عن جدارة وبأسلوب ناجح وعلى نحو غير متوقع استطاعت كوليندا غرابار، رئيسة كرواتيا الجميلة ان تخطف الاضواء في مونديال «2018» وان تسجل سبقا في النجومية بما لم يسجله رئيس دولة سابق خلال جميع مواسم المونديال وعلى مدى عقود طويلة من الزمن. فهذه السيدة الخمسينية «من مواليد 1968» التي تجيد سبع لغات استثمرت المونديال بحضور تلقائي بسيط جذب إليها ملايين المشاهدين في العالم المعجبين بتواضعها وبحماسها الكبير في تشجيع فريق بلادها وفي نزولها إلى غرفة تبديل الملابس وتهنئة منتخب فريقها وفي الرقص مع الجمهور الكرواتي وهو يحتفي بفوز بلاده. فمنذ ان ارتدت قميص بلادها واستقلت الطائرة على الدرجة السياحية وبين الركاب في طريق ذهابهم إلى المونديال بموسكو وهتافها في الطائرة والاعلام العالمي من صحافة وتلفزيون وشبكات تواصل متابعها وترصد نشاطها بين الجمهور مما ساعد في اكسابها شعبية تجاوزت حدود بلادها وسجلت نقاطا إيجابية كرئيسة شعبية لا تتردد في التجوال في شوارع موسكو والتقاط الصور مع جمهورها الكرواتي ببساطة لاتميز فيها انها رئيسة البلاد. هذه السيدة لاشك ذكية بدرجة عالية فقد نجحت في استثمار «مناسبة» المونديال لتعزز شعبيتها بين الجمهور الكرواتي العريض لاسيما وان الانتخابات الرئاسية قريبة ويترصدها منافسوها الاشتراكيون الذين ازعجهم حضورها الطاغي في المونديال وكأنها تكيدهم والجماهير يحيط بها رقصا ونشوة بالفوز ما دفعهم إلى وصفها بالانتهازية في هجوم صحافة الاشتراكيين وتصريحات زعمائهم وقادتهم. معظم الجمهور الكرواتي في كرواتيا كان بجانبها مشيدا بروحها الوطنية والشعبية المتواضعة كما قال فيما وقف جمهور الاشتراكيين موقفا سلبيا منها ومما فعلته وقالوا انها تسترضي الروس وتحاول التقرب منهم على حساب اوكرانيا خصمها اللدود. ولا ينسى المراقبون ان رئيسة كرواتيا المتحمسة لكرة القدم حتى قبل المونديال تنهج في ذلك نهج الشعب الكرواتي نفسه الذي يعشق كرة القدم حد الجنون وكانت احدى المباريات قبل سنين سببا من اسباب تفكك يوغسلافيا بما شهدته تلك المباراة من احداث واشتباكات عنيفة. رئيسة كرواتيا قضت سنوات من عمر شبابها وطفولتها في الغرب ولذا فهي تجيد الانجليزية بجانب 6 لغات اخرى. كرواتيا مثلها مثل معظم البلدان النامية تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة وقاسية وقد يصلح فوز كرواتيا بكأس العالم كثيرا من الأمور لكن الرئيسة موعودة بانتخابات صعبة ومعقدة فخصومها يحملونها اسباب الازمة الاقتصادية وان كانت بحضورها الشعبي في المونديال قد كسبت تعاطف الجمهور الكرواتي بشكل ايجابي. زوج رئيسة كرواتيا هو جاكوف اشهر لاعب تزلج في البلاد ولها منه طفلان يتحدثان بجانب الكرواتية الانجليزية والاسبانية والبرتغالية بطلاقة وهما في ذلك يشبهان والدتهما في ولعها باللغات. وعندما سألوها هل تفاجئ كرواتيا العالم فتفوز بكأس المونديال الذهبي، قالت «ولم لا» فكرواتيا لديها فريق ممتاز ومكافح في الملعب ولديه طاقات جبارة. في كل الأحوال منتخب كرواتيا كان مفاجأة المونديال بحق فبرز من حيث لم يتوقع المحللون والمعلقون والمتابعون الرياضيون المحترفون والهواة. ومونديال 2018 هو مونديال المفاجآت فقد خرجت مبكرا المانيا التي يحسب العالم الكروي حسابها وتبعتها البرازيل اشهر منتخب في جميع كؤوس العالم وتهاوت روسيا امام كرواتيا الصغيرة بما يعكس مفاجآت لم تكن في الحسبان. واسأل ناقدا رياضيا صديقا قديما من اصدقاء الزمن الجميل، لو كان رئيس كرواتيا رجلا وقام بجميع ما قامت به الرئيسة، هل كان العالم يحتفي بنجوميته وصوره ونشاطه وسط المونديال كما احتفى العالم بكوليندا المرأة الخمسينية الجميلة؟؟ يبتسم الصديق المتحمس ويجيب مبتسما، «لا اعتقد». وستبقى ذاكرة مونديال 2018 تحمل ذكرى رئيسة كرواتيا وحضورها الطاغي.
مشاركة :