الواسطة هي من أهم أسباب انتشار مظاهر الفساد الإداري، تليها إساءة استغلال النفوذ، ومن المتعارف عليه في شبكة الفساد العنكبوتية أن الفساد شامل التأثیر وصعب الاكتشاف وبطيء المعالجة في حالة اكتشافه، والفساد الإداري من أشكاله انتشار المحسوبية في الوظائف الهامة والمميزة، والفساد الإداري له علاقة بالمستوى الدراسي والتحصيل العلمي، فمن غير المقبول ولا المعقول أن يكون المدير يحمل مؤهل الثانوية العامة والمرؤوس يحمل مؤهل الجامعة؛ لمجرد أن المدير مُعيّن من قبل المحسوبية، فالأفراد الذين يحصلون على الوظيفة بطريقة غير قانونية وعادلة يكونون أكثر ميلاً لممارسة الفساد الإداري، عكس الأفراد الذين يملكون سجلاً تعليمياً كفؤاً. إن اعتماد التعيين في الوظائف القيادية على مبدأ الكفاءة والخبرة والمؤهلات، والابتعاد عن المحسوبية هو طوق النجاة لنجاح أي مُنشأة، كما أن إنشاء إدارة داخل كل مُؤسسة بمسمى "إدارة الرقابة الإدارية أو المتابعة الإدارية " تساعد صاحب الصلاحية في مُعالجة الفساد الإداري، والحد منه لأدنى مستوى إن أراد ذلك، فالفساد الإداري هو أكبر معوق للتنمية؛ لأنه سلوك ضار يؤدي إلى الاضطراب والإخلال، كما أن له آثارا سلبية على النمو الاقتصادي وأُضيف أنه يجب التفريق بين الواسطة والشفاعة الحسنة التي لا تضيع حقوق الآخرين ولا تضر بهم. يقول لي أحد الأصدقاء والذي يعمل في مؤسسة عامة خدمية، أُحيل مديرها العام قبل فترة للتقاعد، والذي عُرف بتوظيفه لأفراد غير مؤهلين في وظائف قيادية وليس لديهم الكفاءة العلمية والإدارية التي تُعينهم على نجاح العمل، حتى وصل بأحدهم أن جمع كل أصحابه في الديوانية في الإدارة التي يرأسها وفي وظائف لا يستحقونها؟! ويضيف صديقي أن ذلك المدير العام السابق يعرف أن هؤلاء المديرين الذين عيّنهم ليسوا بالكفاءة المطلوبة، ولكنهم -حسب رأيه- يسمعون كلامه، ويُطبلون ويتمتمون له ولا يُعارضونه في آرائه سواء أكانت ايجابية أو سلبية وعجينتهم طرية على حد قوله لأحد المقربين منه، ويستخدمهم ككرباج للنيل من معارضيه، يعني يضرب بيد غيره وهم على رأي صديقي أبو عمر كالأطرش في الزفة (سم وحاضر طال عمرك )، لأن ليس لديهم ما يشفع لهم لقول رأيهم بكل وضوح وشجاعة أمامه. أغلب المسئولين يفتقد للشجاعة والمواجهة لحل المشكلات ونصرة المظلومين من الموظفين، ويُفضل أن يعيش في الظل مستخدماً هؤلاء الجهلة الذين مكّنهم في مواجهة الآخرين، والمتضرر الأساس هو مصلحة العمل، وتراجع الأداء، وتذمر الموظفين، وانعكاس ذلك على مستوى الخدمة المقدمة للعملاء، وعلى قول صديقي المدير العام الذي خلف ذلك المسئول أضحى في ورطة إدارية من خلال كثرة المشاكل والشكاوى عليهم، ومطالبة الموظفين المؤهلين بتطبيق العدالة الوظيفية، ولكنه لا يستطيع عمل شيء لهم فخيوط شبكتهم قد سيطرت على مفاصل المؤسسة، وهدفهم القادم إسقاطه، فيا ترى كيف يستطيع هذا المدير العام إنقاذ نفسه أولاً، وتحسين الأداء في مؤسسته، ومن ثم تحجيم أدوارهم، واكتشاف المؤهلين والمخلصين والقياديين المهمشين من قبل سابقه لنجاح مؤسسته وتعطيل خططهم في إفشاله؟! رسالتي لكل مسئول استخدم سلطته الإدارية في الإضرار بالآخرين، أن يتقي الله، وليعلم أن كرسي المسئولية سيرحل عنه يوماً ما، فأترك لك أثراً جميلاً يذكرك الناس به، فالكرسي لو بقي لغيرك ما وصل لك؟!
مشاركة :