المتنمرون يرون أنفسهم أبطالاً خلف الشاشات.. ونسبة ضحاياهم 33% من مستخدمي التواصل الاجتماعي ظاهرة حديثة أصبحت شائعة بشكل متزايد وخاصة بين المراهقين الذين يمارسونها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ظاهرة «التنمر الإلكتروني»، أو إصرار شخص ما على مضايقة الاخرين من خلال الشبكة العنكبوتية، وذلك بانتحاله لشخصية وهمية لمطاردة ضحاياه، وقد تصل المضايقات إلى التهديد بنشر الشائعات والمعلومات الشخصية وما إلى ذلك من اساليب التهديد الرخيصة. ومن خلال استبانة تم عملها خصيصا على 852 شخصا لقياس مدى علمهم بهذه الظاهرة، أكد 65% منهم علمهم بها، فيما أقر 33% من أصل 281 شخصا تعرضهم للمضايقة والضرر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وسوء استغلالها من قبل بعض الشباب الذين يمارسون مختلف الموبقات تحت مسمى الحرية، فيما أكد 2% عدم اهتمامهم بمواقع التواصل الاجتماعي. ونظرًا إلى انتشار هذه الظاهرة، وبهدف تعريف الناس بها لأخذ حذرهم، ارتأينا ضرورة التطرق إلى هذا الموضوع الشائك مع مختصين وشباب تعرضوا للابتزاز ورصدنا اجاباتهم خلال التحقيق التالي. كانت البداية مع د. أحلام القاسمي أكاديمية في جامعة البحرين (تخصص علم الاجتماع) التي اكدت أن ضحايا هذه الظاهرة قد يشعرون بعدم احترامهم لذاتهم، وتزداد لديهم فكرة الانتحار، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الاضطرابات العاطفية، بما في ذلك الشعور بالخوف، والإحباط، والغضب، والاكتئاب، ما يعني ان هناك حاجة ملحة للحد من هذه الظاهرة عبر سن القوانين ونشر التوعية المجتمعية والأهم عبر التربية الأسرية، ويمكن للتربية الأسرية ان تكون عامل توعية للمراهقين الذين يمارسون التنمر الإلكتروني عبر مراقبة سلوك الاولاد إلكترونيا، ولكن الأهم هو تركز التوعية على أهمية احترام الآخرين، وعدم مضايقتهم، وأن يغرس الاهل في نفوس الابناء ان احترام الآخرين وخصوصياتهم هو جزء من احترامنا لأنفسنا وعدم التفريط في خصوصياتنا. إذلال المتلقي فيما أكد المحامي أرحمه بن خليفة «إن هذه المضايقات تشمل الاتصالات التي تسعى للترهيب والتحكم والتلاعب والقمع وتشويه السمعة زورًا أو إذلال المتلقّي، وبالإضافة إلى الأفعال المتعمدة والمتكررة ذات السلوك العدائي بقصد إيذاء شخص آخر، اي عندما يتم استخدام الإنترنت والجوالات أو الأجهزة الأخرى لإرسال أو نشر نص أو صور بقصد إيذاء أو إحراج شخص آخر فقد يكون المتنمر شخصا يعرفه المستهدف أو شخصا غريبا على شبكة الإنترنت. وقد يكون شخصا مجهول الهوية ويطلب المشاركة من أشخاص آخرين على شبكة الإنترنت والذين لا يعرفون المستهدف شخصيا». وأضاف، لا يوجد قانون خاص لمعاقبة المتنمر، وإنما تتم محاسبته على الفعل المخالف، فمثلا من يقوم بابتزاز شخص بنشر صور أو مقاطع فيديو أو معلومات سرية تخص المبتز نكون هنا بصدد جريمة الابتزاز المعاقب عليها بقانون العقوبات البحريني في نص المادة 363 على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار، ولا بد من الجهات المختصة توعية أفراد المجتمع وأولياء الامور على هذا النوع من الجرائم وخطورتها على الفرد والمجتمع ووضع قوانين أكثر صرامة للحد منها. مسؤولية الأهل وعن اسباب هذا التنمر، قالت مديرة مركز شريفة سوار للإرشاد والتوجيه والعلاج النفسي والسلوكي الدكتورة شريفة سوار: «المتنمر» يحس بإحساس كبير بالوحدة وبأنه ليس محبوبا من قبل الاخرين، ولا يملك المهارات الحياتية ليكسب الاصدقاء، ويرجع ذلك إلى والديه الذين يستخدمون اسلوب الاخافة والتهديد من الاصدقاء الذي يسبب له خوفا لكسب الاصدقاء، فيستخدم نفس الاسلوب حتى يكون بطلاً يختبئ خلف الشاشات، ويهدد الناس لكي يرضي غروره والعدوانية التي بداخله، وبسبب السلوك العدواني ليلفت الانتباه فينفر الناس منه، وعند عدم وجود شخص يشاركه اهتماماته وأفكاره التي فيها الكثير من الجنوح والفوقية والمبالغة يعتقد أنه بطل وفاز بالحروب، فماذا يفعل؟ يبدأ أولا باستخدام الالفاظ البذيئة، الذي تبعد الناس عنه لأنهم لا يتقبلون هذه الالفاظ، وهذا يجرح الفوقية التي بداخله ويسأل نفسه كيف يبتعدون عني انا؟ فيرجع إلى نفس الاسلوب ويرسل نظرات غاضبة ويرفع صوته ويسبب الألم والضيق لمن حوله ويستخدم ايضا الضرب، أو يعرقل اي شخص فقط كي يضحك الموجودين عليه. ويستخدم الآن كثيرا في البريد الإلكتروني والواتساب، بحيث يقومون بالاستهزاء والازدراء وإرسال الفاظ بذيئة وفي المجموعات الجماعية يقوم بالتشويش على الاخرين ليشاركوه السخرية ويصل إلى حياكة المؤامرات. والمتنمر حتى يرضي غروره يتجاهل أناسا معينين ويحرض الناس لكرهه، ويرفض عرض الصداقة وهو من داخله يتمنى ذلك. ووجهت د. شريفة نصيحة إلى الاهل قائلة: حتى نوقف كل أنواع التنمر أولا يجب على الوالدين ان يتوقفوا عن استخدام اسلوب التهديد في المنزل حتى لا يستخدمه الابن للوصول إلى أهدافه، ويجب معاملته كإنسان محترم حتى يتركوا لديه احساسا بأهميته في المنزل، ووقف النصائح واستخدام الألعاب للتقرب منه والضحك معه من دون استهزاء مع الاهتمام بتعليمه بعض المهارات الحياتية. ألفاظ بذيئة روت الطالبة فاطمة السموم، وهى إحدى اللواتي تعرضن لهذا النوع من التنمر، تجربتها قائلة: التنمر الذي تعرضت لهُ منذ سنتين على أحد مواقع التواصل الاجتماعي (الانستقرام) من قبل بعض الزملاء بالمدرسة الذين لا اعرف اشخاصهم بالتحديد، ولا ما هي غايتهم بهذا التصرف، وقد قاموا بانتحال شخصيتي ونشر صوري التي أضعها على حسابي في الانستجرام، ولم يخيفني ذلك لأنهم كانوا يطلبون مني ان أعتذر وأتوسل إليهم من اجل لا شيء، ووصلوا إلى حد ان بدؤوا يتحدثون مع عائلتي وأصدقائي، ويستغلون اسمي في التحدث مع الغرباء بألفاظ بذيئة، وواجهت هذا التنمر بالاستعانة بالجرائم الإلكترونية، فتقدمت ببلاغ لإخلاء مسؤوليتي عن الحساب الوهمي الذي يستغلون فيه اسمي لتشويه صورتي لدى معارفي، ولم اعير اي اهتمام للابتزاز الذي يصلني، فتوقفت تلك الجماعة عن تهديدي وابتزازي بعد فترة امتدت تقريبا إلى خمسة اشهر، وكنت بانتظار رد الجرائم الإلكترونية لكنهم لم يساعدوني بشيء وتواصلوا معي تقريبًا بعد 9 أشهر من التنمر وذلك لم يفد بشيء. التنفيس عن الغضب وقال عيسى علي: البعض يسيء استخدام برامج التواصل الاجتماعي في الاساءة إلى الاخرين، وما حدث معي بأني تعرضت للتنمر عندما عبرت عن رأيي في التويتر عن برنامج تلفزيوني، وتفاجأت بالردود التي كانت حتى من اشخاص لا يتابعون صفحتي على التوتير وكانت الردود مسيئة جدا، لم اكن اعلم ما سبب هذا التنمر هل كان بسبب عدم موافقتهم لرأيي أو ان هجومهم له دافع آخر؟ قد يكون بسبب تعرضهم لمشاكل وضغوط اسرية أو في العمل ويريدون ان ينفسوا عما بداخلهم من الغضب من خلال هذه الوسائل، ومن يمارس هذا التنمر هو شخص في الواقع لا يستطيع ان يعبر عن رأيه، وهذه الردود اصابتني بحالة نفسية وإحباط شديد وكنت أسأل نفسي ما الذي فعلته؟ فكل ما كتبته مجرد تعبير عن الرأي! ووصلت إلى التفكير بأن احذف هذا البرنامج أو ان امسح التغريدة، وبعدها تراجعت عن ذلك فلست انا المخطئ، وحتى أوقف هذا التنمر قررت ان اتجاهله الا اني كنت افكر في الموضوع لساعات كثيرة فكيف لهؤلاء ان يسيئوا لشخص لا يعرفونه من الاساس؟! والحمد الله تخلصت من هذا التنمر، وأنصح الجميع بأن يتجاهلوا ولا يردوا الاساءة بالإساءة فالتنمر الإلكتروني يبقى أثره النفسي على المدى الطويل. أما أسماء فقالت انها تعرضت لتنمر لفظي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وواجهت هذا بإبلاغ اهلها الذين نصحوها بدورهم بإبلاغ الشرطة إلا ان هذا التنمر لم يستمر طويلا.
مشاركة :