معرض استرجاعي للفنان ميشيل جافرونو رائد الفيديو أرت في فرنسا

  • 7/15/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

باريس - تُوصف فضاءات حركة الجسد على الشاشة بأنها بوابات نحو الخيال، أو اللاوعي، كونها مساحات يتحرر فيها الجسد في الواقع من قيوده الفيزيائيّة، ليتحول إلى موضوعة فائقة، يُمكن التلاعب بها وتشكيلها دون حدود، فبعيدا عن السينما وتقنياتها، نال وسيط “الفيديو”، اعترافا كـ”فن” منذ بداية السبعينات، حيث تحول إلى منتج فنّي تستقبله المتاحف، ويتداخل مع أشكال الفنون الأخرى، إذ أتاحت جمالياته وتقنياته تقديم “أجساد متحركة” وتكونيات لا حضور لها في الواقع، ولا مرجعية لها إلا تاريخ “الصورة” نفسه. تُقيم المكتبة الوطنيّة في باريس معرضا استرجاعيا لفنان الفيديو الفرنسي ميشيل جافرونو (1944)، بعد أن تم وضع أرشيفه الكامل على الإنترنت وإتاحته للجميع، فالمعرض الذي يحمل اسم “اللعب مع الفيديو”، يستعرض تجربة جافرونو التي تمتد لأكثر من أربعين عاما، حيث نشاهد ما يزيد عن مئة فيديو ورسم وتخطيط، وظّف فيها أِشكال الأداء المختلفة ضمن الفيديو، الذي يحضر إما على الخشبة أو في المتحف أو على التلفاز، ويذكر أن جافرونو نال عام 1992 لقب فارس الفنون والآداب، والذي يعتبر من أرفع الألقاب في فرنسا. يُنسب إلى جافرونو وشريكه باتريك بوسكيت اختراع ما يسمى “مسرح الفيديو”، الذي تتلاشى ضمنه الحدود بين “الجسد الواقعي” على الخشبة و”الجسد الرقميّ” على الشاشة، حيث يتفاعل الاثنان لخلق نوع من الاستمرارية في الحركة، وهذا ما نراه في مجموعة فيديوهات “توتولوجي” التي أنتجها جافرونو عام 1979، والتي تبدو أقرب إلى عروض السحر والخداع البصريّ. مخطوطات بصرية للأداء على الشاشةمخطوطات بصرية للأداء على الشاشة إلا أن العمل الأكثر شهرة لجافرونو هو ذاك الذي أنتجه عام 1984 في مركز جورج بومبيدو باسم “سيرك الفيديو الإلكترونيّ”، حيث قام إلى جانب مجموعة من الممثلين والمهرجين، وباستخدام خمسين شاشة تلفاز بخلق عرض بصريّ خلاب، استبدل فيه تقنيات الخداع والمهارة التي توظف بالسيرك بتقنيات الفيديو، التي تتجاوز خفة اليد ومهارة الانتقال من مكان إلى آخر، عبر استحضار المتخيل وجعله مرئيا، لا وليد اللَبس أو التلاعب البصريّ، إذ يتيح الرقميّ تجاوز العوائق الماديّة، بحيث لا يخلق انطباعا بـ”الحقيقة”، بل بعدا موازيا يشابه الواقع، يمتلك أعراضه فقط لا واقعيته. يحوي المعرض أيضا مجموعة من الفيديوهات التي أنتجها جافرونو لتعرض على التلفزيون الرسميّ، والتي لا يتجاوز طول الواحد منها الثلاثين ثانية، المجموعة الأولى باسم “فيديو فلاش” عُرضت عام 1982، والثانية باسم “جيم تراكينج: الساحر الإلكترونيّ” وعرضت عام 1986، كلا المجموعتين توظفان تقنيات المونتاج وتقطيع الصورة وتبديل الخلفيات والأبعاد ضمن الشاشة، لتكون الفيديوهات أقرب إلى فواصل كوميديّة تمزج التسلية مع الأداء الهزليّ، إذ نرى تاركينج يضع برج إيفل في قنينة، أو يعبر البحر نحو نيويورك بثوان. بالمقارنة مع ما نشاهده الآن من تقنيات تلاعب بالفيديو، والتطور الهائل الذي وصلت إليه تكنولوجيا الخداع البصري، تبدو الفيديوهات في المعرض بدائيّة وبسيطة، إلا أن المميز فيها، هو الأداء الذي يقوم به جافرونو، والذي تتزامن فيه الحركة على الشاشة مع الحركة الواقعيّة، وهذا ما شرحه في المؤتمر الذي أقامه للتعريف بالمعرض، والذي يمزج فيه الكلام مع الفيديو، ليكون أقرب للأداء أيضا، إذ يرى أن الكثير من أعماله تحاول السخرية من “التلفاز” نفسه، بوصفه يهيمن على حياتنا، محاولا إعادة النظر إليه كوسيلة فنيّة، لا مجرد وسيلة للهيمنة. كما يتحدث أيضا كيف بدأ مع مطلع الألفية الجديدة بالتوجه نحو المسرح، وتوظيف الفيديو أرت ضمن العروض المسرحيّة، كما في عام 2012 حيث أقام عرض “ألغو وريتمو والبحث عن الصور المفقودة”، والذي يُصنف بأنّه كابارية رقميّة، يتداخل فيها الرقص الاستعراضيّ مع الفيديو أرت.

مشاركة :