إيمان عبدالله آل علي العالم الافتراضي مفتوح للجميع، ومن حق الكل أن يشاركوا بالمحتوى الذي يتناسب مع أفكارهم وحيواتهم وثقافاتهم وتوجههم ونظراتهم. وما يلفت النظر، المحتوى التافه الذي يشغل اهتمام الأغلبية في شبكات التواصل، وينال كمّاً هائلاً من التعليقات التي تكون في أغلبيتها انتقادات وسبّاً وقذفاً، حتى اعتاد البعض على تلك الممارسات الخطأ، وسبّ كل شخص لا يعجبنا سلوكه بكلمات جارحة. مهاترات كثيرة تحدث في تلك الشبكات بين المتابعين والمشاهير الذين نالوا هذا اللقب، لأنهم استطاعوا أن يحظوا بمتابعة الآلاف والملايين، وليس لأنهم حققوا نجاحاً يستحقون عليه تلك الشهرة، وبعض المهاترات في النهاية وصلت إلى القضاء، وما ينظم تلك العملية ويقلل من هذا الكم الكبير من القذف والسبّ، مطالبة الآخرين بحقوقهم، عبر رفع قضايا على الشاتمين والمسيئين. الحادثة الأخيرة، بأمر النيابة العامة في أبوظبي، بحبس أحد مشاهير مواقع التواصل، على خلفية نشره مقطعاً يظهر فيه وهو يوجه عبارات شتم وقذف بحق إحدى مشاهير التواصل، ما هو إلا دليل على أن عملية تنظيم المحتوى والتعليقات في تلك المواقع، سيضبطها القانون؛ فلو أن كل شخص أسيء إليه، طالب بحقه، فسيتأدب الجميع، ولن يتطاولوا على الآخرين بتلك الألفاظ. قد لا تعجبنا سلوكات من حولنا، وقد تستفزنا تلك المشاهد والأفعال، لكن ذلك لا يعطينا الحق في التطاول على الآخرين والسب والقذف، ولسنا وصايا على أحد، ومعالجة الخطأ بخطأ أكبر لن تحل المعضلة، بل بتلك السلوكات سيتعود الجميع على تلك المصطلحات الجارحة ويتحول الأمر إلى شيء اعتيادي. القانون يحمي حقوق الجميع، وصاحب الحق يجب أن يطالب بحقه، كي لا نتعود على تلك المهاترات في تلك الشبكات، خاصة أن ظاهرة مشاهير التواصل والمستعرضين في تصاعد، والبحث عن الشهرة بأي طريقة باتت مطلباً لدى البعض، حتى لو كان ذلك على حساب نشر أمر مستفز، ومخالفة العادات والعرف والدين، فالهدف الأول الوصول إلى الجميع، ونيل الشهرة، وإن كان بالسب والقذف؛ فيومياً نشهد خلق مشاهير جدد لا يقدمون شيئاً، سوى سلوكات لا يقبلها أحد، مقابل مشاهير استحقوا هذا اللقب بجدارة، عبر تقديم محتوى هادف ورسالة سامية وأحدثوا التغيير في حياة متابعيهم. للأسف بعض الناس، باتوا يسعون للوصول إلى طريق الشهرة الوهمية عبر أي محتوى، ووصلت العدوى إلى الأطفال؛ وتوعية الأطفال ضرورة، والمعضلة الكبرى دعم بعض الجهات الحكومية للمشاهير المزيفين، عبر دعوتهم في الفعاليات المجتمعية، وكأنهم قدوة لجيل الشباب، أو كأنهم شخصيات قدمت إنجازاً عظيماً للدولة وللإنسانية، فكل ما قدموه قليل من التهريج وكثير من الزيف، أو ليس المشاهير الحقيقيون والمثقفون أجدر بتلك المكانة والحضور؟ المشاهير الفارغون في تكاثر، في حين حاجاتنا للأصوات المفكرة والمثقفة تفوق حاجتنا للمستعرضين والفارغين، ومع ذلك الدعم لا ينتهي لتلك الفئة الفارغة، وتغيب عن المستحقين الحقيقيين، ورغم أنه لا حاجة لنا إلى الفارغين، فإن علينا أن نتقبل الجميع ولا نتطاول عليهم، ونحاول أن نواجههم بالفكر وليس بالقذف، فمهما كانت الاختلافات، لنكن أرقى ولا نجعلها خلافات. Eman.editor@hotmail.com
مشاركة :