يؤدي الرئيس رجب طيب أردوغان اليمين الدستورية الاثنين لولاية جديدة من خمس سنوات، بصلاحيات تم تعزيزها بشكل واسع، بموجب تعديل دستوري تم تبنيه إثر استفتاء في نيسان/أبريل 2017. وعلى الساحة الدولية تواجهه العديد من التحديات، وتظل أبرزها العلاقات مع كل من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، إلى جانب النزاع المسلح في سوريا، وحلم أردوغان بجعل بلاده إحدى القوى الكبرى عالميا. يدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فترة رئاسية جديدة، معززا بالتعديلات الدستورية التي حولت بلاده من نظام برلماني إلى نظام رئاسي. ومن المتوقع أن تستمر أنقرة خلال الولاية الجديدة التي تدوم خمس سنوات في نهج سياستها الخارجية الصدامية، ولو أن المراقبين لا يستبعدون أن يسعى الرئيس إلى تسويات مع القوى العالمية. وتعيش تركيا خلال الأشهر الأخيرة توترا حادا مع الدول الغربية خلافا للتقارب بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.وتهيمن على أجندة السياسة الدولية لأردوغان خمسة ملفات مهمة. الولايات المتحدة، غولن والأكراد تبدو العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، اللتين تملكان أكبر جيشين في حلف شمال الأطلسي، معقدة بسبب الخلافات حول الملف السوري، ومصير الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة، والذي تصر أنقرة على تسليمه لها لاتهامه بالوقوف خلف الانقلاب الفاشل في تموز/يوليو 2016. كما يؤدي دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية إلى توتر في العلاقات مع أنقرة التي ترى في هذه المجموعة المسلحة منظمة "إرهابية" تهدد حدودها. وقال الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى سونر كاغبتاي إن أردوغان قد يبقى على خطه المتشدد في هذه القضية إذ أنه بحاجة إلى دعم حلفائه القوميين المتطرفين للاحتفاظ بغالبيته البرلمانية. ومع ذلك، يرى محللون أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم تنازلات رغم التوتر، كما يتضح من تسليم أول طائرة من طراز إف 35إلى تركيا في نهاية حزيران/يونيو. تقارب مع بوتين رغم قرون من التنافس الشديد بين القوتين التركية والروسية، أقام أردوغان والرئيس فلاديمير بوتين علاقة شخصية وثيقة في السنوات الأخيرة، وتخطيا أزمة دبلوماسية خطيرة في أعقاب إسقاط أنقرة مقاتلة روسية فوق الحدود السورية في 2015. وتوصلت أنقرة وموسكو إلى اتفاق بشأن شراء تركيا منظومة صواريخ إس-400 الروسية التي لا تتماشى مع منظومة الدفاع الخاصة بالحلف شمال الأطلسي. وكان بوتين أحد أوائل الزعماء الأجانب الكبار الذين قاموا بتهنئة الرئيس التركي على إعادة انتخابه. للمزيد: ردود فعل دولية متباينة على فوز أردوغان بولاية رئاسية جديدة لكن الباحث في برنامج الدراسات حول طريق الحرير غاريث جنكنز يعتبر أنه "سيتعين على أردوغان الاختيار بين الولايات المتحدة وروسيا، وسيدفع ثمنا، مهما كان خياره." سوريا: التخلي عن إسقاط الأسد؟ منذ اندلاع الأزمة السورية التي تحولت إلى نزاع دام عام 2011، دعمت تركيا بقوة المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد، رافضة أي حوار مباشر مع دمشق. لكن أمام اتساع بقعة النزاع الذي وصل إلى أراضيها، ومع تدفق أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ وتمركز جماعات مسلحة على حدودها وخصوصا من الأكراد، تخوض أنقرة حاليا حملة عسكرية في سوريا وتسعى إلى تسريع وتيرة عودة السوريين إلى بلادهم. ويقول آرون شتاين من مكتب "المجلس الأطلسي "(أتلانتيك كاونسل)إن تركيا توصلت إلى "صيغة" مع الأسد تمر عبر موسكو، متخلية عن أي مساع لتغيير النظام. وأضاف "يقبل الأتراك ببقاء النظام في السلطة، لكنهم مصممون على إقامة منطقة نفوذهم الخاصة على طول الحدود لتكون بمثابة عازل". الاتحاد الأوروبي: مد وجزر في العلاقات تمر العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي بفترة صعبة خصوصا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة على أردوغان في تموز/يوليو 2016، التي أعقبها قيام أنقرة بحملة تطهير واسعة. وهو الوضع الذي يثير قلق بروكسل. إلا أن الدبلوماسي التركي المخضرم أوزدم سانبرك مقتنع بأن عهدا من التسويات سيبدأ وأن "العلاقات سترتكز على أسس أكثر متانة" بين الطرفين. وكانت أنقرة أبرمت اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي عام 2016 حول الهجرة أدى إلى انخفاض كبير في أعداد المهاجرين الذين ينتقلون من تركيا إلى أوروبا. لكن أردوغان الذي لم يفاوض بشكل مباشر على الاتفاق هدد مرارا "بإرسال ملايين المهاجرين" إلى أوروبا. "حامي القدس" وأخطاء دبلوماسية يعتمد أردوغان منذ سنوات سياسة خارجية متعددة الاتجاهات، فيسعى إلى إبراز نفسه بطلا للقضية الفلسطينية ومدافعا عن الأقليات المسلمة في جميع أنحاء العالم. وعندما اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، جمع أردوغان قادة كبرى الدول المسلمة في محاولة لتنسيق الرد على هذه الخطوة. وكدلالة على موقف أنقرة الدبلوماسي، كان الرئيسان الفنزويلي نيكولاس مادورو والسوداني عمر البشير من بين أوائل المهنئين لأردوغان بفوزه في الانتخابات، وهما منبوذان من الغرب. ويعتبر جنكنز أن أنقرة باتت من حيث موقعها هذا معرضة لارتكاب أخطاء دبلوماسية. ويرى أن على أردوغان أن "يبدأ بتعيين أشخاص يفهمون السياسة الخارجية وعلى استعداد لقول الأمور كما هي بصراحة له". فرانس 24/ أ ف ب نشرت في : 09/07/2018
مشاركة :