رنا حدّاد تروي قصة حب سورية بالإنكليزية

  • 7/12/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

رنا حدّاد الكاتبة والصحافية البريطانية من أصل سوري، عملت على نحو واسع في الإعلام المكتوب والمرئي، باحثةً، وكاتبة مقال، ومنتجة، ومترجمة، وفي الوقت نفسه كتبت الشعر، وألفت روايات خيالية، وأحد دواوينها الشعرية المزين بالرسوم «الصبي القمر» The boy Moon يضم قصائد حب ضائعة وجدت في مغلّف، نشر عام 2008. وحديثاً صدرت لرنا حداد روايتها الأولى «مسائل الحب غير المتوقّعة لـ دنيا نور» The Unexpected Love Objects of DunyaNoor» عن دار نشر الجامعة الأميركية في القاهرة. وكما في ديوانها الشعري، كذلك في الرواية، يبقى القمر رمزاً مكرراً. تحمل حداد إجازة في الأدب الإنكليزي من جامعة كامبردج في المملكة المتحدة. وتقول لـ «الحياة»: «حاولت أن أكتب قصصاً خيالية في العشرينات من عمري، ولكن كان ذلك مستحيلاً آنذاك لأنها كانت دائماً تتحول إلى كتابات شعريّة جداً. كان عليّ أن أتعلّم كيف أكون عملية أكثر. أعتقد أن العمل في الصحافة وخاصة في التلفزيون ساعدني في ذلك، وبالتحديد من جانب بنية القصة الخيالية في لوحتها الواسعة». ترعرعت دنيا نور بطلة رواية حدّاد، في الثمانينات، في مدينة اللاذقية الساحلية السورية. وهي إبنة جراح القلب الشهير الدكتور جوزيف نور وزوجته الشقراء الإنكليزية الفاتنة بولين. حدّاد نفسها، نشأت في اللاذقية. والدها سوري ووالدتها هولندية وأرمنية. تركت سورية في الخامسة عشرة وعاشت منذ ذلك الحين معظم الوقت في لندن، وأيضاً في باريس، مدريد، ولمدة قصيرة في بيروت. تقول إن حبكة روايتها «جد خيالية، أما الأجواء والمشاعر فتتعلق بي. هذه هي سورية التي عشتها طفلةً ويافعة، والتي زرتها لاحقاً عبر السنوات». وأهدت روايتها لسورية ولأبنائها، وأيضاً لوالدها مروان الذي كان حبّه لوطنه عميقاً لا يتزحزح. تستعيد الرواية سورية في الثمانينات والتسعينات. تكتب حداد بصراحة وبروح مرحة، وسخرية تظهر الضغوط والقيود التي تواجه الناس الذين يعيشون في ظل نظام قمعي. وعلى الرغم من أن أحداث الرواية تدور في ظل نظام يكبح الحرية، فإن كتابات حداد مليئة بالضوء وغنية بالشعر، الأغاني، الموسيقى وتصوير الشخصيات والأماكن. كتبت حداد تقريباً كل الشعر الموجود في الكتاب، باستثناء الأغنية التي اشتهر بها المغني المصري عبدالحليم حافظ، «قارئة الفنجان»، والتي ترجمتها حداد بنفسها. في الرواية، تلعب امرأة عرّافة، تقرأ الفنجان، دوراً حاسماً في الحبكة. دنيا شخصية فريدة من نوعها. يرتبط والدها ارتباطاً قوياً بطبقات المجتمع السوري العليا، وتعيش الأسرة برفاهية. لكن دنيا لا تمتثل لما هو متوقع من فتاة في سنّها وطبقتها. لقد ورثت من والدها الشعر الأسود الكثّ بدلاً من خصل والدتها الشقراء. إنها تملك الكثير من الاستقلالية، وهي فضوليّة لمعرفة ما وراء الغموض الذي يطوّق حياتها. عندما وقعت دنيا للمرة الأولى في الحب، في سن الثامنة، فإن موضوع حبها كان كاميرا قديمة الطراز اشترتها من متجر. يخبرها صاحب المتجر القديم بأنه «صندوق من الضوء، آلة يمكن أن ترى. إذا اشتريتها، أعدك بتعليمك أسرارها». وكفتاة يافعة، تصبح دنيا مصورة فنية تُعرض أعمالها في المعارض. والإشارات إلى الضوء والتصوير الفوتوغرافي تظهر جلية في كل أجزاء رواية حداد. دنيا مهتمة جداً بالحب، وهو موضوع تبحث فيه. صُدم والداها عندما علما من إشاعات سرت، أنها شوهدت بيد ابن صياد سمك كان يشير إليها كخطيبته. اكتشفت دنيا أن الحب الحقيقي هو الحب من النظرة الأولى، والذي «ينتج عندما تحدّق روحان توأمان واحدتهما في عيني الأخرى»، لكن علاقتها بابن الصياد لم تفعل لها شيئاً سوى التسبّب بفضيحة. يتشابك