اقتصادنا تجاوز التحديات ويواصل النمو بقوة

  • 7/4/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة -  الراية : قال الدكتور خالد بن راشد الخاطر الباحث المتخصص في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي في مركز الاقتصاد الكلي ومعهد الفكر الاقتصادي المستجد بجامعة كامبردج البريطانية أن الاقتصاد القطري أقوى بعد مرور أكثر من عام على الحصار. وأشار إلى أن الحصار بمثابة «جرعة تحصين» كانت ضرورية لزيادة قوة ومتانة الاقتصاد القطري للحد من الانكشاف على شركاء غير موثوق بهم مؤكدًا أن مصادر قوة الاقتصاد القطري يستمدها حاليًا من شركاء تجاريين حاليين من غير دول الحصار. ولفت خلال مشاركته بندوة لمركز الجزيرة للدارسات إلى أن اقتصاد قطر بألف خير وأن قطر تستطيع أن تتحمل الحصار إلى أمد بعيد لافتاً إلى أن دول الحصار سعت للتأثير على العملة القطرية لكن محاولاتها باءت بالفشل. وأشار إلى أن دولة قطر استخدمت سياسات ناجحة للعمل على تنويع الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلي من خلال بناء رأس مال بشري ليقود عملية التنمية إلى جانب تحفيز القطاع الخاص لتوفير فرص عمل والانتقال من اقتصاد العقار إلى الإنتاج. ولفت إلى أن قطر تمكنت من إحباط محاولات التأثير على العملة القطرية مشيرًا إلى أن دول الحصار فشلت في استهداف الخاصرة اللينة لإحداث أكبر إضرار بالاقتصاد القطري وهروب رؤوس الأموال للخارج. ولفت إلى أن محاولات دول الحصار الإضرار بالاقتصاد القطري انتقلت إلى جبهات خارجية في لندن ودولة الإمارات العربية لاستهداف العملة القطرية لكن هذه المحاولات فشلت بسبب فقدان المصداقية في إعلام الحصار. وأشار إلى أن الاقتصاد القطري يسير في الاتجاه الصحيح بعد عام من الحصار الذي دفع قطر أكثر نحو التنويع بالضرورة، فأصبح الاقتصاد أكثر اعتماداً على الذات ونوع في مصادر استيراده. تنويع الإنتاج وبالإضافة إلى الاستمرار في السياسات المضادة للحصار التي تبنتها قطر في الأجل القصير، طالب د.الخاطر بالعمل على تنويع الإنتاج على المدى الطويل، وهذا يتطلب من بين أمور أخرى إصلاح السياسة التجارية للحد من تركزات الاستيراد (من الخارج و في الداخل) وإصلاح السياسة الصناعية لتحفيز تنمية قطاع صناعات محلية، على مبدأ التصنيع من أجل التنويع. وقال إن تنويع الاستيراد لا يقصد به التنويع في مصادره الخارجية فحسب، لا بل أيضا داخليًا عبر وسطائه ووكلائه المحليين و ذلك للحد من تركزات الاستيراد في مستوردين قلة، سواء كان ذلك من خلال نظام الوكالة التجارية الاحتكاري أو غيره، لأن ذلك يكرس الاحتكار ومن الممكن أن يجهض محاولات تنمية قطاع منتجات و صناعات وطنية من خلال المنافسة غير العادلة من قبل المنتج الأجنبي ووكلائه المتمكنين في الأسواق منذ فترات طويلة. كما طالب بتنويع القاعدة الإنتاجية، وأكبر تحد يواجه قطر في سبيل تحقيق ذلك هو بناء رأس المال البشري. مشيرًا إلى أن أكبر تحد يواجه الاقتصادات النامية كثيفة الموارد الطبيعية هو تحويل تلك الموارد الناضبة إلى أصول يتولد عنها نمو قابل للاستمرار و تنمية مستدامة. وأشار إلى أهمية تقليص الاعتماد على مورد واحد ناضب و تنويع الاقتصاد، و أكبر تحد في سبيل تحقيق ذلك هو تركيم رأس المال البشري والوصول به إلى الزخم الكافي لانطلاق عملية تنويع ناجحة و تحقيق تنمية مستدامة. كما أكد أهمية إصلاح القطاع العام لرفع كفاءته و إنتاجيته و تعزيز الحوكمة فيه، لجذب و تركيم رأس المال البشري الوطني فيه و الارتقاء بمخرجات هذا القطاع، وكذلك إصلاح القطاع الخاص للحد من تركزات الأسواق (الاحتكار) فيه عبر الاقتصاد، وتركزات الثروة عبر المجتمع، ولخلق قطاع خاص تنافسي يسهم في التنمية الصناعية والتكنولوجية وفي تنويع الاقتصاد وخلق فرص استثمارية ووظيفية للمواطنين. عام من الحصار وقال د.