الرياض - وكالات: أشار مراقبون إلى أن الكاتب السعودي دحام العنزي لا يمثل صوتاً نشازاً في الترويج للتطبيع مع إسرائيل فهذا المد بدأ يتصاعد مدفوعاً بتوجه شبه رسمي ووفق خطة إعلامية تميّع طبيعة الصراع، وتروج لولي العهد باعتباره «رجل السلام». وقال الكاتب السعودي دحّام العنزي في مقال بعنوان «نعم لسفارة إسرائيلية في الرياض وعلاقات ضمن المبادرة السعودية «بصحيفة الخليج الإلكترونية السعودية، إن ولي العهد لن يتردّد لحظة واحدة في إلقاء كلمة بـالكنيست الإسرائيلي إذا وُجّهت له دعوة لذلك، داعياً إلى تبادل السفارات بين الرياض وتل أبيب. وقال «نحن وإسرائيل في خندق واحد»، معتبراً أن «صانع سلام» مثل ولي العهد لن يتردد لحظة واحدة في قبول دعوة من رئيس الوزراء الإسرائيلي إذا اقتنع بأن هناك رغبة إسرائيلية حقيقية ورأى شريكاً حقيقياً على حد تعبيره. ويأتي كلام العنزي في سياق الحديث المتواتر إعلامياً في السعودية عن العلاقات مع إسرائيل ومقاربتها إيجابياً من باب أن «المصلحة» تقتضي أن تصبح تل أبيب حليفاً في مواجهة الخطر الإيراني. وعلى عكس المقاربة التاريخية للصراع العربي الصهيوني والقومية والدينية يعتبر العنزي- وعدد من المثقفين السعوديين الذين أدلوا بدلوهم في الموضوع- أن الصراع مع إسرائيل هو صراع حدود، بينما «صراع الوجود مع إيران والعثمانيين»، حيث أدرجوا تركيا ضمن محور الأعداء وفق تصوراتهم. ومنذ صعود نجم ولي العهد بدأ الحديث المباشر والعلني عن التطبيع، ونحا بعض المثقفين المحسوبين على السلطة إلى تفكيك المقاربات السابقة للتطبيع، وإحالة أسباب الصراع العربي الإسرائيلي إلى «العقدة النفسية»، وهي المقاربة نفسها التي اعتمدها الرئيس الراحل أنور السادات في زيارة القدس في 19 نوفمبر 1977، ثم توقيع اتفاقية كامب ديفد في سبتمبر 1978. وإضافة إلى مدير الاستخبارات السابق تركي الفيصل، وأنور عشقي الكاتب والضابط السابق والمحلل الإستراتيجي، فقد انبرت أقلام سعودية عديدة للتنظير للعلاقات «الإيجابية» مع إسرائيل، وزادت جرعة الترويج للتطبيع ومساحته الإعلامية متزامنة مع تقارير إسرائيلية وغربية عن خطوات رسمية في شكل زيارات واجتماعات ومشاريع مشتركة، وتدور كلها حول شخص ولي العهد. واشتهر عشقي -الذي عقد لقاءات عدة مع إسرائيليين بعضها في تل أبيب- بتصريحاته التي تتقرب من إسرائيل، إذ يقول «تل أبيب لم تقصفنا أو تشتمنا لماذا عداؤنا لها»، مؤكداً أن «عداء المملكة لإسرائيل هو فقط تضامني مع الفلسطينيين لا أكثر ولا أقل» وفق تعبيره. وفي السياق نفسه يمضي الكاتب والمحلل السياسي تركي الحمد، إذ يرى من وجه تفكيره المحدود أن بلاده لن تدعم «قضية أهلها تخلوا عنها وباعوها»، في إشارة إلى الفلسطينيين، مؤكداً أن القضية الفلسطينية لم تعد قضية العرب الأولى، وأضحت «شرعية مزيفة». واشتهرت تدوينات وتغريدات لإعلاميين كتاب من أمثال أحمد الفراج، ومحمد آل شيخ، وعبد الرحمن الراشد الذي دعا لإعادة النظر في مفهوم علاقات المملكة مع فلسطين وإسرائيل». من جانبها رأت الكاتبة والناشطة سعاد الشمري في تغريدة لها أنه «آن الأوان لتجريب التعايش والسلام مع إسرائيل» وقال الكاتب أحمد بن سعيد القرني في تغريدة إن «اليهود يكنون لنا الاحترام ولم يعتدوا علينا.. أدعو الملك إلى فتح سفارة وتمثيل دبلوماسي عال..». ويتساءل الكاتب مساعد العصيمي في مقال له بصحيفة الرياض «هل هناك عدو أشد من إيران علينا وعلى بلادنا؟ وهل إسرائيل كما إيران في التهديد والتأثير والإقلاق وبث الحقد والكراهية؟». ومنذ تولي ولي العهد الولاية أصبح التطبيع يستند على خطط سياسية وإعلامية مدروسة، ويقوم أساساً على تهيئة الرأي العام السعودي لتوجه علني مقبل نحو علاقات رسمية مع إسرائيل، واعتماد خطط إعلامية متدرجة وممنهجة لإحلال مفهوم التطبيع، ونزع صفة الممنوع عنه ليصبح متداولاً وعادياً. وفي هذا السياق يجري دفع عدد من المشاهير من الإعلاميين وغيرهم، للإدلاء بموقفهم الداعم للتطبيع على وسائل التواصل الاجتماعي أو الصحف والفضائيات واعتباره أمراً طبيعياً، ومحاولة إقناع بعض العلماء والمشايخ وعدد من الدعاة المشهورين للتحدث بإيجابية عن إسرائيل والتطبيع معها، وتأسيس الجيوش الإلكترونية لدعم الموضوع والرد على الرافضين. وأشار مراقبون إلى أن ولي العهد يسعى لإخراج السعودية من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي مقابل بناء تحالف إستراتيجي مع إسرائيل لمحاربة إيران، « ويؤكد المغرد مجتهد أن «ولي العهد يوجه بتنفيذ حملة إعلامية وتويترية لتهيئة الرأي العام لعلاقات معلنة مع إسرائيل ومكافأة للإعلامي والمغرد الذي يبدع في هذه الحملة»، وفي المقابل يتعرض الناشطون المعارضون للتطبيع لحملة تجريم واعتقالات واسعة ومن أبرزهم مؤخراً الناشطة نهى البلوي. وفي إطار «تحطيم الحاجز النفسي»، لم يعد مستغرباً رؤية الوفود الإعلامية والرياضية- خاصة الإماراتية والبحرينية في القدس وتل أبيب- أو صور الناشط والصحفي الصهيوني «بن تسيون» داخل الحرم النبوي في المدينة المنورة. وترى المعارضة الدكتورة مضاوي الرشيد أن الرياض تعمل على تهيئة الشعب لقبول مبدأ التطبيع والتعاون مع إسرائيل، منتقدة بشدة ما سمته «التطبيع المفضوح». ويرى محللون أن الحملة الإعلامية الممنهجة المروجة للتطبيع في السعودية والمشفوعة بخطوات مماثلة في كل من الإمارات والبحرين تشبه ما حصل في مصر بعد حرب 1973، حيث انبرى إعلاميون إلى الترويج للسلام مع إسرائيل والتقارب مع واشنطن باعتبار أن 99% من أوراق الحل بيدها.
مشاركة :