تجدد الحديث عن حل ديبلوماسي للأزمة اليمنية بعد لقاء مبعوث الأمم المتحدة أطراف النزاع. كما طالب مهدي المشاط، رئيس "المجلس السياسي" في التمرد الحوثي بوساطة أوروبية. فماهي جدية وإمكانات وساطة أوروبية فوق رمال يمنية متحركة؟ أشاع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، أجواء من التفاؤل. غريفيث قال إنه أجرى محادثات "مثمرة" مع زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي. وأكد أن طرفي النزاع طرحا "أفكارا ملموسة" لتحقيق السلام. الجهود الأممية تسعى لتجنب هجوم عسكري شامل على مدينة الحُديدة الساحلية الخاضعة لسيطرة الحوثيين من التحالف الذي تقوده السعودية. وقد نجح غريفيث حتى الآن في وقف الهجوم الذي بدأته قوات التحالف في الشهر الماضي. ولكن ما هو الجديد اليوم الذي قد يدفع أطراف النزاع للتخلي عن الخيار العسكري، وهو ما رفضوه لحد الآن. يرى أمين اليافعي، الكاتب والمحلل السياسي اليمني المقيم في برلين في حوار مع DW أن "هناك دائما في الحروب والأزمات الكبيرة، ما يسمى باللحظة الحرجة، وهي اللحظة التي تكون فيها الأطراف على استعداد لدخول عملية التفاوض أو التسوية السياسية. في اليمن وفي الحُديدة بالتحديد تبدو المعارك مختلفة هذه المرة، ويبدو أن الحوثيين باتوا مستعدين للتفاوض". مزاج جديد؟ رغم استمرار المواجهات العسكرية كما أظهره هجوم الحوثيين على مقر قوات التحالف في عدن، فإنه يبدو أن هناك مؤشرات على مزاج جديد يوحي باستعداد الأطراف المبدئي للتسوية السياسية. فقد أكد غريفيث أن طرفي النزاع طرحا "أفكارا ملموسة" لتحقيق السلام. وأكد أنه سيُطلع مجلس الأمن الدولي على نتائج مناقشاته هناك وانه يأمل أن يلتقي مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي "قريبا جدا" لإجراء ثاني جولة من المحادثات مع حكومته. وتتزامن جولة المبعوث الأممي مع مرحلة دقيقة من الحرب في اليمن بعد أن بدأت قبل نحو ثلاثة أسابيع هجوما باتجاه الحُديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والتي تضم ميناء تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية الموجهة لبلد يعاني من كارثة إنسانية ويهددها شبح المجاعة. معركة الحديدة قد تسهل التوصل لحل، حسب مراقبين. وتتعرض قوات التحالف لضغط قوي من المنظمات الدولية التي تحذرها من التداعيات الإنسانية في حال الهجوم على المدينة. فقد أفادت منظمة "أوكسفام" بنزوح أكثر من ثمانين ألف شخص من منازلهم رغم تراجع حدة القتال في محافظة الحُديدة. كما أن الحوثيين يرون هذه المرة أنهم قد يفقدون هذه المدينة الاستراتيجية ما قد يشكل تحولا في مجرى الحرب. مطالب بوساطة أوروبية؟ طالب المهدي المشاط رئيس "المجلس السياسي الأعلى" في التمرد الحوثي أنطونيا كالفوبورينا رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لليمن بتدخل الاتحاد ومساهمته في حل الأزمة اليمنية. وبهذا الصدد أوضح أمين اليافعي "أعتقد أن أكثر طرف يمكن للحوثيين أن يثقوا فيه هم الأوروبيين، لأن الطرف الأوروبي يقدم نفسه كطرف محايد غير منخرط في الصر". واستطرد أن هناك فعلا مجالا لوساطة أوروبية، ولكن ذلك يعتمد على استعداد الاتحاد الأوروبي للقيام بمثل هذا الدور. "أتصور أن يكون هذا الدور في أن يتسلم الأوروبيون مثلا ميناء الحديدة، لأن المشكلة الدائرة حاليا تدور حول ميناء الحديدة ومن سيتسلمه ويديره؟". غير أن الوساطة الأوروبية وإن كانت تبدو مغرية على الورق، إلا أن هناك عوائق عديدة تتعلق بغياب سياسة خارجية موحدة وباتباع دول عديدة أعضاء في الاتحاد لأجندتها الخاصة وارتباطها بشبكة علاقات ومصالح مختلفة مع الفاعلين في الأزمة اليمنية. غير أن المطلوب على ما يبدو هو دور ما تقوم به مؤسسة الاتحاد وليس دوله الأعضاء. فالاتحاد الأوروبي "يملك فرصة جيدة لأنه لم يكن منخرطا في الصراع بل بقي على مسافة من جميع الأطراف، وتوجهه هو تشجيع مخرج سياسي للأزمة، وندد باستمرار بالحل العسكري وهذا ما يؤهله للعب دور مهم لإيجاد حل سياسي في اليمن". حياد مؤسسات بروكسل لا يعني بالضرورة حياد سياسة الدول الأعضاء. فعلى سبيل المثال لا الحصر، نددت منظمات حقوقية بمواصلة تصدير أسلحة فرنسية إلى السعودية ودولة الإمارات المتهمتين بانتهاك القانون الإنساني في اليمن. فكيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقوم بالوساطة في الأزمة اليمنية ودوله تصدر الأسلحة لأحد أطراف النزاع؟. يرى أمين اليافعي أن هذا الأمر كان واضحا في بداية الحرب، ولكن هناك قرار بوقف تصدير السلاح لدول التحالف. وفي ألمانيا بالتحديد هناك إجراءات مشددة بشأن تصدير السلاح المشاركة في حرب اليمن. الدور الألماني؟ ويستطرد اليافعي موضحا أن "الإشكالية مرتبطة بالأساس بالدور الفرنسي الغامض في هذا الموضوع وكذلك الدور البريطاني، ولكن الاتحاد الأوروبي يضم بلدانا كثيرة ويمكنه أن يقوم بدور، وهو طرف حتى إذا لم تكن كل دوله محايدة تماما ولكنه ليس طفا منخرطا أ داعما لأطراف الصراع". كما أن جميع الأطراف تعترف بأن "ألمانيا من أكثر الأطراف التي ساهمت خلال المرحلة السابقة لجهة تفادي أن تنزلق الأمور لصدام عسكري. ألمانيا دعمت منظمات المجتمع المدني والكثير من الفعاليات المحلية بهدف إيجاد مخارج سلمية لهذه الأزمة"، يوضح اليافعي. ويضيف قائلا: "كان لي لقاء مع المبعوث الأممي السابق لليمن وأخبرني أن ألمانيا أكثر طرف خارجي يحاول أن يحل الأزمة في اليمن." ولكن الدور الألماني قد تعترض عليه دول التحالف لأن برلين انتقدت على الدوام الحرب في اليمن الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها قوات التحالف خصوصا في حق المدنيين.
مشاركة :