حكمت محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية بتطليق بحرينية طلقة بائنة، بسبب اعتداء زوجها الدائم عليها بالضرب والسب والقذف والطعن في الشرف، كما أنه تفنن في إيذائها في أماكن حساسة بواسطة آلة حديدة. وقالت ابتسام الصباغ وكيلة المدعية ان موكلتها أقامت دعوى الاستئناف بطلب الحكم بتطليقها للضرر والهجران، أو طلاق خلع مقابل بذل المهر، وقالت ان موكلتها كانت زوجة بعقد شرعي، ورزقت من زوجها بثلاثة أبناء، ولكنه كان يعتدي عليها بالضرب والطعن في الشرف، وقدم ضدها بلاغات كاذبة، وله علاقة بأخريات، وعلى الرغم من ذلك رفع دعوى بطلب إلزامها بالالتحاق ببيت الزوجية، وصدر حكم أول درجة بإلزامها بالرجوع إلى منزل الزوجية وعدم الخروج إلا بإذنه، وهو ما دفعها الى الطعن على الحكم وتجديد طلبها بتطليقها للضرر والهجر، واحتياطيًا تطليقها للخلع بإزاء بذلها المهر. وأشارت ابتسام الى انها دفعت امام هيئة المحكمة بأن الحياة الزوجية بينهما أصبحت مستحيلة بسبب كثرة الخصومات القضائية، واعتدائه الدائم عليها بالضرب والسب والقذف والطعن في الشرف، وعدم إنفاقه عليها وهجرانه لها، كما أنه تفنن في إيذائها عبر إدخال آلة حديدة حادة في أماكن حساسة في جسدها، وتعمد أكثر من مرة في إبدال أقفال المنزل لمنعها من الدخول إليه، بما يؤكد وقوع الضرر عليها بنحو يستحيل معه استمرار الحياة الزوجية بينهما بالمعروف. وخلال جلسات المحاكمة أصدرت المحكمة حكمًا تمهيديًا، بإحالة الاستئناف للتحقيق ليتسنى للمجنى عليها أن تثبت بكل طرق الإثبات القانونية أن زوجها أضرَّ بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما بالمعروف، وصرحت له بالنفي بذات الطرق، وأشهدت الزوجة أولادها الثلاثة وشهدوا أنه كان يعتدي على أمهم بالضرب بالحزام وبأي شيء أمامه، ويجرها من شعرها بشكل يومي ويتهمها في شرفها، وعندما تحدثت مع أحد رجال الدين ليصلح بينهما اتهمها بعلاقة غير شرعية معه، وقام بطردها من الغرفة منذ خمس سنين، ورمى ملابسها في الخارج، بالإضافة إلى سبها دائما والشتم بألفاظ بذيئة وأنها من تنفق على نفسها من عملها وكانت تنام معهم منذ ذلك الوقت. وأشهد الزوج للنفي والده ووالدته وأشارا الى أنهما لما يشاهدا أنه اعتدى عليها بالضرب بل إنه في أحد المرات كانت عليه آثار الدم، وملابسه ممزقة وعندما سألاه عن ذلك أخبرهم بأن زوجته اعتدت عليه بالضرب، ولم يسمعانه يسبها، ولكنهما كانا يسمعان صراخهما، بسبب بعض المشاكل التي تحدث بين الطرفين، وأنه ملتزم بالإنفاق عليها وعلى أبنائه، وأنهما في احد المرات سمعا صراخها بسبب محاولة ابنها الاعتداء على والده بالسكين. وقدَّمت نائبة وكيل الزوج مذكرة دفعت بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها في الحكم والذي انتهى إلى رفض وتأييد الحكم المستأنف، وأدعت أن شهادة الأبناء ملقنة، وخاصة أن إحداهن لا تجوز شهادتها بسبب زواجها رغمًا عن والدها وبتحريض من والدتها. وأشارت ابتسام الصباغ وكيلة الزوجة الى أنها دفعت بالوقائع الجديدة بعد صدور الحكم السابق، حيث إن وكيلتها رجعت إلى بيت الزوجية إلا أن الزوج عمد بعد رجوعها لتقديم بلاغات كيدية ضدها أدت لجعلها تعيش في خوف وقلق كبيرين، وهجرها منذ ذلك الوقت، كما أنه تطاول عليها بالضرب والسب، كما أن نجلته لا يوجد عداوة بينها وبين والدها، وغاية الأمر أنها رفعت دعوى عضل عندما امتنع والدها من تزويجها، واستعملت الطريق الشرعي والقانوني في رفع الأمر إلى القضاء، وقد قضي لها بتأييد الاستئناف بإسقاط ولايته عنها. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها ان قانون الأسرة الواجب التطبيق فيما يتعلق بالقواعد الخاصة بالتفريق للضرر جعل للزوجة طلب التطليق للضرر الذي يتعذَّر معه دوام العشرة بين الزوجين، ولما كان الضرر الموجب للتفريق في حكم هذه المادة هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو الفعل إيذاء لا يليق بمثلها بما تعتبر معه معاملته لها في العرف معاملة شاذة تشكو منها ولا ترى الصبر عليها، وكان شرط الحكم بالتطليق أن يكون الضرر أو الأذى الواقع من الزوج على زوجته من شأنه أن يجعل العشرة بينهما مستحيلة. وأن معيار الضرر شخصي وتقديره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك تقديره لقاضي الموضوع، حيث عجزت المحكمة عن الإصلاح بينهما. وأكدت المحكمة أنه من البين أنه دائم التعدي عليها بالضرب المبرح والسب بألفاظ بذيئة من شأنها المساس بكرامتها وصيانة شرفها، وإهدار لسمعتها وسمعة أهلها جراء ما ارتكبه من القذف والطعن في الشرف، وهي بينة شرعية جاءت حسية ودقيقة واضحة الدلالة بالإضافة إلى البلاغات الكيدية التي أقامها عليها. وأضافت أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، فهو في غير محله ذلك لأن الأصل في الأحكام في مواد الأحوال الشخصية التي تقبل التغيير والتبديل بسبب تغير الظروف أن تكون ذات حجية مؤقتة لا تظل باقية إلا إذا كانت دواعيها وظروف الحكم بها لم تتغير، وأن من حق الزوجة أن ترفع دعوى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب وهو الضرر على أن تستند في ذلك إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها كما اطمأنت المحكمة إلى صحة شهادة الأبناء وأنها كافية لإثبات الضرر مضافًا للهجران الموجب للتطليق. ولهــذه الأسبــــاب حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بتطليق المستأنفة على المستأنف عليه طلقة بائنة للضرر، وإلزامها العدة الشرعية، ولا تحل للمستأنف عليه إلا بعقد ومهر جديدين، وليس لها الزواج من رجل آخر إلا بعد صيرورة هذا الحكم نهائيًا، وإيقاع صيغة الطلاق وانتهاء فترة العدة الشرعية ورفض الدعوى الأصلية لانعدام موضوعها بالتطليق.
مشاركة :