قصة فيلسوف تحضر جثته الاجتماعات منذ 180 سنة

  • 7/15/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر جيرمي بنثام واحدًا من أهم الفلاسفة الإنجليز، حيث يصنف كمؤسِّس للعديد من النظريات الأخلاقية كما يتجه كثيرون لتلقيبه بالأب الروحي للنظرية النفعية المعاصرة. إضافة لكل ذلك، امتهن جيرمي بنثام المحاماة ليدوّن التاريخ اسمه ضمن قائمة أشهر المحامين في تاريخ البشرية. وقدّم هذا الرجل مقترحات جريئة لإدخال عدد من الإصلاحات على المجتمع الإنجليزي في سعي منه لدعم الطابع الإنساني، حيث اقترح الأخير إجهاض العبودية وإلغاء عقوبة الإعدام والتعذيب، وفصل الدين عن السياسة، وسن قوانين جديدة تضمن حرية التعبير عن الرأي وتساوي بين الرجل والمرأة، كما ناضل بنثام خلال مسيرته دفاعًا عن فكرة حقوق الحيوان. لكن تبقى قصته الأشهر والمثيرة للجدل ما طلبه وهو في سن الحادية عشر، وتكرّر الطلب حتى عندما بلغ من العمر 84 عامًا، ثم صارت القصة حدثًا نادرًا حيث تحضر جثته اجتماعات منذ 180 عامًا. البداية كانت سنة 1769، عندما ترك جيرمي بنثام وهو في عمر 21 وصية طلب من خلالها بأن يتم تشريح جثته عقب وفاته من قبل الطبيب جورج فوردايس، فضلًا عن ذلك وبناء على وصية ثانية تعود لسنة 1830 طلب بنثام بأن تمنح جثته عقب وفاته للطبيب توماس ساوثوود سميث من أجل تحنيطها لجعلها أيقونة ومصدر إلهام. ومن خلال وصيته الثانية دعا هذا الفيلسوف إلى وضع جثته المحنطة على كرسي متحرك ونقلها لحضور اجتماعات الجمعيات الأخلاقية. وبحسب نظرياته النفعية آمن جيرمي بنثام بفكرة تحفيز جثته المحنطة للحاضرين. في السادس من 1832 فارق جيرمي بنثام الحياة عن عمر يناهز 84 سنة وعقب وفاته بثلاثة أيام خضعت جثته لعملية تشريح علنية أجراها الطبيب الإنجليزي المخضرم توماس ساوثوود سميث. عقب ذلك قاد الطبيب سميث عملية تحنيط الجثة، حيث عمد إلى انتزاع جميع أعضاء الجسد تاركًا العظام والرأس فقط، ولتعويض ما تمّ استئصاله أقدم الطبيب الإنجليزي على ملء الجثة بالقش والضمادات قبل أن يكسوها بالثياب. وفي الأثناء ومن أجل تحنيط الرأس اتجه توماس ساوثوود سميث إلى اعتماد طريقة تحنيط قديمة تعود أصولها لقبائل الماوري بنيوزيلندا. من خلال هذه الطريقة عمد الطبيب سميث إلى استخدام حمض الكبريت وإفراغ الرأس من السوائل، لكن بدل حفظه بشكل أبدي تسببت عملية سميث في تخريب رأس جثة جيرمي بنثام وجعلها قبيحة المنظر ولهذا السبب أقدم الطبيب لاحقًا على تعويض رأس الجثة برأس ثاني مصنوع من الشمع يحمل ملامح بنثام. وبالتزامن مع ذلك ومن أجل الحفاظ على شخصية المصلح الاجتماعي الإنجليزي تم وضع الرأس الحقيقية لبنثام داخل وعاء زجاجي لتعرض عند قدمي جثته، شاركت جثة جيرمي بنثام في العديد من المؤتمرات قبل أن تنقل سنة 1850 لتعرض بكلية لندن الجامعية كتقدير له على جهوده في المطالبة بتعميم التعليم ومجانيته. أثناء فترة تواجدها بكلية لندن الجامعية وضعت جثة جيرمي بنثام على كرسي داخل صندوق خشبي لتعرض على الجميع، لكن الطلبة بالكلية عمدوا إلى أخذ الرأس الحقيقية لجثة جيرمي بنثام لاستغلالها في المقالب أثناء حفلات هالووين أو ككرة قدم أثناء فترات الراحة. وفي حدود سنة 1975 تعرضت الرأس الحقيقية للسرقة، حيث طالب الجناة بمبلغ مالي هائل مقابل إعادتها، لكن بعد مضي أشهر فقط على هذه الحادثة تمكنت الشرطة من العثور على رأس بنثام بمدينة أبردن بأسكتلندا لتتم عقب ذلك إعادتها إلى مكانها. سنة 2013 أخرجت جثة جيرمي بنثام من الصندوق لتحضر مرة أخرى وبعد غياب طويل أحد اجتماعات مجلس كلية لندن الجامعية وفي الأثناء حظيت الجثة بمرتبة ضيف شرف دون أن تحصل على حق التصويت. فضلًا عن ذلك حصل بعض الأطباء سنة 2017 على الحمض النووي لجيرمي بنثام انطلاقًا من رأسه الحقيقية لإجراء عدد من الأبحاث بهدف دراسة إمكانية إصابة الأخير بالتوحد.

مشاركة :