كادت تنهي المشروع الصهيوني..محاولات «عبثية» لتشوية ثورة 36 الفلسطينية!!

  • 7/11/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يقتصر الغضب على الشارع الفلسطيني فقط، ولكنه تمدد داخل الشارع العربي، عقب بث قناة فضائية عربية فيلما وثائقيا بعنوان «النكبة»، تجاوز كثيرا حقائق التاريخ الموثقة، وشواهد الجغرافية داخل فلسطين العربية.. وأثير جدلا واسعا حول ما تضمنه الفيلم الوثائقي عن الثورة الفلسطينية التي كادت أن تنهي المشروع الصهيوني فوق تراب فلسطين « ثورة 1936».. وفي الذكرى 82 للثورة ،اعتبرها الفيلم مجرد أعمال شغب ؟!! والتقرير يعيد استعراض وقائع التاريخ، وكيف كانت ثورة 1936  مفاجأة قاسية لسلطة الإنتداب البريطاني، ومفاجأة صادمة لحركة الإستيطان الصهيوني، وفقا لداسات مجموعة «المؤرخين الجدد» في إسرائيل، بأن ثورة 36 كادت تقضي على أحلام الصهيونية في فلسطين، وأن الفرصة كانت سانحة أمام الفلسطينيين لإستقلال بلادهم عن بريطانيا وإعلان دولتهم المستقلة.     البداية وثائق التاريخ ـ وبحسب الوثائق البريطانية التي أفرج عنها قبل 30 عاما ـ  تكشف  أن الحكومة البريطانية، طلبت سنة 1915 من السير «هربرت صمويل» أن يضع تصورا لما ينبغي أن يكون عليه أمر فلسطين بعد النصر في الحرب العالمية الأولى، وكتب «هربرت صمويل» بوصفه عضوا في وزارة الحرب ـ إلى جانب كونه يهوديا وصهيونيا أيضا ـ مذكرة بعنوان «مستقبل فلسطين » تاريخها 5 فبراير/ شياط  1915، توصل فيها إلى نتيجتين : إحداهما : إن الحل الذي يوفر أكبر فرصة للنجاح ولضمان المصالح البريطانية، هو إقامة إتحاد يهودي كبير تحت السيادة البريطانية في فلسطين.. وأن فلسطين يجب أن توضع بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية، ويستطيع الحكم البريطاني فيها أن يعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية في شراء الأراضي وإقامة المستعمرات وتنظيم الهجرة، وكانت تلك هي الظروف والأجواء التي صدر فيها «وعد بلفور» الشهير في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 .. وأثناء إعداد وثائق مؤتمر السلام في «فرساي» 1919 أصرّت الحركة الصهيونية على ضرورة أن يتضمن قرارالمؤتمر، الخاص بإنتداب بريطانيا على فلسطين، إشارة واضحة في مقدمته لـ «وعد بلفور» تأكيدا إضافيا بأن المهمة الرئيسية للإنتداب البريطاني هي العمل على إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين !!     الصهيونية تعلقت بأذيال الموجة الاستعماريةةوما حدث يؤكد رؤية المفكر الراحل الدكتور جمال حمدان، فيلسوف الجغرافيا السياسية، بأن الحركة الصهيونية تعلقت بأذيال الموجة الإستعمارية لتركبها وتستثمر المناخ السياسي الإستعماري العام وصولا إلى تنفيذ مخططاتها الخاصة بإنشاء الدولة اليهودية .. وهي نفس رؤية الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر ـ  في كتاب فلسفة الثورة 1954 ـ « بأن إسرائيل، لم تكن إلاّ أثرا من آثار الإستعمار، فلولا أن فلسطين وقعت تحت الإنتداب البريطاني، ما استطاعت الصهيونية أن تجد العون على تحقيق فكرة الوطن القومي في فلسطين، ولظلت هذه الفكرة خيالا مجنونا ليس له أي أمل في واقع»            أول إضراب عام في التاريخ العربي وأدرك الفلسطينيون حجم المؤامرة التي تحيط بالوطن، ودور الانتداب البريطاني في تمهيد الأرض للمستوطينين اليهود والأفواج القادمة منهم، وغض الطرف تماما عن العمليات الإرهابية العدوانية وممارسات العصابات الصهيونية.. فاندلعت نيران الثورة في فلسطين مع حادث 17 إبريل/ نيسان 1936 حين استشهد فلسطينيان على يد العصابات الصهيونية، قرب نهر العرجا بقضاء يافا، وأعلن الفلسطينيون الإضراب العام الذي إستمر 176 يوما، إضرابا عاما لم يسبق له مثيل في الوطن العربي، وشمل الإضراب جميع مرافق الحياة الإقتصادية والإجتماعية، فأغلقت جميع المخازن والمصانع والمقاهي، وتوقفت الحركة التجارية، فلم يرق ذلك لحكومة الإنتداب البريطاني، وحاولت إرغام التجار على فتح مخازنهم، فنقلوا بضائعهم إلى بيوتهم، وكتب عدد منهم على مخازنهم «برسم الإجار والمخابرة مع الحكومة !!»         