يبدو أن هناك تحركات داخلية وخارجية متسارعة لإحباط اتفاقية "الموانئ الأربعة" بين مقديشيو وأديس أبابا، حيث خرجت حركة "الشباب" المتطرفة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، بتصريحات مفاجئة، هددت فيها صراحة بعرقلة هذه الاتفاقية، ومنع ما سمته خطة تسليم البلاد للعدو اللدود إثيوبيا، حسب تعبيرها.وقال "مهد ورسمي كاراتاي"، أحد قادة حركة "الشباب"، إن اتفاقية الموانئ الموقعة بين إثيوبيا والصومال في 16 يونيو الماضي وتصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حول تطلعه لوحدة الصومال وإثيوبيا في المستقبل تأتي في إطار "مؤامرة إثيوبية يتم تنفيذها، إما بالقوة أو الحيلة".وأضاف كاراتاي في تصريحات بثتها إذاعة "الأندلس" الناطقة باسم "حركة الشباب" في 11 يوليو، أن هذه الاتفاقية تأتي ضمن خطة تسليم البلاد لإثيوبيا، مهددا بإجهاضها.وتابع "القتال بين إثيوبيا والصومال يرجع إلى فترة تاريخية قديمة، وأودى بحياة ملايين الأاشخاص من البلدين"، واستطرد " قتال أجدادنا كان على أساس الدفاع عن الدين الإسلامي والمسلمين"، حسب تعبيره.وشن كاراتاي هجوما شديد اللهجة على الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، وقال:"إن فرماجو مواطن أمريكي وعضو في الحزب الجمهوري الأمريكي الذي ينتمي إليه دونالد ترامب. استمال قلوب الصوماليين بأنه وطني لكن أول ما قام به بعد وصوله إلى السلطة هو تسليم أي مواطن صومالي مطلوب من قبل إثيوبيا".وكانت الحكومتان الصومالية والإثيوبية أعلنتا خلال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد لمقديشيو في 16 يونيو الماضي، التوصل إلى اتفاقية للاستثمار في أربع موانئ بحرية في الصومال، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.وبالنظر إلى أن رد فعل "حركة الشباب" على اتفاقية الموانئ، جاء بعد حوالي ثلاثة أسابيع من الإعلان عنها، فإن هناك من رجح احتمال وجود تنسيق بين جهات خارجية وحركة الشباب لإحباط هذه الاتفاقية.ولعل ما يضاعف الشكوك في هذا الصدد أن حركة الشباب لا تعترف بالحكومة الصومالية وما يصدر عنها، وتركز على النواحي القتالية، ولذا، فإن تصريحات كاراتاي، بدت أنها تنفيذا لأجندة خارجية.وكانت وسائل إعلام صومالية، كشفت أيضا أن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد أبي أحمد لمقديشيو، أربكت حسابات قطر، التي حاولت الإيقاع بين الصومال من جهة، والإمارات والسعودية من جهة أخرى. كما نشر موقع "الجزيرة نت" تقريرا عن هذه الزيارة بعنوان "إثيوبيا تنال دعم الإمارات وتصالح الصومال"، في إشارة واضحة إلى الربط بين زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إلى إثيوبيا قبل يوم من زيارة أبي أحمد إلى مقديشيو. ويبدو أن ما يقلق الدوحة بشأن الاتفاقية المبرمة بين الصومال وإثيوبيا بشأن الموانئ الأربعة، هو اعتقادها أن المستثمر الممول لتلك المشاريع هو دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن دور إثيوبيا ما هو إلا دور وسيط تجاري.وذكر موقع "الصومال الجديد"، في 20 يونيو الماضي، أن ما يؤكد قلق قطر، ظهور حملات على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو بعد الاتفاقية مع إثيوبيا المتعلقة باستثمار الموانئ، حيث شارك ناشطون صوماليون معروفون بالدفاع عن مصالح قطر في هذه الحملات.يذكر أنه تم التوقيع بين مقديشو والدوحة في نهاية عام 2017 على اتفاقية حول تنفيذ قطر مشاريع تنموية تقدر تكلفتها بـ 200 مليون دولار في البلاد، ومن بينها مشروع إعادة بناء شارعين مهمين يربطان العاصمة مقديشيو بمحافظتي شبيلى السفلى وشبيلى الوسطى، لكن هذه المشاريع لم تبدأ.وتساءل مراقبون عن الأسباب التي تمنع الدوحة من الإقدام على الاستثمار في الصومال، بينما تحاول في الوقت نفسه عرقلة أية استثمارات خارجية في المرافق الاقتصادية الصومالية تعود أرباحها في المستقبل على كل من الصومال والمستثمر الأجنبي.وبالنظر إلى عدم وجود مصالح استراتيجية لقطر في الصومال، فإنه يعتقد أن حديثها عن إقامة مشاريع هناك يهدف فقط للدعاية ومحاولة منع الإمارات والسعودية من دعم الصومال.
مشاركة :