تواصل التأثير الهائل للركلات الثابتة في أدوار خروج المغلوب بنهائيات كأس العالم لكرة القدم، فبعدما شهد دور المجموعات تسجيل أكبر عدد من الأهداف من تلك الكرات في الدور ذاته من أي نسخة سابقة، جاءت 5 من 11 هدفا في دور الثمانية من ركلات حرة وركلات ركنية. وأحرز رفاييل فاران هدفا بضربة رأس بعد ركلة حرة ليفتح الطريق أمام فرنسا للفوز 2 - صفر على أوروغواي، فيما حول فرناندينيو كرة بعد ركلة ركنية بالخطأ في مرمى منتخب بلاده البرازيل في الخسارة 2 - 1 أمام بلجيكا. وواصل منتخب إنجلترا استغلاله الركلات الثابتة ليفتتح التسجيل في الفوز 2 - صفر على السويد عندما حول هاري ماغواير الكرة بضربة رأس إثر ركلة ركنية. وكان الهدف الرائع الذي أحرزه الروسي دينيس تشيرشيف في مباراة التعادل 2 - 2 في الوقت الأصلي مع كرواتيا، هو الهدف الافتتاحي الوحيد بدور الثمانية الذي لم يسكن الشباك نتيجة ركلة ثابتة، لكن دوماغوي فيدا مدافع كرواتيا هز الشباك مستفيدا من ركلة ركنية في الوقت الإضافي، قبل أن يدرك ماريو فرنانديز التعادل لروسيا بضربة رأس إثر ركلة حرة، قبل أن تتفوق كرواتيا في النهاية بركلات الترجيح. وهدف فرنانديز هو رقم 66 من مجموع 157 هدفا في نسخة روسيا 2018 سكنت الشباك من ركلات ثابتة. وبشكل عام، فإن 42 في المائة من الأهداف في النسخة الحالية جاءت من ركلات ثابتة أو ركلات جزاء، متجاوزة أعلى نسبة سابقة وكانت 36 في المائة في 1998، ومتفوقة بفارق كبير على نسخة 2014 (27 في المائة) و2010 (24 في المائة) و1994 (33 في المائة). وأسهم هذا الاتجاه في بزوغ منتخبات لم تكن مشهورة تقليديا بتقديم أداء جيد في كأس العالم. وأحرزت روسيا المستضيفة وصاحبة أدنى مركز بين الفرق المشاركة بالبطولة في تصنيف الاتحاد الدولي (فيفا) 5 من 11 هدفا من ركلات ثابتة في طريقها للوصول لدور الثمانية، وهي أفضل نتيجة لها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وتفوقت روسيا على إسبانيا القوية في دور الستة عشر بفضل ركلات الترجيح. وبلغت إنجلترا الدور قبل النهائي لأول مرة في 28 عاما بفضل 8 أهداف أحرزتها من ركلات ثابتة، منها 3 ركلات جزاء، لتتفوق في ذلك على أي منتخب آخر في البطولة. كما انتصرت إنجلترا بركلات الترجيح لأول مرة في 4 محاولات في كأس العالم حين تخطت كولومبيا في دور الستة عشر في إشارة إلى استعدادها لمواجهة كل الاحتمالات. وكانت إنجلترا أكثر اعتمادا على الركلات الثابتة عن بلجيكا وفرنسا اللتين بلغتا الدور قبل النهائي؛ إذ أحرزت كل منهما 3 أهداف من الركلات الثابتة، فيما اكتفت منافستها المقبلة كرواتيا بهدف من ركلة ثابتة وآخر من ركلة جزاء. وستضع كرواتيا، التي لجأت لركلات الترجيح أمام روسيا، في اعتبارها اعتماد فريق المدرب غاريث ساوثغيت على الركلات الثابتة. وقال لوكا مودريتش قائد كرواتيا: «شاهدنا المباراة الأخيرة لهم، ورأينا كيف يجيدون لعب الركلات الثابتة. سيتعين علينا تحسين مستوى دفاعنا في مواجهة ذلك». وقال زلاتكو داليتش، المدير الفني للمنتخب الكرواتي، إن فريقه يدرك تماما حجم الخطر الذي ينتظره أمام إنجلترا، خصوصا في الكرات الثابتة العرضية داخل منطقة الجزاء. وقال: «المنتخب الإنجليزي لديه فريق شاب مفعم بالحيوية والقدرات الهجومية. لديه قدرة على الاستفادة من الكرات الثابتة، وعلينا أن نعمل على عدم إعطائهم الفرصة للحصول عليها». ويعد النجاح المبهر لإنجلترا ثمرة الاستعداد الإضافي في التدريبات مع مدرب المهاجمين ألان راسل الذي سافر برفقة ساوثغيت إلى الولايات المتحدة لدراسة خطط دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين ودوري كرة القدم الأميركي. وقال روبن لوفتوس تشيك، لاعب وسط إنجلترا: «قضينا وقتا طويلا للتدرب على الركلات الثابتة بكل تفاصيلها، والانطلاق للوصول للكرة، وكيفية إيقاف المنافسين». وأضاف القائد هاري كين هداف البطولة حتى الآن: «ألان راسل (مساعد المدرب) يقودنا في تدريبات لضبط اللمسة الأخيرة، ويحدثنا عن مدافعي المنافسين وحراس المرمى، وأيضا عن نقاط الضعف التي يمكننا استغلالها. هذه تفاصيل صغيرة لكنها تمنحنا التفوق». وفي كأس عالم لعبت فيه الركلات الثابتة دورا هائلا وأصبحت الفرق أكثر حذرا مع اقتراب المباراة النهائية، فإن هذا التفوق قد يكون الفاصل بين إنهاء إنجلترا 52 عاما من الألم، أو التعثر في الحاجز قبل الأخير.
مشاركة :