحتجون باللصوص وطالبوا بتنحيهم عن السلطة. وثار غضب تجار البازار، والذي كان ولاؤهم في الأغلب للقيادة منذ الثورة الإيرانية عام 1979، بسبب ما وصفوه برد الفعل المضطرب من جانب الحكومة على الأزمة التي قالوا إنها تسببت في ارتفاع حاد للأسعار جعل من ممارسة التجارة أمرا شبه مستحيل. وخسر الريال الإيراني 40 بالمئة من قيمته منذ الشهر الماضي عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 وعاود فرض عقوبات اقتصادية صارمة على طهران.
مشاركة :