صُنِّفت الأشجار الصحراوية المنتشرة في الحياة الفطرية المحلية صديقة للبيئة لما تحمله من فوائد عظيمة للإنسان والحيوان على حد سواء، ولا ينفك العلم الحديث يكشف في كل مرة فوائد جديدة تتميَّز بها. هذة الأشجار قوية ولا تستهلك كثيراً من الماء، وتتحمَّل درجات الحرارة العالية والجفاف، فضلاً عن أنها لا تحتاج إلى الأسمدة أو الأدوية التي تُصرف بمبالغ كبيرة على أشجار كثيرة في شوارعنا. أعدَّت «الجريدة» تقريراً كاملاً عن أفضل 10 أنواع من الأشجار الصحراوية في الكويت، والتي زُرعت منذ سنوات عدة وتحمَّلت ارتفاع حرارة الطقس إلى أكثر من 55 درجة، كذلك برودته إلى أقل من درجتين سيليزيتين، وشدة سرعة الرياح وغيرها من عوامل وظروف مناخية. تصلح الأشجار الصحراوية التي سنتحدث عنها للزراعة على جوانب الطرق الزراعية، وتسهم في وقف زحف الرمال ومكافحة التصحر أو العمل كمصدات للرياح، كذلك تسهم بعدم استهلاك المياة الجوفية. وتتميز هذه الأشجار بأنها مصدر للغذاء، وتدخل مكوناتها في صناعة الأدوية والمنتجات التجميلية. ويكفي أنها تحمل فوائد عدة للطيور والحيوانات والنحل، ما يدعم أمن البلاد الغذائي مستقبلاً. نهدف من هذا التقرير إلى إيصال رسالة إلى الجهات الحكومية والخاصة، كذلك لمن يرغب في الزراعة في الكويت بأن يركز على هذه النوعية من الأشجار لتعيش وتستفيد منها أرضنا بأقل التكاليف والجهد: «السدر» هي شجرة الكويت الأولى، ولها مكانة كبيرة في الإسلام؛ فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم أربع مرات، وكرّمها الله تعالى بأن جعل سدرة المنتهى أعلى مراتب الجنة عند عرش الرحمن، كذلك أوصى بها الرسول عليه الصلاة والسلام من أجل التخلّص من آثار العين والمس والسحر، وكان يُوصي بها عند غسيل الميت وذلك لما له أثر كبير في تطييب جسده وتطهيره. في المجتمع الكويتي، عُرفت شجرة السدر بفوائدها الغذائية وذات العائد الاقتصادي بكل ما فيها سواء أوراقها أو ثمارها أو أزهارها أو أخشابها. ثمارها المعروفة بالنبق طعمها لذيذ وتحتوي على نسبة عالية من السكر والفيتامينات أبرزها الفيتامينانB وC، وتحتوي على خواص علاجية لمكافحة السعال بعد التجفيف والغلي. أما أزهار السدر، فمهمة للنحل الذي يتغذى على رحيقها، لذا يُطالب النحالون في الكويت بإكثار زراعتها بدلاً من شجرة الكونوكاربس التي انتشرت بشكل مخيف وأثّرت في إنتاجهم. ويعتبر عسل السدر الكويتي الصافي من أحلى وألذ وأغلى أنواع العسل، ومن أوراقها تُستخرج منتجات تجميلية كالشامبو أو غسول الشعر لكل الأسرة، إذ تمنح الشعر اللمعان والنعومة اللازمين له. وتُعتبر أخشاب السدر أحد أجود أنواع الأخشاب في الطبيعة، وتمتاز بالصلابة وطول العمر، وكانت سابقاً من الأخشاب المستخدمة بكثرة في عمليات البناء، كذلك دخلت إلى صناعة الأثاث المنزلي. ويُستفاد من البقايا كحطب للوقود أو في صناعة الفحم. كذلك كانت أخشابها تستخدم في بعض الصناعات الخشبية، كصناعة الآلآت الزراعية، ومعروف مخبرياً ومعملياً أن الكيميائيين يستخرجون منها خلاصات طبية، لعلاج أمراض الجهاز التنفسي، والاضطرابات المعدية. أما المادة الصمغية فتستخدم كخافض للحرارة، فيما يُحرق الخشب ويخلط مع الخل لعلاج لدغة الثعبان، ولدى نبات السدر القدرة على وقف نشاط بعض الميكروبات. «الأثل» شجرة متوسطة الارتفاع ودائمة الخضرة وسريعة النمو، يصل ارتفاعها إلى 15 متراً، جميلة المنظر ويكثر نموها على جوانب الطرق الزراعية والأراضي السبخية والملحية. الأثل