نددت السلطة الفلسطينية أمس، بمصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون اقتطاع مبالغ من أموال الجمارك الفلسطينية تساوي قيمة المخصصات التي تدفعها السلطة إلى أسر الشهداء والأسرى، واعتبرت القرار بمثابة «إعلان حرب»، مؤكدة أنها سترد عليه بتحركات دولية عدة تتخذها من بين «خياراتها المفتوحة»، ابتداءً من «محكمة الجنايات الدولية مروراً بمجلس الأمن». وأكدت الرئاسة الفلسطينية «رفضها القاطع لهذا القرار الخطر» الذي «تعتبره مساساً بأسس العلاقة منذ اتفاق أوسلو وحتى الآن». واعتبرت أنه بمثابة «إعلان حرب على الشعب الفلسطيني ومناضليه وأسراه وشهدائه الذين حملوا راية الحرية، من أجل القدس وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة». وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان أمس، إن «المضي في تنفيذ هذا القرار ستكون له تداعيات خطرة، وستكون كل الخيارات الفلسطينية مفتوحة وعلى كل الصعد، ابتداءً من محكمة الجنايات الدولية ومروراً بمجلس الأمن»، ذلك أن موضوع الأسرى والشهداء «يعتبر من الخطوط الحمر التي لا يسمح لأحد المس بها أو تجاوزها». وأكد أبو ردينة أن «القيادة الفلسطينية ستدرس في اجتماعاتها المقبلة، بما في ذلك اجتماع المجلس المركزي الذي أنشأ السلطة، اتخاذ قرارات مصيرية وتاريخية ستغير طبيعة العلاقات القائمة»، مطالباً الحكومة الإسرائيلية بـ «مراجعة مواقفها وقراراتها، الآن، حتى لا تصل الأمور إلى طريق خطر ومسدود». وفي تحدٍّ للقرار الإسرائيلي، تعهدت حكومة الوفاق الوطني المضي قدماً في دفع مخصصات الأسرى الفلسطينين لدى الاحتلال. وأكدت في بيان عقب اجتماعها في رام الله، أن «القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، لن تتخلى عن الأسرى وعائلات الشهداء الذين دفعوا أعمارهم وأرواحهم فداء لوطنهم». واعتبرت أن «أي خصم من هذه العائدات وتغليفه في إطار قانوني، ما هو إلا قرصنة إسرائيلية وسرقة للأموال الفلسطينية وتشريع علني لسرقة ونهب أموال شعبنا الفلسطيني واستهداف لرموزنا الوطنية ورموز الدفاع عن الحرية والكرامة والتصدي للظلم، الذي يمثله الاحتلال الإسرائيلي». تحويل المقاومة إلى جريمة وأكد وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع أن السلطة الفلسطينية لن تتوقف عن دفع مخصصات أسر الشهداء والأسرى «حتى لو اقتطعت إسرائيل كل ما تجمعه من أموال الجمارك الفلسطينية». ورأى قراقع أن قرار الكنيست يهدف إلى تجريم النضال الوطني الفلسطيني. وقال لـ»الحياة»، إن «إسرائيل تريد أن تحوّل أي فعل فلسطيني مقاوم إلى جريمة، وتحويل صاحبها إلى مجرد إنسان جنائي، وهذا ما سنقاومه حتى الرمق الأخير». وتجمع إسرائيل الجمارك المفروضة على السلع كافة الواردة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحوّلها نهاية كل شهر إلى السلطة الفلسطينية. وتساوي أموال الجمارك ثلثي موازنة الحكومة الفلسطينية. وصادقت الهيئة العامة للكنيست مساء أول من أمس، بالقراءة الأخيرة، على مشروع القانون، بواقع 87 صوتاً لمصلحته، مقابل 15 صوتاً ضده، من أصل 120، وندد به نواب القائمة العربية المشتركة ونواب حزب «ميريتس» اليساري، فيما رحّب به وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قائلاً في تغريدة على موقع «تويتر»: «تعهدنا وقف رواتب الإرهابيين وأوفينا بوعدنا. انتهى الأمر. كل شيقل سيدفعه (الرئيس الفلسطيني) أبو مازن للإرهابيين والقتلة سيُخصم تلقائياً من ميزانية السلطة الفلسطينية». ويقضي القانون بأن يتم خصم قيمة المبالغ التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى وذويهم، من عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل، ووضعها في صندوق خاص، وأن يقرر المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، إعادة هذه الأموال إلى السلطة الفلسطينية، في حال واحدة وهي أن تتوقف عن دفع هذه المخصصات. ونص القانون على أن يقدّم وزير الأمن الإسرائيلي، كل عام، تقريراً إلى الـ «كابينيت» في هذا الشأن. وأعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية أن قيمة المقتطعات تبلغ 1.2 بليون شيكل (نحو 330 مليون دولار) سنوياً. وتعاني السلطة الفلسطينية أزمة مالية كبيرة. وزادت هذه الأزمة عقب قرار الإدارة الأميركية وقف المساعدات المباشرة المقدمة إلى خزينتها، والتي كانت تبلغ نحو 300 مليون دولار سنوياً، للضغط عليها لقبول المبادرة الأميركية التي تسمى «صفقة القرن». وقال مسؤولون فلسطينيون إن القرارين الإسرائيلي والأميركي سيؤديان إلى تفاقم أزمة السلطة المالية.
مشاركة :