عمرو عبيد (القاهرة) هل لعب «الديوك» بتكتيك دفاعي مغلق تماماً؟، وهل استفاد «الشياطين» من امتلاك الكرة والاستحواذ عليها؟ ماذا عن أبرز لاعبي المباراة وأصحاب التأثير الفني الأكبر فيها؟، وكيف تغير الرسم التكتيكي لكل فريق خلال فترات المباراة ؟. كل هذه الأسئلة الفنية أجابت عنها أرقام وإحصائيات اللقاء التي بدت مثيرة للغاية وتدعو للدهشة، عندما أكدت أن الجانب الفرنسي كان الأكثر محاولة على المرمى «الأحمر» بإجمالي 19 تسديدة، بمعدل تصويبة واحدة كل 4.7 دقيقة، مقابل 9 محاولات بلجيكية، بمعدل واحدة كل 10 دقائق، وهو ما يعني بالأرقام المبسطة أن كل هجمة مكتملة لـ «الشياطين» قابلها «الديوك» بهجمتين، أو بتعبير آخر، ردوا لهم «الصاع صاعين»! هذه المقدمة تبدو غريبة للغاية لمن شاهد المباراة، ورأى استحواذ وسيطرة البلجيكيين عبر أغلب فترات المباراة، خاصة نصف الشوط الأول ونهاية الشوط الثاني، لكن المتابعة الدقيقة للمباراة لحظة بلحظة تبرهن على صحة الإحصاءات الرسمية الخاصة بهذا اللقاء التكتيكي الرائع، فالفرنسيون لم يدخلوا المباراة بتكتل دفاعي بحت، بل بدأوا برسم خططي هو 4 - 2 -3 -1، واستمر ذلك حتى تعدل مركز ماتويدي ليميل أكثر إلى الجهة اليسرى الدفاعية وتتحول الطريقة إلى 5 - 4 -1 أو 4 - 5 -1. وفي المقابل استهل «الشياطين» تلك المواجهة بتطبيق فني هو 3 - 5 -2، تغير عدة مرات خلال المباراة بين 3 - 2 -4 -1 و 3 - 3 -3 -1. وبالعودة إلى أرقام أداء المنتخبين، نجد أن لاعبو فرنسا سددوا 5 كرات بين القائمين والعارضة، بدقة 26%، مقابل ثلاث محاولات بلجيكية دقيقة بنسبة 33%، وهنا يعود الفضل الأكبر للحارس الفرنسي هوجو لوريس الذي وقف حائلاً أمام تقدم «الشياطين» في البداية، قبل أن يعود منتخب بلاده بكل قوة إلى المباراة، بعد ما يقارب نصف الشوط الأول، لكن تبقى الحقيقة الرقمية المجردة التي تقول إن فرنسا كانت الأغزر محاولة وتسديداً للكرات على مرمى منافسه، والأكثر صناعة للفرص التهديفية، خاصة في نهاية المباراة التي كادت أن تنتهي بفارق أكثر من هدف! والغريب أن الشوط الأول الذي شهد استحواذ بلجيكا على الكرة بنسبة 58% مقابل 42% للفرنسيين، لم يمنح التفوق المطلوب لـ «الشياطين»، إذ بلغت محاولاتهم على المرمى خلال هذا الشوط 3 كرات فقط، بينها واحدة دقيقة، مقابل 11 تسديدة فرنسية، منها 2 بين القائمين والعارضة، بل إن زمن اللعب الفعلي في هذا الشوط يشير إلى تفوق بلجيكا بفارق 5 دقائق فقط، إذ لعب الشياطين فعلياً 18 دقيقة مقابل 13 لـ «الديوك» في الفترة الأولى من تلك المواجهة النارية. وإجمالا جاءت نسبة الاستحواذ على الكرة لمصلحة بلجيكا في نهاية المباراة بـ 60%، بجانب اللعب فعلياً طوال 36 دقيقة، في حين امتلك المنتخب الفرنسي الكرة بنسبة 40%، وبلغ زمن لعبه الفعلي 23 دقيقة، لكن الإحصاءات الأكثر عمقاً تشير إلى أن «الشياطين» امتلكوا الكرة في منطقة وسط الملعب البعيدة عن مواقع الخطورة لدى الفرنسيين بنسبة 60%، مقابل نسبة 20% في الثلث الأخير الهجومي «الأحمر»، منها نسبة 4% فقط في مواجهة مرمى «الديوك»، وهو ما يعني أن امتلاك بلجيكا للكرة لم يتحول كثيراً إلى الفاعلية الهجومية المطلوبة لهز شباك المنافس! أما فرنسا استحوذت على الكرة في وسط الملعب بنسبة 50%، مقابل 21% في المناطق الهجومية، بينها نسبة 7% في مواجهة الشباك البلجيكية، والفارق الرقمي يميل من حيث الخطورة لمصلحة «الديوك»، بينما يشير تقارب النسب الإجمالية إلى تكافؤ بدا واضحاً بينهما بعد مرور أول 20 دقيقة من المباراة. الخطورة الفرنسية في هذه المباراة جاءت عبر الأطراف، خاصة الجناح الأيمن الذي صال وجال فيه الموهوب مبابي، ونفذ «الديوك» 47% من هجماتهم عبر تلك الجبهة، مقابل 32% من الجهة اليسرى، و21% فقط عبر العمق، استغلالاً لاندفاع بلجيكا إلى الأمام، ووجود ثلاثة لاعبين فقط في أغلب الفترات في المناطق الخلفية، وهو ما أسهم في وجود ثغرات في المنطقتين الدفاعيتين العميقتين في كلا الطرفين، أما «الشياطين» مالوا بالملعب جهة اليمين فقط، بنسبة كبيرة جداً بلغت 63%، مقابل 26% عبر الجهة اليسرى و11% من العمق، وفطن الفرنسيون للاعتماد البلجيكي التام على الطرف الأيمن، قبل أن يضعوا المتاريس أمامهم خاصة مع تراجع ماتويدي لمؤازرة هيرنانديز ومعهما أومتيتي، كما شهدت لقطات عدة تراجع جيرو إلى تلك الجبهة لإغلاقها تماماً في وجه «الشياطين»!
مشاركة :