البنوك الأوروبية بين الاندماج والتقنية

  • 7/5/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سام تيودور* ظهرت بعض المؤشرات على تجدد جهود الاندماجات المصرفية الأوروبية مؤخراً عندما نقلت صحيفة فاينانشل تايمز عن مصادر قولها إن الرئيس التنفيذي لمجموعة «يوني كريديت» يبحث احتمال إبرام صفقة اندماج مع مجموعة «سوسيته جنرال» الفرنسية.ترقب القطاع المصرفي الأوروبي صفقة اندماج أو استحواذ كبرى عابرة للحدود منذ إنشاء الاتحاد المصرفي قبل خمس سنوات. لكن خلافاً لما شهده القطاع على المستوى العالمي قبل الأزمة المالية عام 2008، مثل هذه الصفقات إن تمت اليوم فسوف تخضع لكثير من التدقيق وتتطلب درجة شفافية قصوى في ظل تشديد البنك المركزي الأوروبي معايير المراقبة المفروضة على القطاع.وقد ظهرت بعض المؤشرات على تجدد تلك الجهود مؤخراً عندما نقلت صحيفة فاينانشل تايمز عن مصادر قولها إن الرئيس التنفيذي لمجموعة «يوني كريديت» يبحث احتمال إبرام صفقة اندماج مع مجموعة «سوسيته جنرال» الفرنسية. وكشف النقاب الشهر الماضي عن تحركات لبنك «باركليز» تهدف لإبرام صفقة اندماج مع بنوك عالمية من وزنه من بينها «ستاندرد تشارترد»، وذلك بطلب ملح من مستثمرين نشطاء في البنك.لكن الجدير بالملاحظة هنا هو أن صفقات الاندماج والاستحواذ بين البنوك الكبرى لم تعد تحظى بذلك الاهتمام ولا تثير الكثير من المفاجآت. ففي ذاكرة القطاع اليوم عدد من تجارب التعزيز الفاشلة التي تكررت قبل الأزمة المالية الأخيرة منها تجربة اندماج «بي إن أمرو» مع رويال بانك أوف اسكتلاند التي كلفت دافعي الضرائب البريطانيين 45 مليار جنيه استرليني والهولنديين 22 مليار يورو.وفيما عدا مساعي«يوني كريديت»، تبدو شهية البنوك الكبرى لصفقات الاستحواذ فاترة. ذلك أنه منذ الأزمة المالية تم استبدال المصرفي«القناص» المغامر الذي يتحرى فرص الاندماج في كل مكان لتعزيز قوة مؤسسته، بمصرفي رصين يدقق في كل تفاصيل أنشطة مؤسسته خشية الوقوع في فخ المخاطر.ومن المفارقات العجيبة أن البنك المركزي الأوروبي ومؤسسات مالية عالمية التي عززت وشجعت هذا السلوك الرصين سابقاً، تحفز حالياً على تنشيط صفقات الاندماج. ولم تكن المؤسسات المالية تاريخياً نصيراً بديهياً لتلك الصفقات بين البنوك كبيرة الحجم. لكنها اليوم تأمل في أن تتمكن من معالجة مشاكل فرط الطاقة في النظام المصرفي وقضايا التكامل المالي في منطقة اليورو من خلال إنشاء مؤسسات مصرفية عملاقة.ويرى بعض المختصين أن البنك المركزي يشجع صفقات الاندماج عبر الحدود باعتبار أن المؤسسات المالية الضخمة تعزز سطوته الرقابية على مستوى الاتحاد في مواجهة أنصار المصالح الوطنية في الدول الأعضاء الذين يبحثون دائماً عن حلول تخدم القطاع المصرفي في بلدانهم كما حصل العام الماضي عند إنقاذ أحد البنوك الإيطالية.وتبقى صفقات الاندماج ضرورية للبنوك الصغيرة التي تضررت من معدلات أسعار الفائدة الصفرية في السنوات الأخيرة وحققت نسب نمو ضعيفة ولا تكاد تتحمل نفقات تشغيلها ذاتياً. وقد تعرضت مجموعة من البنوك الإسبانية في الأقاليم وبنوك الصف الثاني في إيطاليا والبنوك التعاونية في ألمانيا لمخاطر من هذا النوع.وعلى الرغم من النداءات التي يطلقها المركزي الأوروبي والمناقشات التي تتم خلف الكواليس إلا أنه من غير المرجح أن نشهد صفقات اندماج في القطاع المصرفي الأوروبي قريباً. وفي حال ظهرت بعض الصفقات فلا بد أن ترتفع وتيرة الخوف في الأسواق وتستعيد الذاكرة محاذير مبررة.فأولاًَ وقبل كل شيء مطلوب من البنوك رفع كفاءتها وزيادة قدراتها التنافسية. والتحدي هنا يكمن في تقنيات وتطبيقات نموذج العمل المصرفي الرقمي الجديد. فبدلاً من الاستثمار في شراء بنك متهالك أو قديم الطراز، يبحث المصرفي الحاذق في الاستثمار في تقنيات المستقبل من خلال شراء شركة تقنيات مالية رهاناً على كفاءاتها الرقمية في تطوير أعماله. ومع انتشار خدمات البنوك عبر الهاتف يصبح الاستثمار في بنك قديم حماقة.ثانياً: تحولت مختلف الأوعية المصرفية إلى سلع متداولة تجارياً وتراجع الطلب على الخدمات المفصلة حسب طلب الزبون منذ الأزمة المالية الأخيرة وصار تكرار العديد من العمليات تقنياً هو النمط السائد. من جانبها سهلت قوانين المدفوعات الأوروبية على البنوك تقديم خدمات تسديد المدفوعات عبر منصة واحدة في مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية.ثالثاً: لا تزال مخاوف البنوك من تبدل مواقف الحكومات من صفقات الاندماج وتشريعاتها قائمة. وهذه المخاوف مبررة لأنه لا أحد يضمن استقرار قوانين حرية حركة الأموال وتوفر السيولة في ظل تعدد الأنظمة القضائية على الساحة الأوروبية.وأخيراً ليس بالضرورة أن تضمن صفقات الاندماج حل مشكلات فائض الطاقة المصرفية خاصة وأن هناك تبايناً صارخاً بين مستويات كفاءة البنوك بين دولة وأخرى.ومن هنا فإن المصرفي الرصين ستبقى له الكلمة الفصل حتى إشعار آخر. *مدير وكالة تصنيف «سكوب ريتنغز»

مشاركة :