مقولة «زمن الرواية» عابرة ولا تتمتع بالمصداقية

  • 7/14/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حوار: نجاة الفارس يعد الدكتور إبراهيم السعافين، رئيس لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية 2018، واحداً من المثقفين العرب الذين خاضوا تجارب بحثية وإبداعية عديدة، في صنوف الأدب والفكر والمعرفة، فهو ناقد وشاعر ومسرحي وروائي، حاصل على ليسانس في اللغة العربية وآدابها عام 1966، والماجستير عام 1972، والدكتوراه عام 1978 من كلية الآداب بجامعة القاهرة، وعمل أستاذاً في الجامعة الأردنية، وجامعة اليرموك، وجامعة تنيسي الأمريكية، وجامعة الملك سعود في الرياض، وجامعة الإمارات، وجامعة الشارقة، كما عمل رئيساً للتحرير وعضواً في هيئات التحرير والهيئات الاستشارية لعدد من الدوريات العلمية والثقافية، وهو الرئيس المؤسس لجمعية النقاد الأردنيين، وعضو مراسل للمجمع العلمي الهندي منذ عام 1983، حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب بالأردن عام 1993، وجائزة الملك فيصل العالمية عام 2001، وصدر له أكثر من 32 مؤلفاً في النقد والدراسة والإبداع.«الخليج» أجرت حواراً مع السعافين حول مختلف قضايا الثقافة العربية، والثقافة الإماراتية على وجه الخصوص، ودور المثقفين العرب اليوم، وقضايا النقد الأدبي العربي في وقتنا الحالي، كما تطرق الحوار إلى حال الجوائز الأدبية العربية، ومدى إسهامها في تحفيز المبدعين، وفتح آفاق جديدة أمامهم. كيف تنظر إلى دور الأدباء والمثقفين في مواجهة قضايا الإرهاب والتطرّف؟ الأدباء والمثقفون وقفوا دائماً ويقفون في وجه الشوفينية والظلم والتعصّب والانغلاق وعدم التسامح، فالمثقف نقيض للقهر والظلم والانغلاق، ولعل الوقوف في وجه الإرهاب الصهيوني والاستعماري الذي مزّق الأمة هو الوجه البشع الذي فرّخ كل أشكال التعصّب والإرهاب في بلادنا، التي ما عرفت غير المحبة والتسامح، وشيوع روح العدل والتكافل والإنسانية، وعلى الدّول أن تمنح المثقفين دوراً أكبر في المجالات المختلفة، ليكونوا هم الوجه الأبرز، وليكونوا الصّوت لا الصّدى. كيف تنظر إلى المشهد الثقافي الإماراتي؟ المشهد الثقافي الإماراتي يتطور سنة بعد سنة، الآن لديه مؤسسات ثقافية، وجامعات آخذة في الازدياد، ومما يلاحظ أن هناك نهضة في التأليف، ونهضة أيضاً في الإبداع سواء في الرواية أو الشعر أو المسرح وما إلى ذلك، والمؤسسات الثقافية في الدولة تقدم مجهوداً كبيراً جداً في كافة الإمارات، ونرى الشعراء والقصاصين والروائيين والباحثين في كل مكان. تواجه الساحة الثقافية مشكلة غياب النقد الأدبي كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟ قبل عدة أسابيع ألقيت محاضرة في الأردن حول متاهات النقد والإبداع، فالنقد يحتاج إلى ثقافة، ويحتاج إلى تكوين متراكم، بدون هذا لا يستطيع الإنسان أن يسمي نفسه ناقداً، لكن هذا الكلام العشوائي الذي يتم في كل مكان، لا يجوز أن يسمى نقداً، وقد اقترحت أن تكون هناك رخصة للنقاد، لمزاولة المهنة، والحقيقة أن النقد عمل مهم ومهنة، أما إذا زاوله أي إنسان فنحن في عماء. كيف تنظر إلى مستقبل الشعر في الوطن العربي خاصة ونحن في زمن الرّواية كما يُقال؟ لا يستطيع أيّ جنس أدبي أن يحتل مكانة الشعر في رأيي، فالشّعر له حضور في وجدان الناس، وللشعر ألوان وأشكال واتجاهات، يجب أن نقف طويلاً عند مسمى «زمن الرواية» التي جاءت في مقابل ما ذهب إليه أدونيس في كتابه «زمن الشعر». صحيح أن بعض الروايات تطبع طبعات كثيرة، ولكننا ما زلنا في التصنيف في أسفل قائمة البلدان التي تقرأ، هذه العبارة «زمن الرواية» كلمة عابرة لا تتمتع بالمصداقيّة، لا في مواجهة الشعر، ولا في مواجهة أزمة القراءة. ما سمات الشعر الخالد؟ الشعر الخالد الذي يمس الجوهر الإنساني، وليس الشعر عبارة عن كلمات مصفوفة، ولا بد أن يلتقي فيه الفكر والشعور، فالشعر بدون فكر لا قيمة له، والفكر الخالص يقع في باب الفلسفة، لذا لا بد للشعر الخالد أن يرتبط عضوياً بالشعور، وبالعاطفة العميقة. ماذا تقول للروائيين الشباب الذين يطمحون إلى الوصول لجائزة «البوكر»؟ الروائيون الشباب هم الأهم، لكن عليهم أن يتثقفوا ثقافة روائية، بمعنى أن يقرأوا الروايات، وأن تكون لديهم فكرة أساسية عن كيفية كتابة الرواية، وأظن أن امتلاكهم مثل هذه المهارة يتم من خلال التراكم. لا بد أن تكون لديهم أولاً ثقافة نظرية، ثم ثقافة قرائية، والأهم أن تكون لديهم موهبة، ورغبة وإرادة، وليس من المهم أن يكون الإنسان كبيراً في السن حتى يكتب عملاً روائياً جيداً، يمكن أن يكتب عملاً روائياً جيداً وهو شاب صغير. إلى أيّ مدى تسهم الجوائز الأدبية في انتعاش الساحة الثقافية وكيف يؤثّر ذلك على جودة العمل الأدبي؟ أرى أن الجوائز تشجّع على تقديم أعمال جيدة، فثمة معايير عامة لدى مؤسسة الجائزة بشأن عدد الروايات التي يتقدّم بها النّاشرون، فالناشر الذي يقدم أعمالاً ضمن القوائم الفائزة، يتاح له أن يقدم عدداً أكبر من الرّوايات. إن الجائزة تحمل الروائي والناشر مسؤولية أكبر في تقديم أعمال جيدة، والجائزة تقدم في كل مرة، الأجيال الجديدة التي قد لا تحظى بالاهتمام في سيطرة الروائيين المكرّسين أصحاب الأسماء الكبيرة. ترأستَ لجنة تحكيم جائزة «البوكر» كيف كانت آلية العمل؟ وما أهم التحديات التي واجهتك؟ في البداية، وضعت اللجنة أمامها معايير عامة قبل أن تشرع في عملية القراءة، كان أعضاء اللجنة يقرأون الأعمال الروائية المتقدمة عملاً عملاً، ويدوّنون ملاحظاتهم وفق المعايير العامة، ثم يقسمون الأعمال إلى ثلاث مراتب، في قوائم ثلاث، الأولى والثانية والثالثة، الثالثة مستبعدة حسب رأي المحكّم، والثانية يمكن أن ترقى إلى القائمة الأولى بعد النقاش، إلى أن يتم الاجتماع الأوّل لاختيار القائمة الطويلة، والاجتماع الثاني لاختيار القائمة القصيرة، والاجتماع الأخير في مدينة أبوظبي لاختيار الرواية الفائزة. التحدّي الحقيقي ضمان حرية الزملاء في إبداء آرائهم بكل نزاهة وشفافية، وقد تم الاتفاق على نتائج المراحل الثلاث بكل الجدية والحوار البناء، ولم يتحفظ على النتائج أيٌّ من الأعضاء. ما رأيك بمدى مصداقية جائزة «البوكر» ونزاهتها؟ قلت في أكثر من مناسبة إن الجائزة تحظى بمستوى عالٍ من النزاهة والمصداقية، فمؤسسة الجائزة تقدم العون اللوجستي للجنة ولا تزيد على ذلك، لا تتدخل أبداً في أعمال اللجنة، لا بالتلميح ولا بالتصريح، ويظل القرار راجعاً للجنة دون تدخلٍ من أحد، وكل ما تختاره راجع للرأي والذّوق، ومن الطبيعي أن تختلف الخلفيات النقدية والفكرية والأذواق، وأشهد أن اللجنة كانت متعاونة منفتحة بعيدة عن التعصّب والأهواء. كيف كان مستوى الأعمال التي تقدّمت للجائزة؟ تفاوتت الأعمال المقدمة للجائزة في مستوياتها، ولكن هناك أعمال كثيرة جيدة تستحق الإشادة، إلى جانب الروايات التي ظهرت في القائمتين الطويلة والقصيرة، وقد يكون الفرق بين رواية فازت ورواية لم تفز، فرقاً ضئيلاً. كيف تقتني كتبك وما المجال المفضل لديك في القراءة؟ لديّ مكتبة كبيرة تحتل طابقاً من بيتي، ولذلك أحرص على انتقاء الكتب الملحّة التي لا أؤجل قراءتها، أقرأ ما يصدر حديثاً من أعمال نقدية مهمة، وما يتصل بالأعمال الأدبية والفلسفيّة المهمة، وما يتصل بالتاريخ ولاسيما ما يتصل بأرشيف التاريخ الحديث، ونشأة الحركة الصهيونيّة. ما الطقوس الخاصة بك أثناء القراءة والكتابة؟ لا طقوس لافتة لديّ في القراءة والكتابة، كلّ ما أحتاجه هو الهدوء النسبي اللازم في القراءة، ولاسيما في الصباح الباكر، أو في العزلة بعيداً عما يشوش الذهن، أو يقطع حبل السياق، أما الكتابة فتحتاج إلى صفاء ذهن شديد، والاستغراق في عالم منفصل، يتيح استغراقاً شديداً ولا سيما الكتابة الإبداعية التي أقتنص لحظاتها حين تتهيّأ الظروف كلها في الزمان والمكان، وأشعر بميل واضح للكتابة عن أسفاري الطّويلة. لديك أكثر من 32 مؤلفاً في النقد والدراسة والإبداع لأيها كان النصيب الأكبر من كتاباتك؟ النصيب الأكبر من كتاباتي في النقد، دراساتي حول الرواية والقصة القصيرة والمسرح، وقد حصلت على جائزة الملك فيصل العالمية، وعلى جائزة الدولة التقديرية حول النقد الروائي والقصصي، ولي دراسات في الشعر الحديث، أما الإبداع فأنا أعتبر أنه محوري بالنسبة لي، كتبت في الرواية وفي المسرح وفي الشعر، وأنا لا أجد فرقاً أو تناقضاً بين النقد والإبداع أرى أنهما وجهان لعملة واحدة. ما مشروعك الأدبي القادم؟ لديّ ديوانان أحدهما قريب جداً، اسمه «نشيد الطواحين»، والثاني لم أسمه بعد.كيف ترى دور الأدب في الحياة؟ دور الأدب مهم جداً، فالحياة تكون جافة وقاحلة إذا لم يكن هناك فن، والأدب هو جزء من الفن، والفن هو روح الحياة وروح الإنسان، والأدب هو عنصر جوهري من الفن، وأظن أنه قاسم مشترك بين الفنون جميعاً، بدون الأدب لا حياة حقيقية، تصبح مادية جافة جداً وقاحلة.

مشاركة :