تعسف بريطاني وتركت الأحزاب السياسية تخاصمها، وإجتمع رؤوساؤها وقرروا تأسيس «لجنة عربية عليا» لتوحيد القيادة، وللإشراف على الحركة الوطنية، وتألفت اللجنة العربية العليا من رؤساء الأحزاب الخمسة، وخمسة آخرين من رجالات البلاد.. وكان أعضاء اللجنة كل من : الحاج أمين الحسيني، راغب النشاشيبي، أحمد حلمي عبد الباقي، الدكتور حسن الخالدي، يعقوب فراج، عوني عبد الهادي، عبد اللطيف صلاح، الفرد روك، جمال الحسيني، ويعقوب الغصين .. وانتخب السيد أمين الحسيني «مفتي فلسطين» رئيسا، والسيد أحمد حلمي عبد الباقي أمينا للصندوق، والسيد عوني عبد الهادي سكرتيرا، وأعتقل السيد عوني فانتخب مكانه السيد دروزة، وأعتقل أيضا، فانتخب السيد فؤاد سابا خلفا له..وأخذ الإضراب السلمي يتسع رغم تعسف البوليس البريطاني واعتداءاته على الشعب الفلسطيني، والتمادي في سياسة الإعتقال والحبس.             تمدد معارك الثورة وحمل معظم القرويين وكثير من أهل المدن السلاح، وأخذوا يقاومون القوة بالقوة، وكان القتال في كل مكان في الليل والنهار، وتصاعدت حدة المواجهة في منطقة القدس «معركة باب الواد»، وفي سائر فلسطين : «معركة نور شمس»، و «معركة عين جارود»، و«معركة وادي عزون»، و«معركة بلعا الأولى» .. وبعد أن استلم الجنرال (ديل) القيادة العليا للقوات البريطانية في فلسطين وشرق الأردن، وجعل مركزها القدس، دارت معارك «نور شمس عنبتا»، و«ترشيحا» و«جبع»، و«حلحول»، ومعركة برقة ـ بيت أمرين ، ومعركة الخضر، ومعركة كفر صور، وغيرها .. وتمددت ثورة شعب متوحد الصفوف دفاعا عن سيادة فلسطين عربية، وإنقاذها من مطامع الصهيونية .         نداء عربي للفسطينيين بضبط النفس !! ولجأت حكومة الإنتداب البريطاني إلى عنف المواجهة، وفرض الغرامات، ومصادرة الأموال والأملاك، والتفتيش وإلقاء القبض والإعتقال لمجرد الشبهة، وتم نسف قسم كبير من مدينة يافا القديمة، وأحرق اليهود عشرات المنازل للفلسطينيين، معظمها في منطقة تجاور تل أبيب..وتأججت نيران الثورة ، ووجه ملوك وأمراء عرب، نداء إلى اللجنة العربية العليا، بإعطاء فرصة للحكومة البريطانية لإعادة تقييم الأمو ،وإستجابت اللجنة العربية العليا في 31 أغسطس/ آب 1936 لنداء الوساطة العربية، وهذا نصه :  «إلى أبنائنا عرب فلسطين، لقد تألمنا كثيرا للحالة السائدة في فلسطين، فنحن بالإتفاق مع إخواننا ملوك العرب والأمير عبد الله ، ندعوكم للإخلاد إلى السكينة حقنا للدماء، معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم».     استقلال مشروط لدولة فلسطينية ولم تفعل الحكومة البريطانية شيئا، وعادت نيران الثورة تتأجج مرة أخرى، وتواصلت على مدى ثلاث سنوات، حتى أضطرت الحكومة البريطانية إلى عقد مؤتمر دولي في لندن سنة 1938 بمشاركة بعض الدول العربية، وأصدرت بريطانيا وثيقة تحمل عنوان «كتاب أبيض» سنة 1939 يشرح تصورها لحل المشكلة الفلسطينية، ويتضمن:  إستقلال مشروط لدولة فلسطينية بعد فترة إنتقالية مدتها عشر سنوات، مع السماح بدخول 15 ألف مهاجر يهودي كل سنة إلى فلسطين لمدة خمس سنوات فقط.   خمسة ألاف شهيد في معارك الثورة ومارست بريطانبا مناورات تآمرية، وقررت أن تبعث بلجنة تحقيق تتقصى أسباب ثورة 1936 ، وجاءت اللجنة برئاسة اللورد «بيل» وأصدرت توصية بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية، ودولة عربية يتم دمجها مع شرق الأردن، على أن يظل الإنتداب البريطاني قائما عبر الضفتين، ورفضت قيادة الثورة الفلسطينية إقتراح التقسيم، وطالبت بإنشاء دولة فلسطينية واحدة مستقلة توفر الحماية والحقوق المشروعة لليهود وغيرهم من الأقليات .. واستمرت الثورة تهز فلسطين، وقدم الشعب الفلسطيني خمسة آلاف شهيدا في معاركها.

مشاركة :