هل ينجح فيلم الرجل النملة والمرأة الدبور كجزئه الأول؟

  • 7/10/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

فيلم "الرجل النملة والمرأة الدبور"، وهو الجزء الثاني من فيلم "الرجل النملة"، الذي عُرِضَ عام 2015. "هل تضعون مفردة الكم يا معشر الفتيان قبل أي شيء؟ الكم ..الكم .. الكم"، هكذا يسأل سكوت لانغ - المعروف باسم "الرجل النملة" - المحيطين به من علماء نوابغ، عندما يبدأون في التفوق عليه في النقاش العلمي. ربما تلخص هذه العبارة بشكل كبيرٍ هذا الطابع السطحي الذي اصطبغ به فيلم "الرجل النملة والمرأة الدبور". لحسن الحظ، يقدم الممثل بول رود شخصية "الرجل النملة" في عملنا هذا بحيوية وجاذبية فائقتين، لينقذ - بمفرده تقريباً - الجزء الثاني من الفيلم من الفشل. فبالرغم مما يتسم به هذا العمل من لطف، فإنه ليس ممتعاً بالقدر الذي كان عليه الجزء الأول. لماذا لا يزال فيلم "2001: ملحمة الفضاء" لغزاً محيرا؟فيلم بلاك بانثر يدفع والت ديزني إلى قمة صناعة السينما الأمريكية"جزيرة الكلاب": فيلم رسوم متحركة يقاوم الديكتاتورية فذلك الجزء الذي عُرِضَ عام 2015 قدم للعالم شخصية "سكوت"؛ وهي للص منازل بارع خرج لتوه من السجن، وهو في الوقت ذاته أبٌ متفانٍ لفتاة صغيرة. ونعرف من خلال أحداث الجزء الأول أيضاً أن مخترعاً يُدعى هَينك بيم -والذي يُجسّد شخصيته مايكل دوغلاس - اعتاد الاستعانة بهذا الرجل لوضعه في سترةٍ بوسعها جعله في حجم حشرةٍ صغيرة تارةً، وعملاقاً تارةً أخرى، وذلك وفقاً لما تتطلبه محاربة الشر في هذا الموقف أو ذاك. لكن بينما اعتمد الجزء الأول على القدرات الرائعة التي يتحلى بها رود في التمثيل الكوميدي، ومقدرته على تجسيد شخصية الإنسان العادي دون أي اصطناع، فإن التتمة تتضمن قدراً أقل مما ينبغي من الكوميديا، ومساحةً أوسع مما يجب لمشاهد حركة تفتقر للجاذبية. وتشارك في هذا الجزء إيفانجلين لي لي التي تلعب دور "المرأة الدبور" شريكة "الرجل النملة" في محاربة الشر، والتي يتضح لنا أنها بطلةٌ باهتة الطعم وعديمة التأثير، رغم ما تُبديه في مشاهد العمل من قدرةٍ فائقةٍ على الطيران بشكلٍ بارع وتوجيه ركلات عنيفة وقوية. مصدر الصورةMarvel StudiosImage caption صورة من فيلم "الرجل النملة والمرأة الدبور" وتبدأ أحداث الفيلم بـ"سكوت" وهو قيد الإقامة الجبرية في منزله، جزاءً لانخراطه في القتال ضد شخصية "الرجل الحديدي" في فيلم "كابتن أمريكا: الحرب الأهلية". ومن جديد، يستعين هانك وابنته هوب بـ"سكوت"، اعتقاداً منهما، بأن بوسعه إنقاذ جانيت زوجة الأول وأم الثانية، والتي تُجسّد شخصيتها ميشيل فايفر. فقبل عقود تفككت هذه السيدة إلى مجموعة من الجسيمات، وانكمشت وتلاشت في عالمٍ دقيقٍ بالغ الصغر. ويكتسي الوقت هنا بأهميةٍ لا نظير لها، إذ يتعين على سكوت إعادة هذه السيدة إلى منزلها، قبل أن يكتشف الضابط المسؤول عن مراقبة مدى التزامه بقواعد الإقامة الجبرية أنه غير موجود في منزله. وفي الأقسام الأولى من هذا الجزء، نجد بعض الدعابات الممتعة التي تعتمد على الصورة السينمائية. ومن بينها رؤية نملةٍ عملاقةٍ تحيا في منزل سكوت، وتضع جهاز المراقبة الذي يُثبت في كاحله، بل وتمارس كل تفاصيل حياته؛ إذ تقرع الطبول وتستلقي على الأريكة باسترخاء. كما نرى هانك وابنته هوب وهما يعيشان ويعملان في مختبرٍ مُجهزٍ بكل المستلزمات، وقابلٍ في الوقت نفسه لأن ينكمش وأن يصبح له مقبضٌ، مما يسمح للأب بجره معه على قارعة الطريق، وكأنه حقيبةٌ من تلك التي يمكن للمسافرين أخذها معهم على متن الطائرة. غير أن حبكة الفيلم أقل تميزاً وابتكاراً. فمن بين شخصياته سوني - الذي يقوم بدوره والتُن غوغينز - وهو شخصٌ يعمل في السوق السوداء، ويريد سرقة المختبر سالف الذكر. وسوني هذا شريرٌ مملٌ وهو ما يشكل - بنظر صناع العمل - مبرراً كافياً للتحرك ضده. وهكذا نرى هوب وهي تسحق رجاله في معركة تدور رحاها في أحد المطاعم، وذلك في أول ظهورٍ لها وهي ترتدي سترة الدبور التي تعطيها قدراتٍ خارقةً. والسترة عبارة عن زيٍ فولاذيٍ من قطعة واحدة، يلتصق بجسد هوب ويغطيها من الرقبة وحتى