بعد أسبوعين من القصف المتواصل، سيطرت روسيا، حليف نظام بشار الأسد، على مهد الثورة التي انطلقت عام 2011؛ حيث وقعت مدينة درعا في حصار مطبق، بعدما تمكن النظام السوري من دخول المناطق المحيطة بها من دون أي مقاومة وفرض اتفاق لنزع السلاح. الكاتبة هالة قضماني رأت في مقال لها بصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن ما تشهده درعا يعتبر "نهاية الحكاية التي لم يعد أحد يود سماعها"، فالروس الحليف الأقوى لنظام الأسد، تمكنوا من فرض اتفاق لنزع السلاح على من تبقى من المعارضة. وتحدثت الكاتبة في مقالها عن خيبة أمل المعارضة التي كانت تأمل من واشنطن دعمها في معركة الجنوب، غير أن عكس ذلك حدث، إذ باعت الولايات المتحدة الأمريكية المعارضة السورية لروسيا؛ لأسباب اختلفت حسب المصالح والاستراتيجيات الجديدة. وفرضت موسكو على المسلحين السوريين يوم الجمعة، اتفاقًا ينص على نزع سلاحهم، وإجلاء أولئك الذين يرغبون في الذهاب لأماكن أخرى من سوريا وعودة مؤسسات الدولة في المنطقة. واعتبرت قضماني أن ما حدث أكثر من مجرد انتصار عسكري جديد لنظام دمشق، بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، فإعادة السيطرة على درعا يمثل نهاية رمزية للثورة بعد سبع سنوات من الحرب؛ لأنه في عاصمة مقاطعة هوران الريفية والقبلية، انطلقت شرارة الثورة ضد دكتاتورية بشار الأسد في مارس 2011. وأشارت إلى أنه منذ ذلك الحين، تم السيطرة على درعا من قبل الجماعات المسلحة المعارضة، والتي أعطت مثالًا على "الاعتدال"، في وقت كان لجماعات متشددة أخرى، اليد العليا في بعض المناطق التي فقد النظام السيطرة عليها. وبيَّنت أنه من بين الأسلحة الثقيلة التي سلمتها المعارضة للنظام في الأيام الأخيرة، وفقًا للاتفاق الذي فرضه الروس، صواريخ فاجوت مطلية باللون الأبيض لتكون محددة بوضوح، وهي الصواريخ التي تسلموها عام 2013 من قبل الأمريكيين ودول أخرى دعمت قتالهم ضد نظام بشار الأسد. وفي الآونة الأخيرة، كانت درعا جزءًا من مناطق التصعيد التي شملها اتفاق أستانا برعاية موسكو؛ حيث أعلنت كل من روسيا والولايات المتحدة والأردن وقف إطلاق النار في هذه المنطقة. ونقلت قضماني عن أحد قادة معارضي درعا القول "هذه المرة، فهمنا أن الأمريكيين باعونا إلى الروس، ولهذا السبب أجبرنا على قبول شروط استسلامنا، من أجل عائلاتنا". ولفتت الكاتبة إلى أن الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة الوضع في جنوب سوريا، لم يسفر عن شيء؛ حيث أكد المحلل صبحي حديدي أنه "رغم كل خلافاتهم، فإن الإجماع الآن هو إنهاء القضية السورية من خلال إسنادها إلى الكرملين". واختتمت قضماني مقالها بالقول في وقت اعترف فيه الجميع بـ"انتصار" النظام السوري حتى من قبل أشد المعارضين له، لا يزال زعيم المعارضة السورية، ناصر الحريري، وهو طبيب من درعا، يغرد قائلًا: "المعركة ضد النظام السوري مستمرة". فيما نفَّس النشطاء الشباب ضد النظام السوري عن أنفسهم، على الشبكات الاجتماعية، من خلال الاحتفال بالفوز الكرواتي على روسيا في نصف نهائي كأس العالم.
مشاركة :