شهد العالم على مدى 17 يومًا مضت، عملية إنقاذ فريدة من نوعها، نجح على إثرها غواصون في إخراج 12 طفلًا ومدربهم علقوا لأكثر من أسبوعين في كهف شمالي تايلاند بعدما غمرته مياه الفيضانات. ولكن بعد النجاة من الظروف المناخية والضغوط الجسدية الشديدة والاضطراب العاطفي الذي لا يمكن تصوره من الوقوع لأيام في الكهوف المظلمة الرطبة، فإنَّ الأطفال الـ12 ومدربهم أمام تحدٍ جديد؛ لأنَّ البقاء لكل هذا الوقت داخل الكهف قد عرّضهم لضغوط نفسية شديدة، وكذلك لعدوى خطيرة ونادرة، يطلق عليها "مرض الكهف". اثنان على الأقل من أول أربعة أولاد تم إنقاذهم، ثبت أنهم يعانون من أمراض رئوية بعد فحوصات الدم الأولية، ومن المحتمل أن يكونوا جميعًا مصابين بهذه العدوى الخطيرة. فما هو مرض الكهف؟ مرض الكهف، الذي يُطلق عليه أيضًا "التسمم بالفضاء"؛ لأنه عادة ما يصيب رواد الفضاء خلال مكوثهم بعيدًا عن الأرض، هو عدوى فطرية تم وصفها لأول مرة في أربعينيات القرن العشرين على أنها "مرض رئوي غير عادي"، بعدما أصاب مجموعة من الرجال لبثوا لفترة في قبو مهجور. يتم العثور على هذه الفطريات طبيعيًا في جميع أنحاء العالم، وتنمو في التربة الرطبة بمساعدة من العناصر الغذائية التي تحصل عليها من الخفافيش وفضلات الطيور. وتحذر الدكتورة بيترينا كراين، طبيبة مقيمة في قسم الطوارئ في أوكلاند بكاليفورنيا، من أن "مرض الكهف" الذي يصيب الرئتين بشكل أساسي، يمكن أن يسبب الموت إذا لم يتم علاجه. ويخشي الأطباء الآخرون من أن تتسبب شبكة الكهف الواسعة تحت الأرض في أذى جسدي، "فعدم وجود ضوء النهار داخل الكهف يمكن أن يترك لهم أثرًا سلبيًّا في بعض الوظائف الأساسية، ومن الممكن أن تتعرض أنظمة المناعة لديهم للخطر بسبب سوء التغذية وانعدام النوم". كما تقول الدكتورة جينيفر وايلد، من مركز أكسفورد لاضطرابات القلق والصدمات: إن "معظم الناس لا يتجاوزون مثل هذه الصدمات بسهولة". فمن الممكن أن يتذكر الأطفال الظلام واستعادة كل الذكريات الصادمة التي تعرضوا لها، ولكن لابد من التركيز على العظة من عملية الإنقاذ، وهي أنهم على قيد الحياة، وأن العملية تمت بشكل منظم وانتهت على نحو ناجح، بينما حذر خبراء آخرون من أن بعض أفراد الفريق قد لا يكونون قادرين على السباحة أو البقاء في الظلام أو الغرف ذات الأبواب المغلقة مرة أخرى.
مشاركة :