كشف تجار ومحللون أمس عن قيام مصدري القمح الروس بخفض الأسعار، بهدف تسريع وتيرة المبيعات في الخارج قبل القيود التي من المحتمل أن تفرضها الحكومة لزيادة مخزوناتها والحيلولة دون زيادة تكلفة الخبز. وبحسب "رويترز"، فقد قفزت صادرات روسيا من الحبوب إلى مستوى قياسي، بفضل محصول وفير وتراجع قيمة العملة الروبل، بعد هبوطها 40 في المائة مقابل الدولار، وهو ما جعل الصادرات أكثر ربحية من المبيعات المحلية. وقال نيكولاي فيودوروف وزير الزراعة في البرلمان إن وزارته ستدرس كل الخيارات المتاحة لتقييد الصادرات ما عدا الحظر، ولتلبية الطلب المحلي. ونقلت صحيفة "كومرسانت"، عن منتجي الخبز ومتاجره قولهم إن أسعار الخبز قد ترتفع 10 في المائة في المستقبل القريب، بسبب ارتفاع أسعار الدقيق "الطحين" والحبوب والسكر والمواد الخام وزيادة التكاليف الأخرى. ويقول المحللون إن روسيا لا يمكنها حظر الصادرات، كما فعلت بعد الجفاف في عام 2010 لأنها الآن عضو في منظمة التجارة العالمية، لكن تصريحات فيودوروف تؤكد أن الحكومة لديها مع ذلك الأدوات التي تتيح لها تقييد المبيعات. وبحسب مؤسسة "سوف إيكون" للاستشارات الزراعية، فإن أسعار قمح البحر الأسود الروسي الذي تبلغ نسبة محتواه البروتيني 12.5 في المائة تقل الآن ستة دولارات إلى 258 دولارا للطن على أساس التسليم على ظهر السفينة "فوب"، مقارنة بما كانت عليه قبل أسبوع. إلى ذلك، سجلت روسيا خلال تشرين أول (أكتوبر) الماضي زيادة في الفائض التجاري لأول مرة منذ ثلاثة أشهر نتيجة تراجع الواردات بأقصى وتيرة منذ 2009 بسبب الحظر الثأري الذي فرضته موسكو على وارداتها من المواد الغذائية من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تراجع قيمة الروبل الروسي أمام العملات الرئيسة في العالم. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية، عن بيانات للبنك المركزي الروسي أن الفائض التجاري زاد خلال تشرين أول (أكتوبر) الماضي بنسبة 6.3 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي، ليصل إلى 13.6 مليار دولار، وذلك بعد تراجعه بنسبة 20 في المائة في الشهر السابق. وكان متوسط توقعات 16 محللا اقتصاديا استطلعت وكالة بلومبرج آراءهم، قد أشار إلى وصول الفائض إلى 11.6 مليار دولار فقط، وقد تراجعت الواردات الروسية في الشهر نفسه بنسبة 12 في المائة، في حين هبطت الصادرات بنسبة 6.9 في المائة خلال الفترة نفسها. يأتي ذلك، فيما فقد الروبل الروسي أكثر من 40 في المائة من قيمته أمام الدولار خلال العام الجاري، ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم بأسرع وتيرة له منذ 2011 وانكماش الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل نحو نصف إجمالي الناتج المحلي لروسيا. ووفقا للتوقعات فإن روسيا، وهي أكبر مصدر للطاقة في العالم، تواجه شبح الانكماش خلال العام الجاري، وذلك لأول مرة منذ 2009 على خلفية العقوبات الغربية المقررة عليها بسبب الأزمة في أوكرانيا وتراجع أسعار النفط العالمية. من جهة أخرى، هدد سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي بأن بلاده ستتخذ إجراءات مضادة إذا فرضت واشنطن عقوبات جديدة على موسكو بسبب أزمة أوكرانيا. وكان الكونجرس الأمريكي بمجلسيه قد أقر بالإجماع قانون دعم الحرية في أوكرانيا الذي يفرض عقوبات جديدة على شركات الأسلحة الروسية والمستثمرين بمشاريع النفط التي تعتمد على تكنولوجيا متطورة، ولم يوقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على القرار بعد ليصبح قانونا. وهو ما دعا روسيا لانتقاد القانون الذي يقضي بفرض مزيد من العقوبات، وقالت إن واشنطن تبذل قصارى جهدها "لتدمر هيكل" التعاون بين البلدين، وقال نائب وزير الخارجية الروسي "بالتأكيد لا يمكن أن نترك الأمر دون رد". وساءت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وتدهورت لأدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة بسبب ضم روسيا للقرم في آذار (مارس) ودعمها للانفصاليين الموالين لها في شرق أوكرانيا، ويقول الغرب إن لديه أدلة دامغة على تسليح روسيا الانفصاليين، وفرض مع الاتحاد الأوروبي عقوبات على أفراد روس وشركات كبرى، وردت روسيا على عقوبات سابقة بتقليص الواردات الغذائية من عدد من الدول الغربية.
مشاركة :