وجهت بريطانيا مجدداً أصابع الاتهام إلى روسيا في حادثة تسميم شخصين بغاز الأعصاب «نوفيتشوك» في قرية قرب مدينة سالزبوري، فيما رفضت موسكو الاتهامات البريطانية بتورطها في الحادث، وأعرب الكرملين عن «قلق عميق» من أخبار مزعجة للغاية». أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في برلين، أن الشرطة «ستبذل كل ما في وسعها» لتوضيح حالات التسمم الجديدة، معتبرةً أنه «أمر مقلق للغاية». ودعا وزير الأمن بن والاس موسكو إلى «المساعدة في التحقيق وإعطاء السلطات المعنية معلومات من أجل سلامة المواطنين»، فيما دعت الخارجية الروسية أجهزة الأمن البريطانية إلى بدء عمل مشترك حول أحداث سالزبيري وإمسبوري. وأكدت بعثة روسيا الدائمة في منظمة منع انتشار الأسلحة الكيماوية في هولندا، أن «من الحماقة» افتراض أن روسيا استخدمت «نوفيتشوك» «من جديد» في أوج المونديال. وكان البريطانيان دون ستورغيس (44 سنة) وتشارلي رولي (45 سنة)، نقلا السبت الماضي إلى المستشفى في حالة حرجة، بعد العثور عليهما فاقدي الوعي في إيمزبري، على مسافة بضعة كيلومترات من سالزبوري. وقال قائد شرطة مكافحة الإرهاب نيل باسو: «تلقيت نتائج التحاليل من بورتون داون (مركز الأبحاث العسكري) وتظهر أن الشخصين تعرضا لغاز الأعصاب نوفيتشوك الذي تصنعه روسيا بعد احتكاكهما بغرض ملوث». ورداً على سؤال عما إذا كان يعتقد بأن روسيا مسؤولة عن الحادث الجديد قال باسو إنه «بناء على أدلة سابقة في محاولة اغتيال (الجاسوس الروسي السابق سيرغي) سكريبال وابنته، وعلى معلومات تؤكد أن موسكو طورت نوفيتشوك، وعلى برنامج اغتيالات طبّقته في السابق، وهو سياسة رسمية، وبناءً على دوافع لديها (لارتكاب هذه الأعمال) فإننا نجزم بأن الدولة الروسية كانت وراء الهجوم الأول». وكشف أن «التحقيقات الأولية تفيد بأن الحادثة الجديدة مرتبطة بالسابقة بشكل ما، ولكن لم تكن الضحيتان مستهدفتين مباشرة». ورأى أن «بإمكان الحكومة الروسية تصحيح الخطأ، وتوضيح ما حصل، والمساعدة في التحقيق». وزاد :»أنا أنتظر مكالمة من موسكو». إلى ذلك، رأس وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد اجتماعاً طارئاً أمس، لوحدة مكافحة الإرهاب (كوبرا) وطمأن الأهالي إلى أن «الخطر ضئيل على الصحة العامة». وأشار إلى أن «التوجه الحالي للتحقيق يفترض أن الحادث كان بطريق الصدفة وليس هجوماً ثانياً على غرار ما تعرض له سيرغي ويوليا سكريبال في سالزبوري». ونفى الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الحصول على معلومات من السلطات البريطانية عن الحادث الجديد، موضحاً أن «ليس لدينا معلومات حول المواد المستخدمة وكيف استُخدمت»، وأكد أن «من الصعب فهم ما يحصل من تقارير وسائل الإعلام». وأشار الناطق باسم الكرملين إلى أن بريطانيا لم تبد اهتماماً بإجراء تحقيق مشترك بعد الإصابة بغاز الأعصاب في مدينة سالزبري في آذار (مارس) الماضي، ولفت إلى أن الجانب الروسي «اقترح منذ البداية إجراء تحقيق مشترك مع الجانب البريطاني من أجل تعزيز الأمن في هذا المجال»، معرباً عن أسفه لأن «هذا المقترح مازال من دون جواب حتى الآن». ودعت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «الجهات الأمنية البريطانية إلى عدم المضي في اللعبة السياسية القذرة، التي عملت وفقها بعض القوى في لندن، والبدء بتحرك مشترك مع الجهات الأمنية الروسية». وشدد رئيس لجنة شؤون الدفاع في مجلس النواب الروسي فلاديمير شامانوف على «ضرورة إجراء تحقيقات مهنية»، مؤكداً أنه «لا يمكن الاكتفاء بقدرات الأجهزة المختصة البريطانية في إجراء التحقيق». وحض الاستخبارات البريطانية على «بدء تحقيق مهني، مع إشراك خبراء روس فيه عند الضرورة». وحذر البرلماني الروسي من أن «المزايدات في قضية سكريبال أوجدت حالة قد يبرز فيها من يريد إثارة مزيد من الضجة»، مؤكداً أن موسكو «لا ترغب في تطور سلبي للأحداث». ويأتي الكشف عن الحادث الجديد بعد نحو أربعة أشهر من حادث تسميم العقيد السابق في المخابرات الروسية سيرغي سكريبال في مدينة سالزبري البريطانية مع ابنته يوليا. وحملت السلطات البريطانية روسيا مسؤولية الحادث، وهو ما نفته موسكو مراراً. وتسبب الحادث في أكبر أزمة ديبلوماسية بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة، وتبادل فيها الطرفان طرد عشرات الديبلوماسيين. وخرج سكريبال (67 سنة) وابنته يوليا من المستشفى بعد تعافيهما من هجوم تقول بريطانيا إن روسيا دبرته باستخدام غاز نوفوتشيوك السام.
مشاركة :