دبي:أمل سرور «الثروة ليست ثروة المال، بل هي ثروة الرجال، ولا قيمة للمال إذا لم يسخر لخدمة الشعب».وحدها فقط تلك الكلمات التي قالها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، نبدأ بها سطورنا المقبلة. تلك العبارات البسيطة في شكلها، والعميقة في مضمونها، عندما تتأمل حروفها يزيد يقينك بالفلسفة والحكمة التي قامت عليها دولة مثل الإمارات، استطاعت بجدارة وبكفاح أن تُحقق المعادلة الصعبة، نجحت باقتدار في أن تحفر لنفسها اسماً وكياناً، فحققت الأرقام القياسية بين دول العالم في كافة المجالات المرتبطة بالتقدم والتكنولوجيا، واحتفظت بتاريخها وعبقها الشرقي الأصيل.وحدها كلمات الشيخ زايد التي حفرت الصخر، وتحدّت الصعاب، ورسمت المستقبل، التي طاردتني طوال جولتي عبر دروب الجمال والتألق، وحدها كانت خير رفيق عبر أروقة الإبهار والاندهاش في منطقة «السيف» بإمارة الأرقام القياسية، دبي. تلك الوجهة المائية العالمية المستوى التي افتتحتها شركة «مِراس» والتي تمتد على طول 1,8 كيلومتر على خور دبي، منطقة السيف التي صممت لتبرز الدور الحيوي الذي لعبه خور دبي في صياغة ثقافة وتراث المدينة وماضيها وحاضرها. ها هي بدأت تلوح لنا عندما اقتربت السيارة من منطقة الفهيدي التراثية، سرعان ما تلمح ذلك المؤرخ المائي الذي ما زال يحتفظ بأسرار الأجداد، ولا يسردها سوى راسم صور وحكايات لا تفارق الذاكرة، تتأمل ذلك المكان الذي يعد الأقدم في شبه الجزيرة العربية، ألا وهو الميناء الطبيعي الأول في مدينة الأرقام القياسية، والذي لم يكن يوماً ممراً مائياً فحسب، بل إنه أسطورة عمرها أكثر من 1000 عام.تفيق من حالة تأملك فتجد نفسك وجهاً لوجه أمام التاريخ الذي يسرد حكاياته ويحكي أساطيره عبر جدران منطقة السيف، التي تمثل دعوة لاستكشاف قلب دبي التاريخي الذي كان مركزاً يقصده صيادو السمك واللؤلؤ، والنساجون والتجار. مع أولى خطواتك تستطيع أن تلحظ أن واجهة السيف تضم قسمين، تراثياً ومعاصراً ويتصلان بمجموعة من الأزقة والممرات التي تمتلئ بالمتاجر والمقاهي والمطاعم، بالإضافة إلى مجموعة من الفنادق، وسرعان ما تلحظ رصيف اليخوت الضخم، بجانب الأسواق التقليدية والعائمة.مجموعة من السائحين جذبتهم المنطقة، وربما لفت نظرهم حديث مرافقهم الذي راح يشرح لهم طبيعة منطقة السيف، قائلاً: إن هذا التصميم المعماري للمنطقة مستوحى من مسيرة التطور المستمرة لإمارة دبي من قرية للصيادين إلى مدينة لها مكانتها المميزة عالمياً، خاصة أن المنطقة تطل على مشاهد القوارب القديمة «العبرة» التي تمضي فوق مياه الخور.راح المرافق يتحدث وراحت أعين السائحين مشدوهة أمام مياه الخور التي تطل عليها مياه السيف، حتى منتصف القرن الماضي لم يكن في دبي شبكة طرق رسمية - والكلام على لسان المرافق - بل إن طرقها كانت عبارة عن ممرات ترابية ضيقة لا تسمح بمرور السيارات، لذلك كانوا يستخدمون الحمير أو الجمال للتنقل، ولأنه لم تكن لديهم جسور على الخور لتصل بين شطري دبي، فقد كان على البشر أن يتحمّلوا رحلة صعبة للانتقال من ضفة إلى أخرى، وذلك بالدوران حول نهاية الخور. وكان يمكنهم أيضاً التنقل بواسطة العبرة، وهي ذلك القارب الصغير الذي ينقل الناس من ضفة إلى أخرى، واستخدم الناس عبرة خاصة تنقلهم إلى السفن الراسية بعيداً عن سواحل الخور، هكذا كان الخور شرياناً لحياة المدينة قديماً وحتى الآن. نظرة متأملة بعيداً عن السائحين ومرافقهم الذي راح يكمل الجولة بخوض غمار تجربة ركوب العبرة، تستطيع أن تلحظ تلك الساحة المخصصة للفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية والتي نجحت بجدارة في أن تستقطب الجماهير إلى وجهة كانت في الماضي تشكل مقصداً لصيادي السمك واللؤلؤ والنساجين والتجار.وعن الفنادق حدّث ولا حرج، فحرصت شركة «مراس» أن تكون الفنادق في منطقة السيف ذات صبغة تراثية قديمة، بالإضافة إلى الفنادق العصرية، واللافت للنظر أيضاً هو كم المتاجر الشعبية التي تعرض الأزياء الإماراتية التراثية القديمة والتي يتهافت الزائرون على شرائها، بجانب المتاجر الفخمة العصرية التي تعرض أحدث وأفخم الماركات العالمية.وقبل أن تغادر السيف عليك ألا تنسى أن تستغل فرصة وجود ممشى بطول 1.8 كم، لتمارس رياضة المشي أو ركوب الدراجات أو للتنزه والترفيه مع أسرتك في تجربة مميزة تجمع بين التراث الأصيل والحاضر الفريد.
مشاركة :