أربيل: شيرزاد شيخاني نفت قيادة حزب العمال الكردستاني التقارير التركية التي تحدثت عن استغلالها القبور لدفن الأسلحة، مؤكدة أن «ما فعله الجيش التركي بنبش القبور يتعارض مع كل القيم الإنسانية والإسلامية والأخلاقية». وقالت في بيان صدر عن قيادة الحزب بجبل قنديل، شمال العراق، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن «الهجوم الذي شنه الجيش التركي على مقابر شهداء الحزب بمقبرة الشهيد عكيد سوروج بجبل باكوك الذي يضم رفات 43 مقاتلا من الحزب لقوا مصرعهم في الاشتباكات مع الجيش التركي، لا يقبله العقل والمنطق ولا الأخلاق ولا الأديان، فالشهداء هم أثمن مقدسات الشعوب، وأمجاد الأمم والشعوب إنما تبنى بدماء شهدائها، لذلك يجب على الحكومة التركية أن تعاقب القائمين بارتكاب هذه الجريمة وطلب الاعتذار الكامل من ذوي الشهداء ورفاقهم». وقالت قيادة الحزب إن «الشعب الكردي يتوق للسلام، وتقدم حزبنا من منطلق حرصه على عدم إراقة المزيد من دماء الشعبين التركي والكردي بعدة مبادرات لوقف القتال، وصلت إلى حدود تسع مبادرات، آخرها المبادرة التي تقدم بها زعيم حزبنا المعتقل في إيمرالي عبد الله أوجلان الذي رسم خارطة محددة للتحقيق السلام بتركيا وإنهاء الصراع الدامي الكردي التركي، ونحن بقيادة الحزب التزمنا بجميع تعهداتنا وفقا لخارطة الطريق، ولكن الحكومة التركية لم تتقدم بأي خطوة إيجابية، ولذلك أعلنا في الأول من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري أننا على استعداد لمواصلة مسيرة السلام، ودعونا الحكومة التركية إلى التقدم بخطوات عملية نحو تحقيق السلام، وذلك عن طريق إجراء التعديلات على القانون الأساسي بتركيا لتحقيق الحد الأدنى من المطالب والحقوق القومية الكردية، ولكن بدلا من أن تتقدم الحكومة التركية بخطوات عملية لتحقيق السلام، نرى أن جيشها ينتهك كافة الأعراف والقوانين والمبادئ الإنسانية بنبش قبور رفاقنا، وقامت عناصر الجيش بتخريب القبور وإخراج جثث الشهداء كأكبر تحقير للشعب الكردي الذي مد يده للسلام لإنهاء صراع دام طال لأكثر من أربعة عقود». وأشارت قيادة جبل قنديل لحزب العمال الكردستاني إلى أن «الدولة التركية وحزب العدالة والتنمية الذي يحكمها ليس في وارد عقليتهم أن تحل القضية الكردية بالطرق السلمية والحوار والمفاوضات، ولا نلمس منهم أي رغبة أو نية بالتوجه نحو تحقيق السلام، بل نرى المزيد من تصرفات عدائية تجاه الشعب الكردي، وهذه الحكومة لا تفرق في هجماتها بين الأحياء والأموات، ونؤكد في الختام أن الحكومة التركية إذا كانت جادة فعلا بتحقيق السلام فعليها أن توقف جميع ممارساتها القمعية ضد الشعب الكردي وأن تلتزم بتعهداتها بمبادرة السلام المطروحة منذ عدة أشهر». وفي وقت أعلنت فيه قيادة الحزب وقف انسحاب قواتها من داخل الأراضي التركية، قالت البرلمانية عن كتلة حزب السلام والديمقراطية الكردي بالبرلمان التركي صباحت تونجلي إنه «فيما يتعلق بوقف عملية الانسحاب لا يفترض أن يلام حزب العمال الكردستاني، بل يجب توجيه السؤال إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا، وأن يحاسب هذا الحزب على سياساته الخاطئة تجاه الشعب الكردي». وكانت قيادة الحزب قد أعلنت أنها ستوقف عملية سحب المقاتلين من داخل الأراضي التركية ردا على عدم ورود أي إشارات من قبل تركيا لحل القضية الكردية والاستجابة لنداء الزعيم أوجلان. وقال مصدر قيادي بالحزب لـ«الشرق الأوسط» إن عملية الانسحاب كانت ضمن المرحلة الثانية من مبادرة السلام، فقد سبقها وقف إطلاق النار من جانبنا، ثم إطلاق سراح الأسرى، والخطوة الأهم هي سحب المقاتلين من عمق الأراضي التركية، حيث إن أعدادا كبيرة من مقاتلي الحزب كانوا موجودين بالأراضي التركية وصولا إلى حدود البحر الأسود، ولكننا رغبة منا بإظهار حسن النوايا سحبنا مجموعات منهم، وكنا ننتظر خطوات متقابلة من الحكومة التركية، لكن للأسف بدلا من الاستجابة لمبادراتنا، بادرت هي بإملاء المواقع التي انسحبنا منها، وحصنتها بتعزيزات عسكرية جديدة وبقوات من المرتزقة الأكراد، وبعد إنذارات متعددة للحكومة التركية بضرورة التقدم ببعض الخطوات الإيجابية نحو السلام وإجراء التغييرات التي تتطلبها المرحلة لإقرار الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، لم نر من الجانب التركي سوى المزيد من التملص والتهرب والمماطلة وكسب الوقت للانتخابات المقبلة، ولذلك لم يعد هناك أي معنى لتقديم المزيد من المبادرات». وكانت صحيفة «تركيا» قد اتهمت الحزب باستغلال القبور لدفن الأسلحة التي يفترض تسليمها بعد نجاح المرحلة الثالثة من عملية السلام ودخوله إلى معترك العمل السياسي العلني بتركيا، حيث نقلت الصحيفة أن منظمة حزب العمال الكردستاني عمدت في الآونة الأخيرة إلى دفن السلاح في المقابر المزعوم أنها بنيت لدفن عناصر المنظمة الذين لقوا مصرعهم في الاشتباكات التي جرت مع الجيش التركي. وأضافت الصحيفة أن «العمال الكردستاني» يحاول استغلال الظروف ومفاوضات السلام قدر الإمكان، فهو من جهة يهدد الحكومة بفشل المفاوضات ويتهمها بأنها لا تتخذ أي خطى إيجابية من شأنها أن تقدم المفاوضات نحو الأمام، ومن جهة ثانية يحاول الاستفادة من هذه الفترة قدر المستطاع، فتارة يتحدث عن تاريخ انسحاب عناصره من الأراضي التركية، ثم يعود من جديد ليكشف عن تاريخ مختلف وأخيرا أعلن عن توقف عملية الانسحاب، وهكذا دواليك، سعيا منه لإطالة الوقت ودفن ما يستطيع دفنه من الأسلحة في المكان الذي يراه آمنا أي في مقابر عناصر المنظمة الذين قتلوا أثناء الاشتباكات التي جرت مع الجيش التركي، تمهيدا لتنفيذ عمليات إرهابية في الفترة المقبلة.
مشاركة :