في محاكاة للمأساة الإغريقية "أنتيجون" روت لاجئات سوريات حكاياتهن ومآسيهن في سرد لمشاهد الضياع والتحدي في "أنتيجون السورية" بوحي من قصة موغلة في القدم لامرأة وقفت في وجه ملكها لتدفن شقيقها الذي تمرد على حكمه. وتولت جمعية آبيرتا إنتاج المسرحية المقتبسة عن المسرحية الإغريقية التي كتبها سوفوكليس قبل 2500 عام. وآبيرتا جمعية خيرية تمنح اللاجئين منبرا آمنا للتعبير عن صدماتهم وتحاول تحسين مشاعرهم من الناحية الجسدية والنفسية. وتقول منظمات حقوق الإنسان إن نحو 1.1 مليون سوري فروا إلى لبنان خلال السنوات الثلاث الماضية منذ بدء الحرب الأهلية السورية التي قتل فيها نحو 200 ألف شخص حتى الآن، فضلا عن سجن وتعذيب الآلاف نتيجة انشقاقهم عن الرئيس السوري بشار الأسد الذي تحكم عائلته البلاد منذ أكثر من 40 عاما. وفي المسرحية الأصلية تتحدى الشخصية الرئيسة ملكها وعمها كريون عبر إقامة مراسم دفن لشقيقها المقتول الذي وصف بالخائن وتواجه جراء فعلتها عقوبة الإعدام كما تعرض استقرار البلاد للخطر. وفي محاكاة لمأساة أنتيجون تتحدث اللاجئات عن معاناة فقدان أشقائهن. وخلال المسرحية تتحدث إحداهن عن اختفاء شقيقها وكيف حاولت من دون جدوى البحث عنه في سجون الحكومة السورية وفي قاعدة للجيش السوري الحر وحتى لدى جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سورية. وقال مسؤول الاقتباس والدراماتورجيا في المسرحية محمد العطار "التراجيديا الكلاسيكية لسوفوكليس تقدم عناصر هي مفتاحية باعتقادنا لقراءة أوضاع النساء السوريات بالشتات اليوم بشكل أساسي"، وأضاف "أنتيجون تطرح قضية المرأة بمواجهة السلطة.. الفرد بمواجهة السلطة.. امرأة بمواجهة السلطة السياسية بوصفها استبدادا سياسيا.. وأيضا امرأة بمواجهة السلطة بوصفها مجتمعا ذكوريا مهيمنا". وتوجت المسرحية ثلاثة أشهر من التدريبات للممثلات السوريات اللاتي يعشن في مخيمات مكتظة باللاجئين في بيروت كما كانت فرصة لرواية قصصهن في بلد يشعر بعبء وجود اللاجئين. وقالت منى وهي إحدى الممثلات إنها شعرت بفرح شديد عند استقبال الجمهور لافتتاح المسرحية بحفاوة. وأضافت "أحببنا أن نوصل صورة معينة للناس حتى يروا اللاجئ السوري بطريقة أخرى تختلف عن تلك التي يرونه فيها بالعادة". عرض 30 لاجئة سورية لا خبرة سابقة لديهن بالتمثيل مسرحية سوفوكليس اليونانية القديمة "أنتيجون" برؤيتهن الخاصة في العاصمة اللبنانية بيروت هذا الأسبوع، شكل حدثا ثقافيا لافتا إذ تتعامل المسرحية اليونانية الأصلية التي كُتبت قبل 2500 عام مع القضايا نفسها التي تواجهها النساء في سورية التي تمزقها الحرب. ويقول منتجو العرض إنهم يأملون في تعزيز قدرات اللاجئات فكريا ونفسيا. وقالت لاجئة مشاركة في العرض المسرحي إنها كانت فرصة لكسب قليل من المال وهو ما جذبها للفكرة في البداية. وأضافت النازحة من سورية وهي فلسطينية من مخيم اليرموك وتدعى فدوى عويتي "بعد ما اشتغلت مع الصبايا والشباب وقرأت النص أحسست أنه يخرج ما عندي من ألم وجراح". وقالت نازحة أخرى من مخيم اليرموك أيضا ومشاركة في العمل المسرحس وتدعى إسراء شحرور إن الفكرة جذبتها منذ البداية. وبدأ عرض المسرحية في مسرح المدينة ببيروت أول من أمس، واختتمت عروضها مساء أمس. وفي النص الأصلي للمسرحية تتحدى أنتيجون ملكها وعمها كريون بإقامتها طقوسا جنائزية لأخيها القتيل الذي وُصف بأنه متمرد وخائن. وواجهت عقوبة الإعدام. وخاطرت أيضا بزعزعة استقرار الدولة وحكم كريون عمها في العمل الدرامي. وقال مشاهد في المسرح وهو لاجيء أيضا ويدعى أسامة إن المسرحية تبدو وكأنها تعكس تجارب المشاهدين الشخصية. وأضاف لرويترز "لمسنا بشكل فظيع وهو عبارة عن مونولوج يعكس حالنا ببساطة". وقال مشاهد آخر للمسرحية وهو صحفي بريطاني ومشاهد للعرض يدعى رومان إن المسرحية مؤثرة للغاية. وأضاف "شعرت بالفعل بكثير من الشخصيات. قصصهن حزينة جدا وتمس شغاف القلوب كثيرا وكيف تعلقن بالمسرحية وكيف ساعدتهن على التعامل مع تجاربهن. أرى أنها أمر مذهل.. قوي.. يدعو للفخر. ما زلت مندهشا وأحاول أن أتجاوز الأمر".
مشاركة :