أرز العنبر رمز زراعي عراقي يهدده الجفاف

  • 7/4/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يهدد الجفاف المرشح للتفاقم في وسط وجنوب العراق بإحداث تغييرات واسعة تمس حياة الكثيرين، أبرزها مستقبل زراعة أرز العنبر، الذي يعد أحد أبرز رموز الزراعة في وادي الرافدين، والذي خففت الحكومة حظر زراعته لتسمح بزراعة مساحة تعادل 5 بالمئة فقط من الأراضي مقارنة بالعام الماضي. الديوانية (العراق)- يقف المزارع أمجد الخزعلي أمام منزله في الديوانية في جنوب العراق، واضعا يديه على خاصرتيه، ومحدقا بحزن في أرض شاسعة ورثها عن أجداده، صارت بورا نتيجة حظر الدولة لزراعة الأرز بسبب الجفاف الشديد. وهذه المرة الأولى التي لن يتمكن فيها الخزعلي هذا الموسم من زراعة أرز “العنبر” الذي يحمل هذا الاسم بسبب رائحته المشابهة للعنبر، حيث يعتبر الأكثر شهرة في مناطق وسط وجنوب العراق منذ قرون عديدة، وتستهدفه موائد الأثرياء في دول المنطقة لفوائدة الغذائية. ويقول الخزعلي وهو يرتدي جلابيته وكوفيته البيضاء والسوداء “لا أطيق النظر إلى أرضي وتربتها لا تعانق العنبر… هكذا اعتدنا منذ مئات السنين حين كان الأجداد يزرعونه”. ويملك الخزعلي مع أبناء عمومته قرابة 800 دونم زراعي، أي ما يقارب مليوني متر مربع، في قرية أبو تبن في ناحية غماس غرب الديوانية. ويطلق العراقيون على تلك المناطق الزراعية اسم شلبية أي مخصصة لزراعة الشلب (أرز العنبر) ويعود تاريخ ملكيتها إلى زمن الاحتلال العثماني. وأعلنت وزارة الزراعة العراقية في يونيو الماضي حظر زراعة الأرز والذرة وبعض المحاصيل الأخرى التي تحتاج إلى الكثير من المياه. لكنها عادت في الأسبوع الماضي إلى تخفيف الحظر التام لزراعة الأرز وسمحت بزراعة ما لا يزيد على 12.5 كيلومتر مربع بالأرز هذا الموسم، مقارنة بنحو 250 كيلومترا مربعا في الموسم الماضي. ويشير مدير عام دائرة الزراعة في الديوانية صفاء الجنابي إلى أن الخسارة المالية لمزارعي الأرز ستكون كبيرة جدا، حيث كانوا يجنون ربحا يصل إلى ما يعادل 400 دولار للدونم الواحد (2500 متر مربع). ويؤكد أن خسارة محافظة الديوانية لهذا الموسم بسبب عدم زراعة الأرز، تقدر بما يزيد على 40 مليون دولار. حميد النايف: وزارة الموارد المائية أبلغتنا بعدم توفر المياه لزراعة الأرز هذا الموسمحميد النايف: وزارة الموارد المائية أبلغتنا بعدم توفر المياه لزراعة الأرز هذا الموسم وينتج العراق مئة ألف طن من الأرز سنويا، منها نسبة 35 في المئة من أرز العنبر الذي يزرع أكثر من 70 بالمئة منه في محافظتي الديوانية والنجف في منطقة الفرات الأوسط بين وسط وجنوب البلاد. ويطلق العراقيون على أرز العنبر تسمية “التمّن الملكي” حيث يسمي العراقيون جميع أنواع الأرز “تمّن”. ويوضح الخزعلي أن العنبر صديق النهر، فهو “يسقى من ماء نهر الفرات العذب الذي يعطيه رائحة زكية يمكن أن تشمّها على بعد كيلومترات عدة”. وتبدأ زراعة الأرز اعتبارا من منتصف شهر مايو وحتى نهاية يونيو. ويستمر الموسم حتى أواخر شهر أكتوبر. وتشير البيانات إلى أن 267 مزارعا فقط يزرعون العنبر، من بين آلاف مزارعي الأرز في الديوانية. وتقع تلك الأراضي الزراعية على طريق مدينتي كربلاء والنجف المقدستين، وبالتالي يقصد الزوار الشيعة المتاجر خلال المناسبات الدينية لشراء هذا النوع من الأرز. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف قوله إن “الوزارة وضعت خطة تتضمن زراعة 1.4 مليون دونم لجميع المحاصيل الصيفية، وبضمنها المحاصيل الاستراتيجية مثل الأرز والذرة”. لكنه أضاف أن “وزارة الموارد المائية أبلغتنا بعدم توفر الكميات الكافية من المياه لهذه المحاصيل المهمة بسبب شح المياه”. ويعيش العراق الذي يسمى “بلاد ما بين النهرين” لمرور نهري دجلة والفرات فيه، انخفاضا في مستوى المياه منذ سنوات بسبب الجفاف وبناء عشرات السدود في تركيا التي ينبع منها النهران، وكذلك إيران التي تنبع منها بعض الروافد. ونتيجة ذلك قررت الحكومة حظر زراعة الأرز والذرة الصفراء والبيضاء والقطن والسمسم والدخن وزهرة عباد الشمس. وتقدر الخطة الصيفية حاليا بمساحة 600 ألف دونم وتمثل أقل من 50 بالمئة من الخطة السابقة. وأكد النايف أن معظم تلك المساحة تم تخصيصها لزراعة الخضروات ومحاصيل أخرى، إضافة إلى حصة مائية لبساتين النخيل. ويضيف أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وعد بتعويض المزارعين، وخصوصا مزارعي الأرز، كونهم يعتمدون على هذه الزراعة بشكل رئيسي، كي لا تطالهم خسائر مالية. لكن المزارعين متشائمون حيال تلك الوعود. ويقول الخزعلي إن “زراعة الأرز تُعد الدخل الرئيسي لمزارعي هذه المناطق، وأن المنع الأخير سيؤدي إلى خسائر كبيرة لنا ولعوائلنا وربما نضطر إلى هجرة الزراعة بل حتى المدينة كون أراضينا لا يمكن أن يزرع فيها إلا الأرز”. ويضيف “لا نجيد زراعة محاصيل أخرى. حاول بعض المزارعين التمرد وزراعة الأرز، لكن وزارة الري قامت برفع مضخات الماء الخاصة بهم وصادرتها وأتلفت المحصول”.

مشاركة :