الرياض – أظهرت مسودة وثيقة رسمية صادرة عن وزارة العمل السعودية أنها تدرس خفض نسبة التوطين في 12 نشاطا قبل تطبيق الحظر الشامل لتشغيل الأجانب فيها، والذي كان مقررا تطبيقه بعد نحو شهرين. وتشير الوثيقة إلى أن الوزارة تدرس حاليا خفض نسبة التوطين الإلزامية من 100 بالمئة إلى 70 بالمئة بسبب صعوبة إحلال المواطنين في بعض الوظائف التي تتطلب ساعات عمل طويلة. وكانت الوزارة قد قررت سابقا، قصر العمل في منافذ البيع في 12 نشاطا ومهنة معظمها في قطاع التجزئة، على السعوديين والسعوديات فقط اعتبارا من 11 سبتمبر المقبل. وتشمل الأنشطة على منافذ البيع في محلات الساعات، والنظارات والأجهزة والمعدات الطبية والأجهزة الكهربائية والإلكترونية وقطع غيار السيارات ومواد الإعمار والبناء وبيع السجاد بكافة أنواعه. كما تضم أيضا منافذ بيع السيارات والدراجات النارية والأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز والأواني المنزلية والحلويات والملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية. 70 بالمئة النسبة المقترحة لتوطين الوظائف في 12 قطاعا بدل الحظر الشامل لتشغيل الأجانب وتشير المسودة إلى أن الوزارة تدرس استثناء بعض المهن من التوطين، وخاصة التي يتطلب القيام بها إتقان حرفة معينة أو مهارة فنية أو ذات تخصص دقيق، مثل مهن أخصائي البصريات وميكانيكي سيارات والمتخصصين في صيانة الساعات والأجهزة والخياطين والطهاة ومصنعي الحلويات. وارتفع معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الأول من العام الحالي إلى مستويات قياسية بلغت 12.9 بالمئة مقارنة بنحو 12.8 بالمئة في الفترة نفسها من العام الماضي. وجاءت تلك الأرقام رغم خطوات كثيرة اتخذتها وزارة العمل على مدى الأعوام الثلاثة الماضية لتسريع وتيرة توطين العديد من القطاعات الاقتصادية، بهدف خفض نسب البطالة في صفوف المواطنين. وفي يونيو الماضي، تم إعفاء وزير العمل علي الغفيص من منصبه؛ وهو من أصدر قرار توطين تلك الأنشطة بنسبة 100 بالمئة. ولم تتمكن تلك الإجراءات من زيادة تشغيل المواطنين رغم أن بيانات الهيئة العامة للإحصاء الحكومية تشير إلى فقدان أكثر من 234 ألف أجنبي لوظائفهم في القطاعين الخاص والعام بالسعودية، خلال الربع الأول من العام الحالي. وشهد العام الماضي انكماش الاقتصاد السعودي بسبب عدم قدرة الكثير من الشركات على إيجاد اليد العاملة من المواطنين لتعويض رحيل العمال الأجانب. وواجه الكثير من المتاجر صعوبة في إيجاد موظفين سعوديين للعمل ساعات طويلة واكتساب الخبرات في التعامل مع الزبائن. وقد اضطر الكثير منها إلى الإغلاق بسبب نقص البائعين. وبدأت الرياض قبل نحو 4 سنوات بمحاولات إصلاح سوق العمل، كإحدى أولويات الإصلاح الاقتصادي الذي جاءت به رؤية 2030. ولكن وتيرة الإجراءات دخلت مرحلة حاسمة في العام الماضي بفرض رسوم تشغيل الأجانب وحصر الوظائف في قطاعات كثيرة بالمواطنين السعوديين فقط. وتسعى السلطات لجذب المزيد من السعوديين، خصوصا النساء، إلى القوة العاملة من أجل تعزيز كفاءة الاقتصاد وتخفيف العبء المالي عن الحكومة. لكن أحدث البيانات المعلنة لم تظهر تحقيق تقدم يذكر في هذا المجال، حيث انخفض عدد السعوديين الباحثين عن وظائف إلى 1.07 مليون في الربع الأول من 1.09 مليون في الربع السابق رغم انخفاض عدد السعوديين العاملين. 12.9 بالمئة معدل البطالة في الربع الأول من العام الحالي رغم فقدان 234 ألف أجنبي وظائفهم وكشفت البيانات استمرار خروج مئات الآلاف من العمالة الأجنبية من السعودية بسبب ضعف الاقتصاد وارتفاع الرسوم التي يتعين على الشركات دفعها للحكومة لتوظيف العمال الأجانب. وانخفض عدد الأجانب العاملين في المملكة إلى 10.18 مليون شخص من 10.42 مليون في الربع السابق و10.85 مليون في الربع الأول من 2017، وهو انخفاض يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لأنه يؤثر سلبا على طلب المستهلكين. وأظهرت أرقام نشرت في وقت سابق هذا الأسبوع أن الناتج المحلي الإجمالي للسعودية المعدل في ضوء التضخم نما بنسبة 1.2 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2018، ليبدأ التعافي بعد انكماشه في 2017. لكن هذا التعافي يرجع بدرجة كبيرة إلى استقرار إنتاج النفط. ويتوقع خبراء اقتصاد أن يقود قطاع النفط النمو في وقت لاحق من العام الحالي، مع عدم توسع الشركات العاملة في القطاعات غير النفطية إلا قليلا، وهو اتجاه قد يبقي معدل البطالة مرتفعا. وتهدف الإصلاحات الاقتصادية إلى تطوير صناعات غير نفطية وتوفير فرص عمل، لكنها تشمل أيضا خطوات تقشفية لسد العجز الكبير في الميزانية. وجرى فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة خمسة بالمئة في بداية العام الحالي. ويقول مراقبون إن سوق العمل في السعودية لم يتمكن حتى الآن من امتصاص الإصلاحات الكثيرة والسريعة، والتي تضمنت حظر تشغيل الأجانب في عدد كبير من القطاعات وخاصة في مبيعات التجزئة والتي انعكست على نشاط الكثير من الشركات الخاصة.
مشاركة :