كل الوطن- متابعات- جريدة الحياة: أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر (حكومي)، مساء الأربعاء الماضي قراراً يقضي بوقف النشر في كل ما يتعلق بمستشفى 57357. وطالب جميع الأطراف بالتوقف عن الكتابة في الموضوع ووقف بث البرامج المرئية والمسموعة التي تتناول هذا الموضوع إلى حين انتهاء اللجنة الوزارية من التحقيقات التي تجريها حالياً وإعلان نتائجها، وأن يكون التعامل مع أي جديد بتقديمه للجهات القضائية أو لجنة التحقيق أو النشر من خلال المجلس الأعلى. وأثار القرار حالاً من الجدل وردود أفعال غاضبة في الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية نظراً إلى كونها المرة الأولى التي يصدر مثل هذا القرار من جهة غير قضائية، إذ أن النائب العام المصري هو المخول إصدار حظر النشر في القضايا المختلفة، والتي غالباً ما تأتي لاعتبارات الأمن القومي وفي قضايا معدودة ومحدودة. وانتقد صحافيون مصريون قرار المجلس معتبرين أن سلطاته تنحصر في انتهاكات محددة كإعلان أو مادة صحافية تحتوي على جريمة مهنية بعينها وليس معلومات متداولة، ويأتي ذلك بناء على تحقيق يؤكد الانتهاك، معتبرين أن قرار وقف حملة صحافية يشكل حجباً للمعلومات وليس وقف انتهاك، واعتبروه وسيلة للهيمنة الكاملة على الإعلام وفرض الوصاية عليه. وتعود الوقائع إلى وقت سابق، حين وجهت وسائل الإعلام المصرية اتهامات بالفساد إلى إدارة مستشفى «57357» المتخصص في علاج سرطان الأطفال، والتي بدأت بسلسلة من المقالات كتبها الصحافي أسامة داود، إضافة إلى سلسلة أخرى من المقالات للكاتب وحيد حامد على صفحات «المصري اليوم»، موجهاً اتهامات بالفساد واستغلال السلطات والتبرعات لإدارة المستشفى، وانتقلت القضية المثارة إلى الشاشات المصرية. وأدت الاتهامات إلى اتخاذ وزراة التضامن الإجتماعي عدداً من الإجراءات بينها تشكيل لجنة للتحقيق وفحص أعمال المستشفى، ووضع البنك المركزي شروطاً جديدة لحملات التبرع، بينما تقدم برلمانيون بمشروع قانون لإنشاء هيئة للإشراف على التبرعات. ونفى رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد لـ «الحياة» أن يكون المجلس بذلك يتعدى أو يمارس السلطات المختص بها النائب العام، وقال:»لا نمارس أي مهمة تتعلق بالسلطة القضائية، كما نحترم آراء وحيد حامد وكل المنتقدين ولا نعتقدها خاطئة ويمكن أن تكون صحيحة، لكننا نحاول تقصي الحقائق وإعطاء لجنة التحقيق المختصة فرصة للعمل في أجواء أكثر هدوءاً والخروج بنتائجها إلى الرأي العام، لا سيما أنها ليست لجنة قضائية، منوهاً بأن حظر النشر ضرورة للحفاظ على مؤسسات كبيرة ذات سمعة عالمية. وحول قانونية القرار ومدى صلاحيات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في إصداره، أوضح الخبير في التشريعات الإعلامية إيهاب سلام لـ «الحياة» أن «القانون يعطي بعض الجهات سلطات وصلاحيات لكنها ليست مطلقة اليد، ودائماً تكون محل مراجعة أو رقابة أو تظلم»، لافتاً إلى أن ذلك ناتج من أن الاختصاصات الواردة في القانون والممنوحة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تسمح بالتأويل وجاءت في صورة صيغ مطاطية، ومنحت المجلس صلاحيات في ضبط الأداء ومتابعة الصحف والقنوات التلفزيونية عبر ألفاظ مطاطية، لكنه يبقى قراراً إدارياً يجوز التظلم منه والطعن به. وأضاف سلام أن قرار منع النشر في تحقيقات هو سلطة النائب العام، ومن ثم فهناك تجاوز وتعدٍ صادر من جهة إدارية وليست قضائية وهو ما لا يحق لها القيام به، كما أن الحق في المنع ينبغي أن يأتي لأسباب واضحة وليس لاحتمالات». وأكد سلام أن الأصل هو إتاحة الحريات والاستثناء هو القيد ولا بد من إيضاح الأسباب ولا تكون وفقاً للأهواء.
مشاركة :