«التسهيلات» التي منحها أوباما لإيران لا يمكن أن تكون من أجل عدم تجاوز الحد المشروع في تخصيب اليورانيوم فحسب، أو من أجل السماح لفرق التفتيش على المنشآت النووية فحسب، بل كانت هي التي تستحق أن يطلق عليها «صفقة القرن». أوباما تجاوز صلاحياته وتدخل في القضاء وفي مسألة السيادة الأميركية، وكذب على الشعب الأميركي، معللاً أن «الصفقة الإيرانية الأميركية» ستساهم في وصول المعتدلين الإيرانيين للسلطة، في حين أن أقرب المقربين له ينفون ذلك بل يؤكدون أنه لا تقارير تبحث في وصول أو عدم وصول هؤلاء (المعتدلون) وقد أكد على ذلك ليون بانيتا الرئيس السابق للمخابرات المركزية الأميركية عن السياق الذي شمل الصفقة النووية وتحليل الـ CIA للداخل الإيراني في وقتها، فيقول «إن النقاش حول المعتدلين والمتطرفين داخل النظام الإيراني لم يكن له وجود حقيقي»، ويضيف «أنهم لم يَشُكّوا أبداً في سيطرة فيلق القدس والحرس الثوري على مجريات الأمور في إيران» وهذا ما حدث فعلاً. ما أفصح عنه ترامب مؤخراً عن قيام الإدارة السابقة بتجنيس عائلات إيرانية ومنهم أبناء قيادات النظام الإيراني الذين يتجاوز عددهم 2500 إيراني، أضف له ما كشفته إدارة ترامب قبل عدة أشهر عن فضيحة تدخل الإدارة الأميركية السابقة لغلق ملف التحقيقات التي تدين تجارة المخدرات الإيرانية المصدرة لأميركا عبر حزب الله، ففي ديسمبر من العام الماضي دعا وزير العدل الأميركي، جيف سيشنز قضاء بلاده إلى فتح تحقيق بشأن الطريقة التي تعاملت بها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مع ملف اتجار حزب الله بالمخدرات. ونشر موقع «بوليتيكو» الإخباري، تقريراً يفيد بأن إدارة أوباما عرقلت تحقيقات كانت الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات تجريها بشأن شبكة لتجارة المخدرات تابعة لحزب الله. كانت الإدارة السابقة تهيئ إيران لمرحلة مقبلة تحميها من يد القانون الأميركي وهو إجراء يتسق تماماً مع مساعدتها على التمدد في منطقة الشرق الأوسط التي تمثلت في غضها الطرف عن القواعد الإيرانية التي بنتها في سوريا، وتغاضيها عن تهريبها السلاح للحوثي في اليمن، وتعطيلها الحياة السياسية في لبنان، وتدخلها الكامل بل وقيادتها العديد من فصائل الحشد الشعبي في العراق، تلك «تسهيلات» أميركية تسمح لإيران بالسيطرة التامة على منطقة الشرق الأوسط، وتلك مكاسب لا يمكن أن يقابلها مجرد موافقتها على الحد من درجات تخصيب اليورانيوم، ومكاسبها لا تنحصر أبداً في الاتفاق النووي إنها صفقة أكبر بكثير! إنه اتفاق يتجاوز الاتفاق، إنه مشروع متكامل الأركان يهدف لجعل يد إيران هي الطولى في المنطقة، السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي قدمته إيران أو حتى وعدت بتقديمه؟ لا يمكن أن يتجاوز رئيس كل هذه الخطوط من أجل الخروج باتفاق على المسألة النووية فحسب، ما الثمن السياسي الذي قبضه أوباما من إيران وباع فيه المملكة العربية السعودية الحليف الأكبر والأقوى والأقدم له في المنطقة؟ ليس بالضرورة أن يكون الثمن مبلغاً مادياً بل قد يكون «صفقة القرن» التي أراد أوباما أن تسجل باسمه، وامتنعت عنها السعودية وقبلت بها إيران؟ * كاتبة بحرينيةطباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :