استجاب البرلمان المصري أمس، إلى رغبة نقابة الصحافيين تعديل بعض مواد مشروع قانون «تنظيم الصحافة» في مقدمها إلغاء حبس الصحافيين احتياطياً (على قيد التحقيقات) في قضايا النشر، لينهي بذلك جدلاً استمر طيلة أسابيع هدد بصدام بين البرلمان والنقابة. وأبدت النقابة ارتياحاً من التوجه البرلماني، ورحبت الهيئة الوطنية للصحافة (المشرفة على المؤسسات الصحافية القومية) بقرارات البرلمان. وكان البرلمان أعاد المداولة حول عدد من مواد مشروع القانون خلال جلسته أمس، بعدما وافق عليه مبدئياً الشهر الماضي، إثر ملاحظات لمجلس الدولة (جهة قضائية تراجع مشاريع القوانين قبل إقرارها). وأرجأ البرلمان التصويت النهائي على التعديلات تمهيداً لإقرار القانون، إلى جلسة أخرى لحين اكتمال النصاب القانوني، إذ يستوجب إصدار القانون موافقة أكثر من ثلثي أعضاء المجلس لكونه أحد القوانين المكملة للدستور. وقرر البرلمان تعديل المادة «29» من مشروع القانون والتي جازت حبس الصحافيين احتياطياً في قضايا النشر في حالات معينة، لتستبدل بنص نقل من مادة دستورية تقر عدم جواز الحبس في قضايا النشر كقاعدة عامة، لتصبح «لا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون». وأرجع رئيس لجنة الإعلام في البرلمان النائب أسامة هيكل التعديل إلى رغبة نقيب الصحافيين عبدالمحسن سلامة، والذي طالب استبدال نص المادة 29 في مشروع القانون بنص المادة 71 من الدستور. والتقى سلامة هيكل في مقر البرلمان قبل أيام. وعد توجه البرلمان أمس تعديل المادة المثيرة للجدل، انتصاراً إلى التوجه التفاوضي الذي تزعمه نقيب الصحافيين في إدارة الأزمة على مدار الأسابيع الماضية، وكان عدد من أعضاء مجلس النقابة هددوا بتقديم استقالات جماعية حال مرر القانون على صورته الماضية، ودعوا إلى التصعيد بالدعوة إلى عمومية طارئة رداً على مشروع القانون، لكن النقيب تمسك بالتفاوض. واستبق سلامة عقد جلسة البرلمان أمس بلقاء رئيسه الدكتور علي عبدالعال في مقر المجلس، وذلك غداة لقائه وزير شؤون البرلمان المستشار عمر مروان، في إطار سعي النقابة أخذ البرلمان ملاحظاتها موضع الإعتبار عند إعادة مداولة مشروع القانون. وأشاد بيان للصحافيين عقب اللقاء بالأجواء الإيجابية بين سلامة وعبدالعال، في وقت أكد رئيس البرلمان خلال الجلسة حرص المجلس على حرية الصحافة، قائلاً «لا ينهض مجتمع من دون حرية الصحافة والإعلام فيه، لكن يجب أن تكون تلك الحرية مسؤولة تراعي قيم وثوابت المجتمع»، ما رسخ أجواء ودية بين النقابة والبرلمان. إلى ذلك، أبدى عضو النقابة حسين الزناتي ارتياح النقابة لتوجه مجلس النواب في التعامل مع ملاحظاتهم، قائلاً: «صحيح أن الملاحظات لم تقر كلها حتى الآن، لكننا راضون عما أنجز». وأشار الزناتي في تصريح إلى «الحياة» إلى مواصلتهم التفاوض مع كافة الجهات المعنية لحين أخذ كافة ملاحظات النقابة في الإعتبار. ولفت إلى عدم نيتهم التصعيد في الفترة القادمة، قائلاً: «المسار التفاوضي حقق نجاحاً وسنواصل السير فيه، علماً بأن الزناتي كان ضمن 6 من أعضاء المجلس هددوا بتقديم استقالات جماعية ودعوا إلى عقد عمومية طارئة». إلى ذلك، أشادت الهيئة الوطنية للصحافة في بيان أمس باستجابة البرلمان لمطالب الصحافيين، بإدخال بعض التعديلات التي ترسخ حرية الصحافة، وأكدت حقوق الصحافيين في ممارسة مهنتهم.