باريس حيث تعانق الحلم

  • 7/12/2018
  • 00:00
  • 137
  • 0
  • 0
news-picture

لربما كان من حسن حظي أنني وصلت إلى باريس صبيحة تأهل المنتخب الفرنسي إلى المباراة النهائية، بعد فوزه على المنتخب البلجيكي، حيث كل شيء هنا يكاد يحلق فرحاً، البشر والحجر، تشعرهم، وكأنهم يعانقون حلم تحقيق اللقب العالمي بهيام، ولا يريدون الانفكاك منه. في كل مكان هنا، لا صوت يعلو فوق صوت المونديال، حيث تضج الأمكنة بأحاديثه، ولا شيء تراه في الوجوه غير ألوان السعادة، التي أبدعت في تشكيل وجوه الفرنسيين، حتى تخالهم متشابهين، إذ لا ملامح في الوجوه غير البهجة التي سكنتها منذ بداية المونديال، وبدت أنها لا تريد مغادرتها. زرت باريس غير مرة، وفي كل زيارة تتكرس قناعتي تجاه الشعب الفرنسي، بأنه شعب لا تعرف الابتسامة إلى وجهه طريقاً، غير أن يوم أمس كان مختلفاً، إذ ما إن حطت قدماي في مطار شارل ديجول، الذي اعتدت أن أرى الفرنسيين فيه متجهمي الوجوه، حتى فوجئت بأروع استقبال، وأبهى معاملة، بدءاً من مسؤول الجوازات، إلى موظف الشركة التي استأجرت منها السيارة، وحتى العامل في مكتب شركة الاتصالات، حيث الجميع متوشح بالفرح. في المطار كما في جادة «الشانزليزيه» التي احتضنت احتفال جماهير «الديوك» بجوار قوس النصر ليلة إطاحة شياطين بلجيكا، تجد الفرح وقد خيم هناك، بينما حلم الفوز باللقب العالمي الثاني قد استوطن كل مدينة وقرية فرنسية، حيث بات الفرنسيون وهم يأملون بأن يفعل المدرب ديدييه ديشامب مع منتخب 2018، ما فعله أستاذه إيمي جاكيه مع منتخب 1998، وأن يحقق أنطوان جرزمان وبوجبا ومبابي، وبقية الكتيبة الفرنسية، ما حقه زين الدين زيدان وتورام وتيري هنري الذين أذاقوا الفرنسيين طعم الإنجاز العالمي. الواقع يقول إن المنتخب الفرنسي قدم كل ما يثبت بأنه فرس الرهان في مونديال روسيا، نحو تحقيق اللقب، وقد أثبت أنه الرهان الرابح في كل جولاته السابقة، لكن من المحتم أن يكون القلق قد بدأ يأخذ مكاناً واسعاً في نفوس أنصار «الديوك»، خصوصاً وهم يرون بأعينهم كيف يجندل خصمهم المرتقب المنتخب الكرواتي خصومه الأقوياء، بدءاً من المنتخب الأرجنتيني الذي أذله أيما إذلال، وكشف ميسي ورفاقه منذ اللحظة الأولى، وحتى المنتخب الإنجليزي الذي نحر طموحه من الوريد إلى الوريد، حينما أنهى مغامرته عند حدود نصف النهائي. والواقع نفسه يقول أيضاً، إن منتخب كرواتيا قدم في مونديال روسيا حضوراً محترماً، وأداءً راقياً، تعاطفنا فيه مع الجنرال زلاتكو داليتش، وفرحنا خلاله مع الأمير لوكا مودريتش، لكن الإنصاف يحتم علينا الاعتراف أن ما قدمه «الديوك» كان أكثر قوة، وأجمل أداءً، مما قدمه «الناريون»، لكن كرة القدم لا تعترف بذلك، فقد تحيل البهجة التي تسكن باريس اليوم إلى حزن دامس، بينما تكون قد أشعلت كل قناديل الفرح في زغرب.

مشاركة :