بذكرى ميلاده.. جاك دريدا أهم فلاسفة القرن العشرين

  • 7/15/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحل اليوم ذكرى ميلاد جاك دريدا من أهم فلاسفة القرن العشرين، وهو الأب الروحي عن جدارة للبنيوية التفكيكية، فقد ولد 15 يوليو 1930، في البيار بالجزائر الفرنسية والتقى دريدا بسارتر، ولكن على المدى الطويل، كانت مجابهاته المبكرة ليست مع سارتر بل مع نيتشه وهيدجر اللذين كان لهما أكبر الأثر عليه.حصل دريدا على شهادة في الفلسفة من مدرسة نورمول سوبيرييور، وهي جامعة نخبوية في باريس، ثم درس في فرنسا بجامعة السوربون ومعهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعيّة، كما درس في الولايات المتحدة، في جامعة ييل وجونز هوبكنز وجامعة كاليفورنيا في إيرفين.وقدم دريدا في ثلاثة كتب أصدرها عام 1967 حولت مجري التفكير النقدي البنيوي بتوسيع مجاله بحيث أصبح ممارسوه يصفون الحركة بما بعد البنيوية أما الحركة النقدية نفسها التي رفع رايتها من يسمون بأصحاب مدرسة ييل وهم بول دي مان نفسه، وجيفري هارتمان، فلم يكتب لها البقاء لأنها على عكس البنيوية، كانت سلبية فهي تنكر ولا تثبت، وتقطع ولا تصل، وتفك ولا تربط إلا في حدود اللغة نفسها، ومن النص إلي النص، بل إن مذهبها الأساسي استحالة إثبات معني متماسك لنص ما.يبدأ دريدا نقده على الوصول بالطرق التقليدية إلى حل لمشكلة الإحالة، أي قدرة اللفظ على إحالتنا إلى شيء ما خارجه فهو ينكر أن اللغة منزل الوجود ومعني منزل الوجود في نظره الطاقة على سد الفجوة بين الثقافة التي صنعها الإنسان والطبيعة التي صنعها الله، أي أن اللغة لن تصبح أبدا نافذة شفافة على العالم كما هو في حقيقته. أما ما بعد الحداثة التي تبناها تعتبر تفكيكا للنماذج المعرفية التي افترضت وجود غائية، أو افترضت من ثم مصدرا متعاليا للمعرفة، يقرر المعني، الحقيقة، القيم، وبالتالي السلطة، وذلك في كل من النموذج المعرفي الديني في العصور الوسطي، والنموذج المعرفي العقلاني الذي طرحه ديكارت، هذا المصدر المتعالي الذي ألمح إليه دريدا علي أنه ميتافزيقا الحضور أو اللاهوت الأنطولوجي وهو ما يوهم بطبيعية العلاقات بين الإنسان ومجتمعه وعالمه، فإذا كان الخطاب الذي يتضمن المجتمع بالضرورة كما يقول فوكو هو بمثابة فضاء تتأسس فيه العلاقات بين الأفراد وينتج المعني، ويحدد مواصفات القيم، أي أنه العملية الاجتماعية لصنع المعني، فإنه بالتالي يصبح أداة السلطة (أي سلطة) نحو السيطرة، ومن ثم يخلع علي نفسه ويستلب نعوت القوة، الحقيقة، المطلق.. الخ. وذلك كي يتحول في النهاية إلي خطاب للهيمنة. إن زعزعة الخطاب السائد هو النغمة الأساسية لاستراتيجية التفكيك وبشكل أشمل الفلسفة المعاصرة بداية من نيتشه وصولا إلى دريدا وهو ما يؤدي إلي غياب الإطار المرجعي اليقيني أو تدميره، الأمر الذي يفضي حتما إلى النسبية، وتعدد المنظور، أو فوضي المعني.فتعمل تفكيكية دريدا علي تدمير هذا الخطاب المهيمن الذي يخص المدلول المفارق المعني الذي تم الاعتراف به باعتباره مطلق، وثابت، وأزلي، وشفاف، وسابق علي النظام، والذي تخضع له كل المدلولات الأخرى بمعني أنه مدلول مركزي ومهيمن ويقوم بتمثيل المعني النهائي (الله) مثلا هو هذا المدلول المتعالي، المركز، الذي يقر المعرفة: بنية ومحتوي، ويمنح المؤسسة الدينية(الكنيسة) شرعية صياغة خطابات المعرفة الواجبة، والملزمة، ومن ثم يصبح الخطاب الديني، هو الخطاب المركزي الذي تدور في فلكه كافة الخطابات المعرفية الأخرى. وتقوم هذه الاستراتيجية إذن علي افتراض أن خطاب التفكيك يحاول أن يلغي أي مركزية وأي ميزة يمكن أن تنشأ عن وجود هذه المركزية.وقد طور دريدا التفكيكية باعتبارها استراتيجية من المساءلة النقدية الموجهة حيال هتك الافتراضات الميتافيزيقيّة اللا مساءَلة والتناقضات الداخلية في اللغة الفلسفية والأدبية، وكثيرا ما تنطوي التفكيكية على طريق للقراءة التي تعتني، هي نفسها، بنزع المركزة وبكشف الطبيعة الإشكالية لكل المراكز. ويكشف دريدا، في عمله الأساسي ألا وهو كتاب "في علم الكتابة"، بالتفصيل، خلافه الفلسفي الأساسي بشأن التفكيك. فالتفكيك، على هذا النحو، هو ممارسة نقدية تساعد على تأويل الفكر الغربي عن طريق قلب أو إزاحة "التقابل الثنائي" التراتبي الذي يقدم أساس هذا الفكر.كان ظهور دريدا ولفته للانتباه في نهاية 1965 عندما نشر مراجعتين طويلتين لكتب عن تاريخ وطبيعة الكتابة، في مجلة نقد، وشكلت هاتان المراجعتان الأوراق المراجعة عمل دريدا الأساسي، ألا وهو كتابه "في علم الكتابة". وفي عام 1967، ألهمه هذا الأمر أن يضع مقاربته في قراءة النصوص في ثلاثة كتب، هي "في علم الكتابة" و"الكتابة والاختلاف" و"الكلام والظواهر"، والتي تضمنت دراسات مطولة لفلاسفة من أمثال جان جاك روسو وفرديناند دي سوسير وإدموند هوسرل وإيمانويل ليفيناس ومارتن هيدغر، وفريديك هيغل وميشيل فوكو ورينيه ديكارت، وكذلك الأنثروبولوجي كلود ليفي شتراوس، وسيجموند فرويد، والعديد من الكتّاب الأدبيين والمسرحيين.

مشاركة :