حمادة فراعنة يكتب: لماذا نرفض العلاقة مع فلسطين

  • 7/3/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حقق المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، على أثر إحتلاله لـ 78 بالمائة من مساحة فلسطين عام 1948، وطرد نصف الشعب العربي الفلسطيني من اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا وصفد وطبرية وبئر السبع وتشريدهم خارج وطنهم، حقق الجزء الأهم من مشروعه، مثلما نجح في رمي تداعيات النكبة الفلسطينية من اللاجئين المهجرين من بيوتهم إلى الأحضان اللبنانية والسورية والأردنية والمصرية، وتحولت مشكلة فلسطين لتكون عبئاً على أمن وإقتصاد ومال وسكان البلدان العربية، وباتت إقامة اللاجئين المؤقتة لحين عودتهم للمدن والقرى التي طردوا منها، إقامات طويلة دائمة تجاوزت السبعين عاماً، تعارضت خلالها المصالح الأمنية والسياسية، والأولويات الوطنية اللبنانية والسورية والأردنية والمصرية من طرف مع المصالح والتطلعات والأولويات الفلسطينية من طرف أخر، مما فجّر الخلافات والصدامات بين الأطراف الأربعة منفردين ضد قيادات الحركة الوطنية الفلسطينية،  وأخذت أشكالاً محتدمة في بعض الأحيان، وتعارضات سياسية في أحيان أخرى، وقد تواصل ذلك بهدوء أو بسخونة، بحدة أو بصمت، حتى إنفجار الإنتفاضة الشعبية داخل فلسطين عام 1987 التي أثمرت عن إتفاق أوسلو التدريجي المتعدد المراحل عام 1993 وسجل ذلك على أنه أهم إنجاز حققه النضال الفلسطيني لهذا الوقت مع ما رافقه من تطبيقات مخلة، أو تنازلات مذلة، ولكنه حقق إنجازاً جوهرياً يُسجل للرئيس الراحل ياسر عرفات، وهو ليس فقط عودة أكثر من ثلاثمائة الف فلسطيني إلى وطنهم لأول مرة، بل نقل الموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، حيث بات بعدها الصراع واضحاً جلياً على أرض فلسطين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولم يعد كما كان قبل أوسلو صراعاً بينياً عربياً بين الأخ وأخيه، وبين الشقيق وشقيقه، بين الفلسطينيين من طرف واللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين من طرف أخر، وبالتالي عودة العنوان الفلسطيني، والقضية الفلسطينية، والنضال الفلسطيني، والقيادة الفلسطينية من المنفى إلى وطنهم الذي لا وطن لهم سواه، تلك هي الحصيلة البائنة التي تحققت بفعل الإنتفاضة الأولى ونتائجها إتفاق أوسلو الذي تم وقف إجراءاته ولم يواصل تنفيذ مضامينه، وتحول من أداة تنفيذ لإستعادة حقوق الشعب الفلسطيني على مراحل تدريجية تراكمية، تحول إلى أداة إحباط وتهويد وإستيطان وإنحطاط معنوي وعرقلة للنضال الوطني وإعاقة للنهوض الفلسطيني. العدو الإسرائيلي وحكومته العنصرية اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو وليبرمان وبينيت وكل الطاقم الإستعماري الإستيطاني التوسعي، لا يريدون أي حل مهما بدا واقعياً للقضية الفلسطينية على أرض فلسطين، وخاصة على أرض الضفة الفلسطينية، وهم علناً يعملون على تهويد القدس، وأسرلة الغور، وتوسيع المستوطنات، وتمزيق الضفة بالمستوطنات والشوارع الالتفافية، وفرض ظواهر التمييز والفصل العنصري والأبرتهايد، وجعلها طاردة لأهلها، وبالتالي فهم يعملون على إعادة رمي القضية الفلسطينية إلى الحضن العربي مرة أخرى، وخاصة إلى الأردن ومصر، مستغلين الضغوط الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي نعاني منها كأردنيين ومصريين، ولهذا وحفاظاً على الأمن الوطني الأردني أولاً، وبقاء الموضوع الفلسطيني وعنوانه وشعبه ونضاله وإستعادة حقوقه وكرامته هناك على أرض فلسطين في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ثانياً،  وبوضوح بالغ وبلا تردد علينا كأردنيين أن نرفض أي علاقة وحدوية أردنية فلسطينية، اندماجية، فدرالية، كونفدرالية أو أي صيغة من الصيغ من العلاقة الملتبسة قبل رحيل الإحتلال الإسرائيلي وتحقيق الاستقلال الفلسطيني، لأن هذه العلاقة مهما بدت ضرورية أو موضوعية أو إنعكاساً لما يربطنا مع بعضنا البعض من عوامل متداخلة متكاملة متجانسة، ستكون غطاء لجعل الأردن وعاء لإستيعاب الفلسطينيين ووطناً بديلاُ لهم عن وطنهم فلسطين، ويجب أن يكون واضحاً بلا مواربة أن الأردن وطن الأردنيين وللأردنيين فقط، كما هي فلسطين للفلسطينيين، وسوريا للسوريين وأوروبا للأوروبيين وأميركا للأميركيين . صحيح أن الأردنيين إمتداد للفلسطينيين، نكبر بهم ويقوا بنا، وأننا في خندق واحد لشعب واحد وأمة واحدة ومستقبل مشترك نتطلع إليه، ولكننا وبوضوح بالغ علينا أن نرفض أي علاقة مهما بدت نبيلة ووطنية قومية مع فلسطين الأن، لأن هدفها هو إعادة رمي المشكلة الفلسطينية في الحضن الأردني، لحل مشكلة الإسرائيليين، وإستكمال إحتلالهم لفلسطين وتفريغ شعبها منها بوسائل وأساليب متعددة . h.faraneh@yahoo.com   * كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.

مشاركة :