ونحن على نهاية الجزء الأخير من مونديال كأس العالم في روسيا والذي جذب اهتمام شعوب العالم جميعا عدا الشعب الأمريكي الذي لا يهتم كثيرا بمسابقة كأس العالم لكرة القدم؛ لأنها ليست اللعبة الشعبية في الولايات المتحدة، ولا يلتفت القراء كثيرا للمقالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال فترة مسابقة كأس العالم، وقد يكون لهم الحق؛ لأنها اللعبة الوحيدة التي تجمع اهتمام شعوب العالم، وتمشيا مع هذا الاهتمام لمعظم القراء فإنني اليوم لن أخرج عن خطي في الكتابة الاقتصادية ولكنني سأركز على اقتصاديات كرة القدم في العام الماضي والمردود الاقتصادي على الفرق المشاركة في بطولة كأس العالم هذا العام 2018م في روسيا، حيث صدر تقرير من نظام تطابق الانتقالات الخاص بالاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يوضح أن الأندية الكروية في العالم أنفقت 6.37 مليار دولار أمريكي خلال عام 2017م بزيادة مقدارها 32.7% مما أنفق العام الماضي، وبزيادة 50% عن العام الذي يسبقه في شراء وبيع لاعبين من أندية أخرى، وكان من أبرزها اللاعب البرازيلي (نيمار) الذي كلف انتقاله إلى (باريس سان جرمان الفرنسي) مبلغ 222 مليون يورو؛ يعني حوالى أكثر من ألف مليون ريال سعودي، وكذلك تم ضم الفرنسي (عثمان ديمبيلي) لبرشلونة مقابل 105 ملايين يورو بالإضافة إلى 42 مليونا حوافز ومكافآت، وضم البرازيلي (فيليبي كوتينيو) من ليفربول الإنجليزي إلى النادي (الكاتالوني) مقابل 120 مليون يورو إضافة إلى 40 مليون يورو حوافز.ولكن الأكثر إنفاقا على شراء اللاعبين هو أندية الدوري الإنجليزي الممتاز؛ إذ تم إنفاق حوالى 1.64 مليار دولار في عام 2017م وتأتي فرنسا في المركز الثاني بـ 860 مليون دولار، ثم إسبانيا 730 مليون دولار، ثم ألمانيا 722 مليون دولار وإيطاليا 654 مليون دولار، أما البرازيليون فهم الأكثر طلبا لأندية العالم وهي أكبر مدرسة تخرج اللاعبين المحترفين في العالم حيث انتقل 1755 لاعبا برازيليا ليلعب في أندية دولية، ويمثل لاعبو البرازيل والأرجنتين وكولومبيا 20% من إجمالي حجم الانتقالات العالمية.أما عن اقتصاديات اللعب في مباريات كأس العالم هذا العام في روسيا حسب قرار الفيفا فهي موزعة حسب جدول الجوائز المالية لكأس العالم 2018م فجائزة الفائز من دور المجموعات أول مجموعة يحصل على 8 ملايين دولار ومجموع جوائز هذه الفئة 128 مليون دولار أمريكي.أما الفائز في دور الـ 16 فيحصل على 12 مليون دولار بإجمالي جوائز للفائزين في هذه الفئة 96 مليون دولار، أما مجموعة الربع النهائي فيحصل كل فائز على 16 مليون دولار بإجمالي للفائزين 64 مليون دولار، أما الحاصل على المركز الرابع فيحصل على 22 مليون دولار ويحصل الفائز في المركز الثالث على 24 مليون دولار، أما الوصيف أي الثاني فيحصل على 28 مليون دولار، أما البطل الفائز بالكأس فيحصل على 38 مليون دولار أمريكي، ويصبح إجمالي الجوائز المقدمة من الفيفا 400 مليون دولار أمريكي للفرق الفائزة.وبعد هذا الرصد الإحصائي عن حجم الإنفاق على لعبة كرة القدم فقط لشراء اللاعبين والمكافآت المدفوعة للفرق الفائزة في مسابقة كأس العالم، يضاف لها كما كتبت في بداية المونديال أن روسيا تخطط للحصول على ثلاثة مليارات دولار من تنظيم كأس العالم.وفي المقابل يواجهنا تقرير البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية بعنوان (تقرير الرصد العالمي لعام 2017) تتبع التغطية الصحية الشاملة ويدور التقرير حول علاقة الصحة بالفقر والعكس، ويؤكد أنه من المستحيل القضاء على مشكلة الفقر في العالم بحلول عام 2030م ما لم يحصل جميع سكان العالم على الرعاية الصحية المناسبة والكفؤة، حيث إن عدم قدرة الكثير من سكان الدول الفقيرة على دفع تكاليف العلاج يحرمهم من الحصول على الرعاية الصحية، وبقراءة من التقرير استوقفتني بعض الأرقام أعرضها اليوم وهي أن عدد الفقراء في العالم قد وصل إلى حوالى مليار و700 مليون شخص، وأن نصف سكان العالم لا يحصلون على الخدمات الصحية الأساسية، وأكثر من مليار شخص يعانون من ارتفاع ضغط الدم غير المعالج، و200 مليون امرأة ليس لديهم الفرصة للحصول على خدمات صحية، و180 مليون نسمة سنويا ينضمون إلى صفوف الفقراء باستخدام حد 3.1 دولار للفرد يوميا، و800 مليون شخص ينفقون أقل من 10% من ميزانيات أسرهم للرعاية الصحية.هذه المقارنة بين دخل الأندية الرياضية وحالة الفقر في العالم أليس من الأجدى على الفيفا أن تقترح توزيع نصف جوائز الأندية المشاركة في كأس العالم وهي حوالى 400 مليون دولار إلى صندوق الفقر العالمي تحت أشراف الأمم المتحدة، وفرض رسوم 25% من قيمة شراء اللاعبين توجه إلى صندوق الفقراء في الأمم المتحدة أي حوالى مليار ونصف مليار دولار سنويا إذا أخذنا بالاعتبار أن مجموعها ستة مليارات سنويا.* كاتب اقتصادي سعودي
مشاركة :