إحدى أقوى الأشجار المعمرة في الكويت، وتنتشر منذ سنوات في المحافظات والمناطق الزراعية كافة وجزيرة فيلكا. وعرف بعض المواقع عليها كأثل الخالد، ويقال إنه أشهر أثل في الكويت قديماً. يمكن الاستثمار في أخشاب أشجار الأثل، لا سيما أن الأخيرة لا تحتاج إلى المياه في المناطق الصحراوية الرملية، وتُعتبر مصدراً للخشب المحلي القوي وتساعد على توقف زحف الرمال، ويمكن مكاثرتها بالعقل بهدف إنتاج نباتات جديدة مشابهة تماماً لنبات الأم المأخوذة من العقل. تتميّز شجرة الأثل بفوائد عدة تهمّ جسم الإنسان، بحسب المراجع، وتساعده لتجنب مشاكل صحية كثيرة، فهي تعمل على معالجة الحمى وضربات الشمس، من خلال تخفيض درجة حرارة الجسم، وقد استخدم العرب قديماً السائل السكري الناتج من شجرة الأثل كغذاء لهم في فترة الصيف، لاحتوائه على عناصر تمدّ الإنسان بالطاقة. وفي الطب الحديث أكّدت التقارير أن أوراق الأثل تحتوي على معادن مختلفة كالصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم، ومادة تاما ركسين، المفيدة للصحة، كذلك تعالج أوجاع الأسنان والتهاب اللثة، وتعمل على تخفيف الحروق والجروح، وتسهيل الهضم وتقي من الإمساك، لأنها مادة ملينة. «الغاف» تعتبر شجرة الغاف الأولى في الإمارات، وهي ثروة طبيعية تحظى باهتمام رسمي وشعبي، ويصل ارتفاعها إلى 12 متراً، وتتحمّل الملوحة وسريعة النمو والتكاثر، إضافة إلى تكيفها مع الأجواء البيئية المحيطة بها. هي مصدر غذاء ودواء لكل من الإنسان والحيوان، أهداها للكويت الشيخ زايد بن نهيان، رحمه الله، في عام 1987 لتزرع في محمية الشيخ زايد الواقعة راهناً بين منطقة غرب الصليبيخات والدوحة، ومنها انتشرت في المناطق كافة، ولها فوائد غذائية عدة. تُستخدم أوراقها للأكل، ومن ثمارها يُصنع المربى، وهي ثلاثة أنواع: العبري وهو الأشهى وغير شوكي ويتميز بفروعه المتدلية من الأعلى إلى الأسفل، والغافة وهو متشعب الفروع وضخم وظله كثيف تعشش فيه الطيور، وعود الغاف الذي سمي بذلك لاستقامة ساقه وقله تفرعه وصعوبة ارتقائه. عموماً، أشجار الغاف كافة تنتج أوراقاً وتتدلى فروعها على شكل خمائل إلى الأرض بفترة جفاف النباتات البرية خلال أشهر الصيف الحار، ولا تحتاج إلى الماء حتى ولو كانت في أعلى المرتفعات. «الآراك» شجرة الآراك، أو كما تسمى أحياناً شجرة السواك، دائمة الخضرة وكثيفة الأوراق والأغصان، انتشارها واسع، وأزهارها صفراء تميل إلى الخضرة، ولها أيضاً ثمار صغيرة تُدعى «الكباث»، لونها أخضر، ويتغير إلى الأحمر، ثم يصبح أسود، ولها طعمٌ حلو. ويُستفاد من ساقها وجذورها لاستخراج المسواك، وتنفع كسواتر نظراً إلى تمددها بشكل أفقي وعمودي بشكل سريع. «الكينا» أو الكافور معروفة ومشهورة بزراعتها في أكثر المنتزهات والحدائق، فهي دائمة الخضرة طوال السنة، ضخمة وساقها عريضة وتفرعاتها كثيرة سريعة النمو ولها رائحة كالليمون عند فركها باليد، وتتحمّل الجفاف والحرارة والصقيع والغبار والتلوث، ولها رائحة طاردة للبعوض وبعض الحشرات الأخرى وفوائد طبية عدة. «الطلح» معروفة بصبرها وجَلَدها على قيظ الصحراء والعطش والجفاف، وهي من الأشجار الصحراوية القوية التحمل والمعطاءة، إذ تسهم بشكل رئيس وفاعل في توفير الرعي للماشية، وتشكِّل جوهر المراعي للإبل والغنم، واللبن المحلوب من الإبل والأغنام الراعية للطلح يبقى أحد أفضل الألبان وأغناها صحة وطعماً. أنواع هذه الأشجار متعددة كالطلح النجدي والعراقي، وأقدم طلحة موجودة في