15 يوليو... كفاح الشعب التركي من أجل الديموقراطية

  • 7/15/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مرت سنتان منذ محاولة الانقلاب الشنيعة والدموية في 15 يوليو 2016، ومع ذلك فهو جديد في أذهان الشعب التركي لأنها أكبر صدمة وطنية شهدتها تركيا منذ تأسيس الجمهورية التركية. لماذا هذه الليلة هي أكبر صدمة لأمتنا. أولاً، استشهد 251 من مواطنينا وجرح 2200 في تلك الليلة. قام مدبرو الانقلاب بذبح المدنيين، بما في ذلك النساء والشباب والشيوخ حتى الأطفال الذين وقفوا بشجاعة ضدهم. وسحقت دباباتهم هؤلاء الأبرياء المدافعين عن الديموقراطية. ثانياً، هاجم الإرهابيون رئاسة الجمهورية وقصفوا البرلمان التركي بينما كان أعضاء البرلمان في الداخل. كانت هذه أول مرة يتعرض فيها مجلس الأمة التركي الكبير للقصف في تاريخه، وهو الذي واجه الاحتلال الأجنبي والانقلابات من قبل. وبالإضافة إلى البرلمان التركي، هاجموا مقرات الشرطة والعديد من المباني العامة الأخرى. ثالثاً، حاولوا اغتيال الرئيس واختطفوا رئيس الأركان والعديد من القادة البارزين بالإضافة إلى قتل جنود آخرين كانوا ضد الانقلاب. رابعاً، قاموا بغارات عنيفة على وسائل الإعلام الحرة وبثوا إعلان انقلاب غير القانوني وقانون الأحكام العرفية. أخيراً وليس آخراً، بل إن الحقيقة الأكثر أهمية التي جعلت محاولة الانقلاب في 15 يوليو هي أكبر صدمة لنا، هي أن جميع هذه الأفعال الشنيعة ارتكبها الناس في الزي العسكري التركي المقدس. لقد خانوا بزاتهم العسكرية وكذلك الأسلحة التي اشترتها الدولة والأمة التركية. استخدموا أسلحتهم الثقيلة بما في ذلك الدبابات و F-16 ضد الأشخاص الذين دفعوا الضرائب لشراء كل هذه.كان «فتح الله غولن»، زعيم منظمة فتح الله الإرهابية «FETO»، العقل المدبر وراء ما حدث في تركيا يوم 15 يوليو. خطط هو وتلاميذه وحاولوا الاستيلاء على الجمهورية التركية. لقد انتجت التحقيقات القضائية التي استمرت طوال عامين في أحداث 15 يوليو أدلة حاسمة لا حصر لها. توضح معظم النتائج الأخيرة أنه حتى في ليلة 15 يوليو كان المتآمرون على اتصال مباشر مع قيادة FETO.الحكم على أفعال هذا الرجل ومنظمته فقط مع ما حدث في 15 يوليو سيكون خطأ. يمكن اعتبار الجرائم التي ارتكبت في ليلة الخامس عشر من يوليو بمثابة قمة جبل الجليد. لكي نفهم لماذا أصبح فتح الله غولن و FETO العدو رقم واحد في تركيا، ستحتاج إلى فهم ضخامة أفعالهم وما ترتب عن الصدمة الناجمة عن ما مرت به الأمة التركية. بدأ كل شيء تحت ستار جهد التعليم الخيري. هذا الجانب يجب أن يحظى بأكبر قدر من الاهتمام لأن هذا هو بالضبط ما أخفت به هذه المنظمة نفسها لسنوات. لقد تنكروا ليظهروا أنفسهم كحركة تعليمة حميدة، عندما بدأوا حملة تأسيس المدارس في تركيا وفيما بعد في جميع أنحاء العالم. لكننا نفهم الآن أن هذه كانت الخطوة الأولى لحملة التسلل يتم فيها تجنيد الأطفال وآبائهم بالوعد الذي يبدو أنه بريء بتعليم أفضل ووظيفة جيدة.لسوء الحظ، تحول العديد من الطلاب في أيديهم إلى جنود مشاة لفتح الله غولن غير مشتبه بهم تم تزويدهم بإجابات امتحانات القبول للمدارس البارزة ولاحقاً لوظائف حكومية مرموقة. وأُمروا بالبقاء مختبئين والتسلل إلى مؤسسات الدولة. وقيل لهم إنه من أجل تحقيق هدفهم الرئيسي المتمثل في الاستيلاء على الدولة، يمكنهم تجنب جميع المعتقدات الأخلاقية والدينية من المعتقدات الشخصية. أبقى معالجوهم على التلقين بصفة مستمرة لإيصال تعليمات قائدهم. ومهما كانوا موظفين مدنيين أو عسكريين، فإن ولاءهم لم يكن للأمة أو للدولة التي يخدمونها. انهم لا يهتمون بدعم الدستور أو النظام القانوني للبلاد.