الخاطر إنه منذ بداية الحصار، عمدت الحكومة على تنويع مصادر ووسائط الاستيراد، وفتحت مصادر وخطوط إمداد جوية وبحرية جديدة، واستخدمت البنى التحتية ذات الطاقات الاستيعابية العالية من ميناء حمد ومطار حمد للالتفاف حول دول الحصار والوصول إلى مصادر الاستيراد الأصلية والبديلة لضمان استمرارية تدفق السلع بالأسعار المناسبة للمستهلك. كما عملت الحكومة على توسعة الطاقات التخزينية لأغراض الأمن الغذائي والإمداد اللوجستي بالسلع الأساسية والمواد الأولية، و تبنت سياسات محفزة للمنتج المحلي في مجال الإنتاج الحيواني والزراعي، وتبنت سياسات لجذب السياحة العالمية و الاستثمارات الأجنبية، وتنويع الشركاء التجاريين والاستثمارات الخارجية، وبناء علاقات على مصالح استراتيجية مشتركة مع دول مؤثرة اقتصادياً وسياسياً على الساحة العالمية.   3 أسباب أجهضت المشروعات الخليجية المشتركة   قال د.الخاطر إن دول الخليج خسرت كثيرًا جراء الأزمة الحالية وفرضها حصارًا على قطر منذ عام. وأشار إلى أن دول الخليج لم ترتبط اقتصادياً بوحدة نقدية حتى ترتفع تكلفة حصار قطر لافتاً إلى أن المشاريع الاقتصادية المشتركة كان يمكن أن تمنع الأزمة قبل اندلاعها. وأشار إلى أن المشروعات الاقتصادية الخليجية الكبرى فشلت فقد تعثر الاتحاد الجمركي لافتاً إلى أن شبكة الربط الكهربائي لم ولن تكتمل. وقال إن دولة قطر أكبر منتج للغاز الطبيعي تصدر منتجاتها إلى العالم بينما لاتستطيع تصديره للبحرين أو الكويت بسبب قيود سعودية وإفشالها مشروع قطري لربط المنطقة بشبكة من الغاز الطبيعي. ونوه د.الخاطر إلى أن توحيد العملة نجح في الاتحاد الأوروبي بينما فشل في دول الخليج لعدم توافر إرادة سياسية، والفردية حالت دون تطبيق المشروع رغم توافر كافة إمكانات النجاح في دول مجلس التعاون الخليجي. وقال إن أسباب فشل العملة الخليجية الموحدة بينها الخلاف على وضع صورة بعض القادة الخليجيين على فئات العملات منوها بأن دول الخليج اتفقت سريعًا على فرض الضرائب فقط وهو ما اعتبره من المفارقات. وأكد أن المشروعات الخليجية المشتركة لن ترى النور لثلاثة عوامل أبرزها عدم وجود هدف سياسي وحدوي إلى جانب سيطرة نزعة الهيمنة لدى بعض الدول والرغبة في فرض سطوتها على دول أخرى وعدم احترام السيادة واستمرار الاعتماد على النفط.     الإنفاق على المشروعات الكبرى يحفز الاستثمارات   قال د.الخاطر إن قطر لا تزال مستمرة في مشاريع البنى التحتية وكأس العالم وتنويع الاقتصاد (وهذا مهم لإرسال إشارات إيجابية للمستثمرين)، كما زادت من إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 30% وضخت سيولة وودائع لتعزيز استقرار العملة والقطاعين المالي والحقيقي وعامل الثقة في الاقتصاد. كما أن الإعلام القطرى قام بدور كبير، مع بروز نخبة من الكفاءات الوطنية لتثقيف الجمهور وتعزيز الثقة والدفاع عن قطر في المحافل الإقليمية والدولية، واستخدمت سياسات اقتصادية ودبلوماسية حكيمة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية والدبلوماسية على كافة الصُعد. وأشار إلى أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى فشل الحصار والحرب الاقتصادية على قطر. فما انهار الاقتصاد و لم يسقط النظام ولم تغلق قناة الجزيرة. ومع فشل الحصار وفقدانه للتأثيرعلى المدى القصير، وهو يتحول إلى حرب اقتصادية دبلوماسية باردة قد تمتد لفترة تطول دول تأثير مهم على الطرفين ودون تنازل أي منهما عن موقفه. ويصعب التنبؤ بكيفية نهاية هذه الأزمة، إن كانت إلى تصعيد، أو تصدع في حلف الحصار مع تلاشي أثره وفقدانه لفاعليته. وبحسب د.الخاطر يبدو أن السيناريو الأول وهو جمود الأوضاع على ما هي عليه هو الأقرب في المستقبل القريب المنظور ما لم تحدث مفاجآت غير متوقعة. وعلى قطر وعلى أية حال المضي قدمًا في بناء رأس مالها البشري و قدراتها المالية والاقتصادية، وتنويع اقتصادها. فبالإضافة إلى السياسات المضادة للحصار التي تبنتها قطر في الأجل القصير، مطلوب أيضا العمل على تنويع الاستيراد (محليا) والإنتاج على المدى الطويل وهما مرتبطان ببعضهما، وهذا يتطلب بناء رأس المال البشري، وإصلاحات للسياسات التجارية والصناعية، و القطاعين العام والخاص. إن أكبر تحد يواجه الاقتصادات النامية كثيفة الموارد الطبيعية هو تحويل تلك الموارد الناضبة إلى أصول يتولد عنها نمو قابل للاستمرار و تنمية، و أكبر تحد يواجه قطر في سبيل تنويع القاعدة الإنتاجية قطر هو بناء رأس المال البشري.

مشاركة :