من الوهلة الأولى وعند دخول «حارة الصالحية» في وسط القاهرة، يبدو كأن التاريخ يفوح من هذا المكان البسيط الذي يحوي بين جوانبه كنوزاً من الآثار التي تعود إلى العصرين الفاطمي والإسلامي فضلاً عن اكتسابه شهرة عالمية في صناعة الأحجار الكريمة. تقع حارة الصالحية في شارع المعز لدين الله الفاطمي في منطقة الأزهر التاريخية، وتعد من أشهر الأسواق العالمية لصناعة الأحجار الكريمة وتجارتها، إذ يتوافد عليها الأجانب من دول العالم. أما اسمها فاكتسبته من مدرسة الصالحية، التي تمر الحارة بين جدرانها التي بناها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1243، كأول جامعة في مصر لدرس المذاهب الإسلامية. يقول عبدالرحمن أشرف أحد العاملين في واحد من أقدم المتاجر في الحارة، إن المكان يشتهر بالصناعات التي تصنع من الأحجار الكريمة منذ أكثر من 30 سنة وأشهرها أحجار الفيروز واللؤلؤ والمرجان واللازورد. وأوضح أن منتجات حارة الصالحية من الأحجار الكريمة تجوب العالم و»تصدر منتجاتنا إلى كل دول الخليج ويزداد الطلب على بعض المنتجات وبينها السبحة المصنوعة من أحجار العاج الطبيعي والفيروز». وأضاف أن الأسعار تتفاوت، وتبدأ بما قيمته مئة دولار، والإقبال يكون كبيراً على شراء الأحجار المذكورة في القرآن الكريم لتيقنهم أنها تحمل فائدة كبيرة مثل الياقوت والمرجان واللؤلؤ، «ولكن حدث تأثر نسبي في حركة البيع والشراء بعد ارتفاع سعر الدولار، فمثلاً سعر غرام حجر الياقوت الأحمر كان يباع بـ20 دولاراً وتضاعف سعره الآن»، لافتاً إلى أن التجار يستوردون الأحجار من البرازيل والهند والصين وباكستان. وقال كريم الصاوي أحد العاملين في تجارة الأحجار الكريمة في الصالحية: «الحارة مقصد لفئات مختلفة من المهتمين بالأحجار الكريمة، لكن غالبيتهم من الفتيات والسيدات اللواتي يصنعن منها الحلي ويستخدمنها في تصميم اكسسوارات شخصية، وأخريات من صاحبات المشاريع الصغيرة التي يستخدمنها كوسيلة لكسب العيش». ولفت إلى أن أكثر من يقصد الحارة لشراء الأحجار الطبيعية هم السياح خصوصاً الروس والإسبان والصينيون، مشيراً إلى اتجاه جديد في خطوط الموضة عبر دمج الأحجار الكريمة في صناعة أكسسوارات الذهب والفضة لإضفاء قيمة عليها، مذكراً بن استخدام هذه الأنواع من الأحجار في صناعة الإكسسوارات والسلاسل وأدوات التزيين، موجود في مصر منذ عهد الفراعنة.
مشاركة :