ومع ازدياد قوة المنظمة وأصبحت أكثر ثراءً، بدأت تتدخل في المعاملات التجارية، وغسل الأموال المبالغ الضخمة، وترتيب عمليات نقل الأموال غير القانونية والجرائم المالية الأخرى كالمعتاد. عندما فهمت الحكومة التركية في النهاية ما كان يحدث بالفعل، بدأت FETO في اتخاذ إجراءات جذرية متطرفة. جاءت الموجة الأولى من هذه الإجراءات في ديسمبر 2013، حيث أصدرت المنظمة عددا من ما يسمى بالتسجيلات والمواد الملفقة. أثبت هذا الهجوم الذي قاموا به بأنه غير حاسم وكان بمثابة دعوة لاستيقاظ الحكومة والجمهور على حد سواء. وعند اكتشاف أنظمة الاتصال السرية الخاصة بهم (ByLock، Eagle، Tango، الخ) واعتراض التعليمات، بدأنا بمواجهة تحركاتهم واكتشاف مدى الاختراق والإصابة التي أحدثتها.هناك صدمات، وأوقات صعبة في تاريخ الأمم. على الرغم من أن هذه الأحداث الكارثية تسبب الكثير من المعاناة، إلا أنها تتسبب في توحيد الناس، وتجعلهم أمة واحدة. في تلك الليلة، قاومت أمة بأكملها متآمرين مدججين بالسلاح وبمساعدة الغالبية الساحقة من قوات الجيش والشرطة، أحبطت محاولة الانقلاب في أقل من 24 ساعة. وبفضل مقاومة الشعب التركي، تم إنقاذ النظام الديموقراطي التركي وهو على حافة الهاوية.وبدفاعه عن ديموقراطيته وحريته، لا يدافع الشعب التركي عن دولته وأمنه واستقراره فحسب، بل عن المنطقة والعالم بأسره. الديموقراطية ليست فقط أفضل نظام للمواطنين في بلد معين، بل هي في مصلحة الدول المجاورة وما وراءها. بإمكان إخواننا وأخواتنا الكويتيين، الذين يساندوننا، أن يتفهموا هذه النقطة أفضل من الجميع، لأن نظاما أتى بالقوة وعن طريق الانقلاب مثل صدام حسين وحزب البعث تسبب في كوارث كثيرة لشعبه والكويت والمنطقة. صدام الذي اغتصب الدولة بطرق غير مشروعة كرر أفعاله بغزو دولة الكويت وتجاهل القانون الدولي وحقوق الإنسان.من ناحية أخرى، تولد الديموقراطية الأمن والاستقرار في المنطقة. تركيا هي واحدة من أفضل الأمثلة على هذه الحقيقة. واليوم، لا يوجد بلد كبير إلا وطالته يد الإرهاب بلا رحمة، وهزته موجات من اللاجئين، وهما نتيجتان للأزمة المستمرة في سورية. بعد هزيمة المحاولة الانقلابية وتنظيف صفوف جيشها من إرهابيين FETO، بدأت تركيا عملية درع الفرات ضد داعش في أغسطس 2016 وغصن الزيتون ضد PYD / YPG في يناير 2018. تركيا تتعامل مع أزمة لاجئين لم يسبق لها مثيل لأكثر من ست سنوات. اليوم، وصل عدد اللاجئين في تركيا من سوريو والعراق إلى 3.7 مليون، ما يجعل تركيا أكبر دولة مضيفة للاجئين.أكتب هذا المقال ليس فقط لمشاركة وجهات نظري حول موضوع يتعلق ببلدي، ولكن أود أن أوجه انتباهكم إلى منظمة إرهابية عبر وطنية. تأسست FETO في حوالي 160 دولة، مع الآلاف من المدارس والشركات. ينبغي اعتبار تصرفاتهم في تركيا بمثابة دعوة للاستيقاظ لبلدان أخرى. يسعدنا أن نلاحظ زيادة الوعي على مستوى جزء من شركائنا في ما يتعلق بالتهديد الأمني الذي تشكله FETO. في العديد من المناطق، تم تفتيش مدارس FETO والكيانات الأخرى عن كثب ووضعها تحت سيطرة الدولة. تجري التحقيقات في هياكل FETO ونشطائها في العديد من البلدان. بفضل الله، تتقلص الآن أجهزة الجريمة العالمية في هذه المنظمة.* سفيرة الجمهورية التركية لدى الكويت

مشاركة :