ربما لم يستطع الدوري الإنجليزي لكرة القدم فرض سطوته بالشكل اللائق على بطولات الأندية الأوروبية في العقد الأخير، ولكنه فرض نفسه بقوة على المربع الذهبي لبطولة كأس العالم 2018 المقامة حاليا في روسيا. وشق لاعبو الدوري الإنجليزي طريقهم ببراعة مع منتخبات بلادهم إلى المربع الذهبي للمونديال الحالي؛ حيث يستحوذ لاعبو الدوري الإنجليزي على نصيب الأسد في صفوف المنتخبات المتأهلة للمربع الذهبي لدرجة أن المواجهة المحتملة بين المنتخبين البلجيكي والإنجليزي في النهائي ستكون بمثابة مواجهة حصرية بين لاعبي الدوري الإنجليزي. ومن بين آخر عشرة أبطال لدوري أبطال أوروبا كان هناك فريق واحد فقط من الدوري الإنجليزي. ولكن الوضع يبدو مختلفًا تمامًا في المونديال الحالي خاصة مع وجود المنتخب الإنجليزي كأحد الفرق المشاركة في هذا المربع. ومن بين 92 لاعبًا في قوائم المنتخبات الأربعة (إنجلترا وفرنسا وكرواتيا وبلجيكا) المتأهلة للمربع الذهبي، يوجد 40 لاعبًا ينشطون في الدوري الإنجليزي مقابل 12 لاعبًا فقط من الدوري الإسباني، وأعداد أقل من هذا من بطولات الدوري المحلية الأخرى مثل الدوري الفرنسي (11 لاعبًا) والألماني (تسعة لاعبين) والإيطالي (ثمانية لاعبين) من بينهم اللاعب الكرواتي نيكولا كالينيتش، الذي جرى ترحيله إلى بلاده في وقت مبكر من البطولة لمشكلة تأديبية. ومن بين نجوم الدوري الإنجليزي المتواجدين حتى الآن في البطولة، يستحوذ نادي توتنهام على النصيب الأكبر؛ حيث يضم تسعة لاعبين ما زالوا يتواجدون في البطولة من بينهم خماسي المنتخب الإنجليزي داني روز وكيران تريبيير وإيريك داير ودلي آلي وهاري كين. ويبرز ماوريسيو بوتشيتنو المدير الفني لتوتنهام، ضمن مجموعة من المدربين الكبار الذين نالوا الإشادة لدورهم في الأداء القوي للمنتخب الإنجليزي. وقال جاريث ساوثجيت المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، أمس الأول السبت: "من وجهة نظر إنجليزية، نحن محظوظون للغاية لأن لاعبينا الشبان يلعبون تحت قيادة المدربين أنطونيو كونتي ويورجن كلوب، وجوزيه مورينيو وجوسيب جوارديولا وبوتشيتينو وآرسين فينجر، الذين طوروا العديد من اللاعبين الإنجليز الشبان". وأوضح: "هذا ساعدنا في تقديم لاعبين شبان يمكنهم التعامل مع الكرة. هؤلاء المدربين منحوا لاعبينا الفرص ودربوهم على مستويات عالية للغاية، وهذا ساعدنا بالتأكيد في المنتخب الوطني". والمنتخب الإنجليزي ليس الوحيد الذي ينتقي لاعبيه من الدوري الإنجليزي، ولكنه الأكثر استعانة بهم؛ حيث ينشط جميع الـ23 لاعبًا بقائمة المنتخب الإنجليزي في الدوري الإنجليزي، فيما يضم المنتخب البلجيكي 11 لاعبًا بالدوري الإنجليزي مقابل خمسة لاعبين في صفوف المنتخب الفرنسي، ولاعب واحد في المنتخب الكرواتي. وفي الوقت الذي لا يزال فيه الدوري الإسباني يتطلع بحسد إلى عقود البث التلفزيوني المغرية والخرافية للدوري الإنجليزي كما يطمح الدوري الإيطالي إلى تعاقد يوفنتوس مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو من أجل الارتقاء بقيمة البطولة، هل يكون استحواذ الدوري الإنجليزي على 40 لاعبًا في المربع الذهبي للمونديال دليلًا على المنتج الرائع للدوري الإنجليزي؟. وقال ساوثجيت: "السبب وراء تواجد أفضل اللاعبين الأجانب في الدوري الإنجليزي هو أننا نقدم أفضل رواتب". وما ينطبق على اللاعبين ينطبق أيضًا على المدربين؛ حيث نجحت أندية ليفربول ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتوتنهام في استقطاب المدربين البارزين كلوب ومورينيو وجوارديولا وبوتشيتينو على الترتيب لأسباب عدة منها الرواتب الكبيرة. وتثير هيمنة الدوري الإنجليزي على المربع الذهبي للمونديال استفسارًا آخر يتعلق بفترة الراحة الشتوية وجدواها. وعلى مدار سنوات، كانت هناك ضغوط في إنجلترا لفرض أسلوب العطلة الشتوية المطبق في دول القارة خلال فترة منتصف الموسم، التي تتزامن مع أعياد الكريسماس من أجل إنعاش اللاعبين قبل بداية النصف الثاني من الموسم. وأثمر الضغط أخيرًا من خلال تطبيق نظام العطلة الشتوية في إنجلترا بداية من موسم 2019/2020.
مشاركة :