شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الاربعاء في اليوم الأول من قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل هجومًا حادًا على ألمانيا متهمًا إياها بإثراء روسيا وعدم الوفاء بالتزاماتها. وشن ترامب هجومه حتى قبل بدء أعمال القمة بالقول إن «ألمانيا تثري روسيا. انها رهينة روسيا». وأضاف ترامب خلال لقاء مع الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ الذي حاول تهدئته «أن ألمانيا خاضعة بالكامل لسيطرة روسيا. أنها تدفع مليارات الدولارات لروسيا لتأمين إمداداتها بالطاقة وعلينا الدفاع عنهم في مواجهة روسيا. كيف يمكن تفسير هذا الأمر؟ هذا ليس عادلاً». وبدون ذكر اسمه ردت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل أن لالمانيا سياساتها الخاصة، مؤكدة أن بلادها تتخذ قراراتها في شكل «مستقل». وأضافت «لقد عشت شخصيًا في الجزء من ألمانيا الذي كان يحتله الاتحاد السوفياتي. إني سعيدة جدًا بأننا اليوم موحدون تحت راية الحرية». وتجاهل المسؤولان الواحد الآخر في ممر المقر الجديد للحلف حتى المنصة لالتقاط الصورة التقليدية للمجتمعين، على أن يلتقيا بعد الظهر عند الساعة 13.15 (ت غ). وبدأت القمة رسميًا باجتماع أول للأعضاء الـ29 خصص لزيادة النفقات العسكرية. وكان الرئيس الأمريكي ندد عدة مرات بمشروع أنبوب الغاز نورستريم الذي سيربط مباشرة روسيا بألمانيا وطالب بالتخلي عنه. وهذا المشروع يثير انقسامًا في صفوف الأوروبيين، إذ أن بولندا تعتبر من جهتها أن أوروبا لا تحتاج اليه. وقال وزير خارجية بولندا جاسيك شابوتوفيتش لدى وصوله الى مقرّ الحلف إن نورستريم 2 «هو نموذج الدول الأوروبية التي تقدم أموالاً إلى روسيا، وتعطيها وسائل يمكن استخدامها ضد أمن بولندا». وتستورد دول الاتحاد الأوروبي ثلثي احتياجاتها من الاستهلاك (66%). وفي العام 2017 شكل ذلك 360 مليار متر مكعب من الغاز بينها 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال بقيمة 75 مليار يورو بحسب الإحصاءات الأوروبية. وحتى الان نصف الغاز الذي يتم شراؤه هو روسي لكن الاوروبيين يسعون الى كسر هذا الاعتماد. وتعتمد الولايات المتحدة استراتيجية غزو أسواق لبيع غازها الطبيعي. فهي صدرت 17.2 مليار متر مكعب عام 2017 بينها 2.2% نحو موانئ الاتحاد الاوروبي. وسيبحث الملف اليوم الخميس في بروكسل خلال اجتماع أوروبي-أمريكي يشارك فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. وهاجم ترامب بشكل عام أعضاء حلف الأطلسي الذين «لا يدفعون ما عليهم» للنفقات العسكرية. واعتبر ستولتنبرغ أن الرئيس الأمريكي استخدم «لهجة مباشرة جدًا» لكنه أكد أن الحلفاء متفقون على الملفات الحساسة وهي ضرورة تعزيز قدرة الحلف على المواجهة ومكافحة الإرهاب وتقاسم العبء المالي بإنصاف أكبر. ويعبر الأوروبيون عن قلقهم إزاء قمة صعبة وشائكة للحلف الأطلسي. فقد غادر الرئيس الأمريكي واشنطن معلنًا بلهجة تهكمية يمكن ان تفسر استفزازا، ان لقاءه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي قد يكون «اسهل» من قمة حلف الاطلسي. ويثير هذا السلوك غضب الأوروبيين. وخلافًا للهجة أسلافه اللبقة، خاطب رئيس الاتحاد الاوروبي دونالد توسك الثلاثاء ترامب ليعبر عن مدى الازعاج الذي تسببه انتقاداته اليومية ودعاه إلى «تقدير» حلفائه «لأن ليس لدى أمريكا الكثير منهم». وذكر أيضًا بأن أوروبا كانت «أول من تصرّف» بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 على الأراضي الأميركية. وتعهد الحلفاء في العام 2014 انفاق 2% من اجمالي الناتج المحلي لبلدانهم على شؤون الدفاع بحلول عام 2024، لكن حوالى 15 دولة عضوا في الحلف بينها ألمانيا وكندا وايطاليا وبلجيكا واسبانيا لا يزال انفاقها على الدفاع تحت عتبة 1.4% في 2018 وستكون غير قادرة على احترام وعدها الأمر الذي يثير غضب ترامب.
مشاركة :