القدمين. ويبدو هذا الزي - المزود بجناحين - عتيق الطراز، وممل بقدر الإملال الذي تصطبغ به شخصية من ترتديه. فضلاً عن ذلك، ظلت هوب في الجزء الثاني من "الرجل النملة" ثقيلة الظل تماماً كما كانت في الجزء الأول. ولذا من الصعب تصور أن لديها قدراً كافياً من الفطنة والذكاء لكي تقع في حب سكوت، وهو ما يبدو أنه حدث بالفعل. أما ثاني الشخصيات الشريرة الرئيسية في العمل فتُلقب بـ"غوست"، وهي امرأة شابة تُدعى إيفا، وتُجسّد دورها هانا جون-كامين. وتتميز هذه الشخصية بأن جزئياتها تتطاير وتنفصل عن بعضها البعض، مما يجعلها من الوجهة العملية شفافةً أو نصف شفافة. وفي ضوء ذلك، لا عجب في أن تتسم بغرابة الأطوار، ولكن شخصيتها ليست بالبريق والجاذبية، التي توحي بها سماتها وتفاصيلها. وفي غمار محاولات سكوت للهروب من الأشرار الذين يواجههم، وفي سياق مساعيه لخوض رحلة معقدة وغريبة وحافلة بالصعوبات لإنقاذ جانيت، يتبدل حجمه ليكبر تارة ويصغر تارة أخرى، في نمط لا يتغير ويتكرر بلا هوادة. مصدر الصورةGetty ImagesImage caption تُجسّد الممثلة هانا جون-كامين دور امرأة شابة تُدعى إيفا وبينما نرى السيارات تمرق بسرعة فائقة في شوارع سان فرانسيسكو، لا يخلو العمل من لمساتٍ مبتذلة، من قبيل مشهد تظهر فيه آلة توزيع حلوى عملاقة تحمل العلامة التجارية لـ"هاللو كيتي"، وهي تطير في أجواء أحد الشوارع. ورغم أن هذه المؤثرات الخاصة والمشاهد المُعدة بواسطة الكمبيوتر بارعةٌ وقادرةٌ على التأثير بسرعة في نفوس المشاهدين، فإنها لا تمت بصلة لنقاط القوة في الفيلم على الإطلاق. فهذه السلسلة - مثلها مثل سلسلة أفلام "حراس المجرة" وبطلها كريس برات - تعتمد على جاذبية البطل وشخصيته المحبوبة وخفة ظله، لا على مشاهد الحركة المحمومة، التي ترتكن إليها غالبية أفلام شركة "مارفل". المشكلة أن "الرجل النملة والمرأة الدبور" يبتعد - مع توالي أحداثه - عن هذا الطابع خفيف الظل هذا، مما يفقده الهوية التي تجعله ذا طبيعة متميزة عن سواه. فضلاً عن ذلك، تتناثر المشاهد البلهاء بطول فترة عرض الفيلم. إذ نشاهد لصوص المنازل التائبين من أصدقاء سكوت، بقيادة رفيقه القديم في السجن لويس - والذي يقوم بدوره مايكل بينا - الذي نراه في العمل وهو يدير شركةً يُطلق عليها للمفارقة اسم "إكس-كون سيكوريتي" أو "المسجون السابق للأمن". وفي أحد المشاهد، نجد البطل وقد تقلص حجمه لكي يتسنى له التسلل زحفاً إلى مدرسةٍ بغرض استعادة شيءٍ ما من حقيبة الظهر الخاصة بابنته. ولكن الجاذبية التي يكتسي بها هذا المشهد لا تُعزى إلى كون سكوت قد بدا أصغر حجماً، وإنما إلى ما أبداه من تعبيرات خيبة أمل وردود فعل طفولية. أما ذروة المشاهد الكوميدية في الفيلم، فهو ذاك الذي تنجح فيه جانيت في وضع هوائي أو قرن استشعار على رأس سكوت، ما يتيح له أن ينقل كلماتها الحنونة ونظراتها المفعمة بالحب، التي ترمق بها زوجها وابنتها اللذين طال ابتعادها عنهما. من ناحية أخرى، كان للممثل بول رود - الذي جسّد شخصية سكوت - دورٌ في كتابة السيناريو (ولكن ليس بالقدر الكافي كما يبدو واضحاً) وذلك جنباً إلى جنب مع أربعة كُتّاب آخرين، من بينهم كريس ماكينّا وإريك سَمرز اللذان كتبا سيناريو فيلم "الرجل العنكبوت: العودة للوطن". أما الإخراج فقد كان من نصيب مخرج الجزء الأول بَيتون ريد، الذي قام بعمله بكفاءةٍ، لا تقل كثيراً عن تلك التي أبداها في المرة السابقة. في نهاية المطاف، يمكن أن يستمتع الأطفال الصغار بما سيرونه أمامهم على الشاشة من ملاّحة عملاقةٍ، وأشخاصٍ صغار الحجم للغاية يطيرون في الهواء، فكل ذلك جديدٌ للغاية بالنسبة لهم. أما المشاهدون الراشدون، فربما يقولون يا ليت سكوت ظل رهن الإقامة الجبرية، واستفاد صناع الفيلم على نحوٍ أكبر من خفة ظل رود وقدراته في التمثيل الكوميدي. كما قد يتفق هؤلاء مع الكاتب لويس كارول الذي كتب في روايته "أليس في بلاد العجائب" واصفاً حال بطلته بالقول "فكرت المسكينة أليس أن الحال كان أفضل بكثير في المنزل، عندما لم نكن نكبر ونصغر دائماً". يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Culture

مشاركة :