بفخرٍ شديد، وكأنه يفضّل أن يبقى رجل الظل حتى إشعار آخر، يتحرّك الفرنسي تييري هنري ضمن الجهاز الفني لمنتخب بلجيكا لكرة القدم، الذي أقصى ليل الجمعة - السبت نظيره البرازيلي مطيحاً بحلمه بلقب سادس، وذلك ضمن الدور ربع النهائي لكأس العالم المقامة في روسيا. ويشغل هنري (40 سنة) منصب المساعد الثاني للمدير الفني روبرتو مارتينيز، غير أن بصماته على تألّق «الشياطين الحمر» ليس وليد مباريات المونديال فقط. أما دوره المحوري، فسيكون محط الأنظار الثلثاء المقبل، عندما تلتقي بلجيكا وفرنسا في الدور نصف النهائي للمسابقة، حيث سيمثّل أفضلُ هدّاف في تاريخ «الديوك» (51 هدفاً في 123 مباراة دولية) «النيرانَ الصديقة» لمواطنيه. أدّى هنري دوراً مؤثراً في ورشة الإعداد للمنتخب البلجيكي، حتى في الثنائيات التحضيرية مع لاعبيه أمثال فنسان كومباني ورومولو لوكالو. وينظر الجهاز الفني البلجيكي إلى هنري باعتباره كنز معلومات من خلال الخبرة التي حصّلها مع منتخب بلاده والدورين الإسباني والإنكليزي، فضلاً عن حيازته دبلوم التدريب من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وهو يخوض تجربة كأس العالم الأولى فنياً بتركيز تام، موظِّفاً إنجازاته ليحقق لمنتخب بلجيكا نقلة نوعية، خصوصا أنه كان أول المنتخبات الأوروبية المتأهلة للمونديال. وسبق أن تُوّج هنري مع «الديوك» في مونديال 1998، وكان لا يزال وجهاً صاعداً، فضلاً عن دوره البارز في إحراز بطولة أوروبا وبطولة القارات، إضافة إلى مساهمته بفوز برشلونة في دوري أبطال أوروبا عام 2001، ومسيرته المظفّرة في آرسنال تحت جناح المدير القدير أرسين فينغر. ويؤكّد مارتينيز أن هنري عنصر أساس في الجهاز الفني، فـ «هو مفيد في كل لحظة، لأنه يستطيع بسهولة ترجمة ما يشعر به اللاعبون ويدرّبهم على تجاوز الضغوط». ويؤكّد مراقبون أن هنري ذو نظرة ثاقبة، ساهم في تطوّر الأداء الهجومي من ناحيتي التمرير والتمرّكز. دقيق في عمله يولي التفاصيل أهمية قصوى، فمثلاً لم يكن راضياً عن الفوز على تونس بنتيجة 5-2، مشيراً إلى تشتت في التركيز. وهو بالنسبة إلى لاعبين كثر مثالٌ وقدوة تطلّعوا لأن يبلغوها في بداية مسيرتهم. أما الوجه الآخر من مهمة هنري، فلا تقلّ أهمية لأنها محرّك للحيوية المنشودة. فهو صديق لغالبية اللاعبين من دون أن يتخلّى عن الوقار المفروض، ويبعث الطمأنينة والارتياح في نفوسهم، وله «يفضفضون» عن مشكلاتهم ويودعونه أسرارهم. وتوصف المباراة أمام فرنسا في نصف النهائي المونديالي بـ «نصف النهائي الكبير»، ويدرك الجانب الفرنسي جيداً أن المهمة صعبة، فـ «اللقاء معقّد جداً»، وفق تعبير اللاعب الدولي السابق ماكسيم بوسيس، لأن «البلجيكيين تقنيون حتى العظم». قبل المونديال الروسي، اتجهت الأنظار مرات صوب هنري ليتولّى مقدرات منتخب أو فريق كبير، وارتفعت أسهمه أكثر في ضوء نتائج المنتخب البلجيكي الأخيرة. لكنه يتحاشى التطرّق إلى المستقبل قبل نهاية البطولة، ويعتذر عن الرد حتى على عرض تجديد مهمته الحالية، كما كشف بارت فيرهاغي رئيس نادي «أف. سي بروج» والنائب الأول لرئيس الاتحاد البلجيكي لكرة القدم رئيس اللجنة التي تسمّي المدرّبين. وفي حين جدد مارتينيز عقده حتى عام 2020، نفى هنري في مستهل البطولة تواصل الاتحاد الإسباني معه ليقود «الروخا» بعد المونديال، وأوضح بديبلوماسية وتواضع: «إلى جانب مهمتي الحالية مع منتخب بلجيكا، استمتع بتحليل مباريات الدوري الإنكليزي على قناة سكاي سبورت، ولا أزال أكتسب وأتعلّم».
مشاركة :