مفهوم التوائم مع حبكة الرواية المعقدة. هناك أصداء لمسرحيات شكسبير التي تضم التوائم والهويات الخاطئة، مثل“The Comedy of Error”أو «كوميديا الأخطاء» –وفيها زوجان من التوائم الذكور– أو “Twelfth Night” «الليلة الثانية عشرة» مع توأميها ذكراً وانثى، سيباستيان وفيولا التي تتنكر بارتداء ملابس الرجال. تواجه دنيا في سن الثالثة عشرة مشكلة سياسية خطيرة بعد أن أمرت مدرّسة في تعليم الفريق العسكري الشاب التلاميذ المشاركة في تظاهرة سياسية. ترفض دنيا المشاركة، ثم ترفض الاعتذار عن غيابها. كما أنها لم تقبل عقوبة الزحف مثل يرقة على طول ملعب الإسمنت. أغضب تحدي دنيا المعلمة الآنسة هدى، وهي «مستبدة تبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً، لها علاقات بحزب البعث، تضع الكحل الأسود الذي كانت تستخدمه لتوسيع عينيها المرعبتين». عندما تسأل الأستاذة «هل هذا لسبب أنك ضد حزب البعث؟»تومئ دنيا برأسها. تقول الآنسة هدى «نعم؟ هل قلتِ نعم؟ قوليها، قوليها بوجهي، قولي الكلمة! هل أنت ضد حزبنا العظيم حزب البعث؟ «. ترد دنيا «نعم «. هرولت الآنسة هدى إلى المقر المحلي لحزب البعث لإبلاغهم بجريمة دنيا الخطيرة. أدركت بولين (والدة دنيا) الخطر الذي يحيط بابنتها، فأسرعت بها إلى المطار وسافرت معها إلى أمان أرض أجدادها في إنكلترا، لأنه «كيف يمكن لأي شخص أن يتأكد من أنها لن تفتح فاها وتقول الحقيقة مرة أخرى؟». لكن على الرغم من كونها «50 في المئة إنكليزية»، وجدت دنيا صعوبة في التكيّف مع الحياة في إنكلترا ودأبت على انتقاد المجتمع الإنكليزي. ورات أن المراهقين الإنكليز يركزون على الجنس ولا يذكرون الحب أبداً. وهي كانت قد تركت قلبها في سورية التي لم تعد إليها منذ عشر سنوات. ذات يوم ترى دنيا شاباً وسيماً جالساً على مقعد في لندن يقرأ كتاباً يحمل العنوان العربي «سيرة القمر». ينجذب الاثنان بعضهما إلى بعض فوراً: «هبط الحب عليهما كالبرق، بالطريقة التي سمع كل منهما بحدوثها في بعض الأحيان». هلال طالب لامع، حائز على جائزة الفيزياء من جامعة حلب، والتي تضمنت منحة لمتابعة الدراسات العليا في لندن. هو يدرس القمر. والداه خياطان، الأب «سعيد» سني والأم «سعاد» علوية. وهما من جنوب سورية، فرا إلى حلب من عائلتيهما عندما تزوجا. لكنهما لم يكونا سعيدين. «وعلى مر السنوات كان سبب عدم سعادة والديه يصبح أكثر غموضاً بالنسبة إلى هلال». تعيش دنيا سراً مع هلال، من دون معرفة والديهما. وبعد انقطاع هلال عن والديه لمدة ستة أشهر، يتلقى رسالة من والدته تقول إن والده توفي، فيعود إلى سورية مصطحباً دنيا. والد دنيا، الدكتور نور، وهو مسيحي، غضب لأن ابنته تحب مسلماً من عائلة خياطين متواضعة في حلب. فأمر «هلال» بمغادرة اللاذقية إلى حلب وبقطع علاقته بـ «دنيا» نهائياً. لكن الفتاة تؤكد لوالدتها أنها لن تترك «هلال» مطلقاً. لكنها في اليوم التالي وجدت أنه اختفى من الفندق الذي كان يقيم فيه في اللاذقية. وقال لها موظف الاستقبال في الفندق إن رجلين أدخلاه سيارة مرسيدس مزودة بنوافذ داكنة. ففهمت دنيا أن فردين من حزب البعث أو الاستخبارات خطفاه. تتوجه دنيا إلى حلب بحثاً عن «هلال» وترى في الشارع شاباً يشبهه تماماً. تتبعه إلى مقهى لا يؤمه إلّا رجال وتكتشف أنه «حكواتي» اسمه «نجم». وهو يعزف على العود، ويؤدي الأغاني ويتجاوب مع الزبائن. يدعو دنيا إلى منزله، وهناك ينزع شاربيه وملابسه الرجّالية، ويكشف أنه فتاة ذات جمال مذهل اسمها «سهى»، والدها خبّاز. شــخصية «ســهى» تُدهِــش «دنيا» إلى أبعد الحـــدود. وفي هــذه المرحلة من الرواية تبدأ الفتاتان البحث عن «هلال»، وتتكــشّف تدريــجاً أســرار كثيرة في «مسائل الحب غير المتوقعة لـ دنيا نور».

مشاركة :