الكويت عمرها أكثر من 120 عاماً في محمية سمو الأمير وقد تعرضت للحرق إبان الغزو العراقي الغاشم ولكن بعد العناية بها وترميم ساقها رجعت إلى أفضل حال، وقام مدير المحمية الأستاذ فوزي بورحمة بإنتاج أكثر من 7000 طلحة من بذورها وأعاد زراعتها وتوزيعها. «الباركنسونيا» تستخدم مصدات للرياح، وتتميز بساق خضراء ملساء وبزهور على شكل عناقيد صفراء موشحة باللون الأحمر الخفيف، موطنها الأصلي بنما وأميركا الشمالية، وتنمو لتصل إلى ارتفاع يقارب 10 أمتار، وتناسب بيئة الكويت. تستخدم في تثبيت التربة وتمنعها من الانجراف وتتحمل ملوحة التربة وهي مقاومة للجفاف والعطش وأخشابها تستخدم كوقود تدفئة، وتنتج منه أجود أنواع الفحم وأوراقها علف ممتاز للحيوانات. «الغضى» تنمو هذه الأشجار في شكل شجيرات كبيرة أو أشجار صغيرة يصل ارتفاعها بين ثلاثة وأربعة أمتار ذات قاعدة خشبية معمرة. وذكر الباحث في الحياة الفطرية حميد الدوسري أنه من خلال بحثه في الغضى، وجد أنه يفرز مواد تثبت التربة من حوله وكلما سفت الرياح التراب أفرز عليه مواد، وخلال مدة تجد ما حول الغضى أصبح أكواما مرتفعة عما حولها. «القرض» أشجار طويلة تصل إلى أكثر من 20 متراً في الارتفاع، وتحمل أشواكاً زوجية طويلة، وأزهاراً صفراء. في الطب الإفريقي تستخدم أوراق النبات مع الشاي أو القهوة الساخنة (من دون لبن أو سكر) لعلاج أوجاع الصدر والالتهاب الرئوي. «الهجليج» تولت هيئة الزراعة زراعتها وأكدت في تصريح سابق أنها شجرة صحراوية تنمو بكثرة في البيئة الأفريقية الصحراوية المشابهة. هي شجرة متوسطة الحجم طولها من سبعة أمتار إلى 15 متراً، وهي دائمة الخضرة وتفقد أوراقها عند اشتداد الجفاف ولكن سرعان ما تستعيدها. تنتشر في معظم أنحاء أفريقيا ولها وجود محدد في مصر والسعودية، ويكثر انتشارها في السودان حيث تجود في أنواع متعددة من التربة الرملية والطينية بأنواعها الثقيلة والمتشققة. والسودان منتج رئيس للهجليج التي تعتبر من الأشجار المرنة التي تتلاءم مع الظروف المناخية المختلفة، كما أن مجموعها الجذري عميق يغوص داخل التربة وهي تتميز بلحاء قوي يحميها من الجفاف وثمارها تشبه البلح. وتمتاز بتعدد استخداماتها، إذ يُستفاد من أجزائها في عملية التسوير وفي مشاريع التشجير لمكافحة التصحر. كذلك تُستخدم الأغصان كحطب وقود والأوراق والأغصان تشكِّل المرعى المفضل للحيوانات المستأنسة والبرية. أما خشبها فمثالي لصنع الأثاث، إذ يمتاز بالقوة والتماسك ومقاومته الآفات. وثمار الهجليج تسمى «اللالوب» أو «تمر الصحراء» أو «تمر العبيد»، تؤكل طازجة وتتكون الثمرة من أربعة أجزاء هي: القشرة، تليها طبقة اللب التي تحتوي على كميات مقدرة من السكريات ومادة الصابونيين، ثم الطبقة الخشبية الصلبة التي تحتوي على النواة المليئة بـ 50 في المئة منه بالزيت، و50 في المئة من البروتين. والشجرة أدّت دوراً كبيراً قديماً وحديثاً في العلاج والطب الشعبي، إذ تُستخدم الأوراق والثمار والساق والجذور في صناعة الصابون لغسل الملابس، كذلك تعتبر ثمرتها مليناً طبيعياً للمعدة، فضلاً عن أنها مادة طاردة للديدان ومعالجة عسر الهضم، وُصنع منها كحول لإخراج الايثانول الذي يمكن الاستفادة منه كمصدر للطاقة (الوقود الأخضر). يُستخلص زيت اللالوب من البذرة، ويدخل في صناعة مستحضرات التجميل وفي علاج بعض الأمراض، فضلاً عن أن المخلفات المتبقية من النواة بعد استخلاص الزيت تشكل مخزوناً عالي البروتين لغذاء الإنسان والحيوان.
مشاركة :