تعهد الرئيس الإريتري أسايس أفورقي، أمس السبت، بحل الخلافات مع إثيوبيا خلال زيارة تاريخية إلى هذا البلد، هدفها توطيد السلام بعد أقل من أسبوع على إعلان الدولتين انتهاء نزاع استمر عقدين من الزمن.ووصل أفورقي إلى أديس أبابا، بعد خمسة أيام فقط على زيارة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، إلى إريتريا، في إطار عملية سلام تهدف إلى إنهاء سنوات من العداء والنزاع بين الجارتين، اللتين كانتا تشكلان دولة واحدة قبل انفصالهما إلى دولتين، عقب استفتاء شعبي على تقرير المصير.وتبادل آبي وأسايس العناق في غداء رسمي، أمس السبت، حيث قال الزعيم الإثيوبي إن الزعيم الإريتري «يحظى بمحبة واحترام الشعب الإثيوبي الذي يفتقده»، فيما قال أسايس أمام نخب سياسية وثقافية اجتمعت في قصر تم تشييده خلال الحقبة الإمبراطورية الإثيوبية: «لم نعد شعباً في دولتين. نحن شعب واحد. سنمضي قدماً معاً». وكان آبي في استقبال أفورقي بالمطار، وعزفت ثلاث فرق الموسيقى لدى مرورهما على السجاد الأحمر، وأدى راقصون رقصات تقليدية.واصطف آلاف الإثيوبيين على طريق المطار الرئيسي، رافعين سعف النخيل مرتدين وشاحات بيضاء، فيما رفرفت الأعلام الإثيوبية والإريترية جنباً إلى جانب في شوارع العاصمة، ورفعت لافتات وصور للرجلين اللذين وقعا الاثنين، بياناً مشتركاً يعلن انتهاء حالة الحرب.وكتب مدير مكتب آبي فيتسوم اريغا، على تويتر: «أهلا بك في بلادك سيدي الرئيس أسايس». وفي وقت لاحق، توجه آبي وأفورقي إلى مدينة اواسا الجنوبية، حيث قام أسايس بجولة في منطقة صناعية تعتبر المفتاح الاقتصادي بالنسبة لإثيوبيا. وكانت إريتريا، تشكل الجزء الساحلي من إثيوبيا بمرفأيها عصب ومصوع. وأعلنت استقلالها في العام 1993، بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الدرق في أديس أبابا، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق في1991، وبعد حرب استمرت ثلاثة عقود. ومنذ ذلك الحين، أصبحت إثيوبيا البالغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة، بلداً من دون منفذ بحري، ما دفعها إلى استخدام مرفأ جيبوتي.ولم تُظهر الدولتان بوادر تقارب منذ التوقيع عام 2000 على اتفاقية سلام في الجزائر، بعد نزاع أدى إلى مقتل 80 ألف شخص، قبل أن يتحول إلى حرب باردة.ويقول المحللون إن التقارب السريع والمذهل، لم يكن ممكناً إلا بوصول آبي إلى منصبه في أبريل/نيسان. وفي إطار إصلاح العلاقات أعلن آبي التزامه بقرار أصدرته في 2002، لجنة تدعمها الأمم المتحدة حول ترسيم الحدود بين البلدين، وإعادة منطقة حدودية إلى إريتريا، ضمنها بلدة بادمي.ثم قام آبي بزيارة تاريخية إلى إريتريا، أعلن خلالها الزعيمان إعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية المقطوعة، ما يعود بفوائد جمة للدولتين ومنطقة القرن الإفريقي، التي ترزح تحت الفقر وأعمال العنف، كما أعيد العمل بالاتصالات الهاتفية بين البلدين للمرة الأولى منذ عقدين، على أن تستأنف الرحلات الجوية بينهما الأربعاء.وكتب وزير الإعلام الإريتري يماني جبر مسكيل، على تويتر بعد وصول أفورقي: «كيف يستطيع المرء أن يجد الكلمات المناسبة لوصف كثافة المشاعر الشعبية التي استحوذت على كلا البلدين، وعمق وأهمية التغيرات الواعدة الجارية في المنطقة».وذكرت هيئة الإذاعة الإثيوبية الرسمية أن زيارة أفورقي ستستمر ثلاثة أيام، سيتم خلالها إعادة فتح السفارة الإريترية، ويقوم الوفد المرافق بزيارة مجمع صناعي، ضمن برنامج يؤكد أهمية استعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية، وسيقام عشاء رسمي على شرفه اليوم الأحد.وإثيوبيا وإريتريا من أفقر البلدان الإفريقية، لكن إثيوبيا حققت نمواً اقتصادياً فاق 10% في السنوات الأخيرة، وهي تسعى إلى خيارات أكبر لوارداتها وصادراتها، عبر مرافئ في الصومال وإريتريا، واعتبرت منظمة العفو الدولية أمس السبت، أن السلام الجديد يجب أن يكون حافزاً للتغيير في إريتريا. (أ ف ب)
مشاركة :