جمّد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر لثلاثة أيام استقالته من الحكومة، إفساحاً في المجال أمام جولة أخيرة من المفاوضات مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، التي عقدت أمس اجتماعاً مع الجناح اليميني في تحالفها الحكومي، في محاولة لتسوية خلاف حاد بينهما في شأن الهجرة يهدد الحكومة الألمانية والوحدة الأوروبية. وكان زيهوفر، رئيس حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي»، الحليف البافاري المحافظ لحزب مركل، أعلن الأحد بعد اجتماع لقادة حزبه دام 10 ساعات، استقالته من منصبه وزيراً للداخلية ومن رئاسة الحزب، قبل أن يجمّد قراره في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات. وقال: «أعلنت أنني سأقدّم استقالتي من المنصبين، وسأنفذ هذا القرار في الأيام الثلاثة المقبلة». وتتمحور المواجهة بين الجانبين حول دعوة زيهوفر إلى إبعاد جميع المهاجرين الذين سجّلوا دخولهم في بلد أوروبي آخر لدى وصولهم إلى حدود ألمانيا، علماً أن مركل اعتبرت أنها استجابت لمطالبه حين فاوضت خلال القمة الأوروبية في بروكسيل الاسبوع الماضي في شأن تدابير تعتبرها «أكثر من مساوية» لإجراءات يُطالب بها، وأكدت أنها شددت سياستها الخاصة بالهجرة. لكن وزير الداخلية اعتبر طرحها غير كافٍ، وطرح 3 سيناريوات ممكنة: إما أن يلتزم سياسة الحكومة، أو يتجاوز اعتراضات مركل ليفرض بنفسه تدابير رد المهاجرين على الحدود، ما يؤدي إلى إقالته ويرجّح سقوط الائتلاف الحكومي، وإما أن يقدّم استقالته. في المقابل، اتهمت زعيمة الحزب الاشتراكي أندريا نالس المعسكر المحافظ بـ «اللامسؤولية»، و «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» بـ «الهذيان». وسخرت مجلة «در شبيغل» من الأزمة، فكتبت على موقعها الإلكتروني: «يستقيل، لا يستقيل. الخلاف بين المستشارة مركل ووزير الداخلية يزداد عبثية. في نهاية المطاف، قد تسقط الحكومة، وقد يجعل حزبٌ عريق وأبيّ نفسه أضحوكة»، متحدثاً عن فشل استراتيجية حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» لإرغام مركل على قبول مواقفه. في السياق ذاته، تشير غالبية استطلاعات الرأي إلى أن الألمان ليسوا موافقين على الخط الذي اتبعه زيهوفر، على رغم تأييد معظمهم أفكاره. وأظهرت نيات التصويت تراجعاً لحزبه في انتخابات محلية في بافاريا مرتقبة الخريف المقبل، أمام حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف. واعتمد زيهوفر نهجاً بالغ التشدد في تعامله مع مركل، منذ فتحت ألمانيا أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء عام 2015، ما أثار جدلاً محتدماً في البلاد. وبعد نحو 13 سنة في الحكم، تجد مركل نفسها في مواجهة حركة تمرد صريحة داخل حكومتها، ومقاومة في أوروبا، لا سيّما مع دول شرق القارة والنمسا، وكذلك في نزاع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول ملفات كثيرة. في السياق ذاته، أعلن المستشار النمسوي سيباستيان كورتز معارضته السماح للمهاجرين بتقديم طلبات لجوء في الاتحاد الأوروبي، انطلاقاً من «نقاط إقليمية لاستقبال» المهاجرين يدرس قادة دول التكتل إنشائها خارج القارة. واعتبر أن ذلك «سيؤدي الى عامل جذب كبير»، مضيفاً أنه «سيكون من الأفضل الذهاب لجلب الناس من مناطق الحرب مباشرة، بدل تشجيعهم على تنفيذ رحلة العبور الخطرة للبحر المتوسط». وتابع أن السؤال المطروح هو معرفة هل كان «60 مليون شخص فرّوا من بلدانهم في العالم، يستطيعون تقديم طلبات لجوء داخل أوروبا إذا لم يتمكّنوا من فعل ذلك في مكان آخر».
مشاركة :