مستقبل الفريق الملكي بخير بلا شك غطى خبر انتقال الدون كريستيانو رونالدو خلال الأسبوع الماضي من ريال مدريد إلى يوفنتوس نسبيا على أخبار المونديال، لقد اكتسح رحيل رونالدو كل الفضاءات وخصص له حيز كبير من التغطية الإعلامية في انتظار موعد التقديم الرسمي لهذا اللاعب مع فريقه الجديد المبرمج اليوم. قطعا فإن مغادرة رونالدو لعرينه المدريدي بعد تسع سنوات من التألق والتتويجات والألقاب والأرقام القياسية، كانت حدثا “مزلزلا” بكل المعاني، إلى درجة أن البعض وصف انضمام رونالدو إلى اليوفي بأنه انتقال القرن، فاليوم وبكل الحسابات والمقاييس والإحصائيات لا شيء يعادل ما فعله رونالدو مع ريال مدريد أو ما يفعله ميسي مع برشلونة. قطعة ثمينة بصدد الضياع عن منافسات الليغا، لن يكون هناك مجال في المستقبل لذلك التنافس المحتدم والقوي للغاية بين أقوى لاعبين في العالم طيلة السنوات العشر الأخيرة، سيفتقد الدوري الإسباني قليلا من تألقه، سيقل ذلك البريق المتوهج لـ”كلاسيكو” الأرض، الأكثر من ذلك ربما سيفقد الفريق الملكي الكثير من تأثيره وربما أيضا يفقد مقومات تلك القوة التي خولت له في السنوات الأخيرة فرض سلطته وسطوته على المشهد الأوروبي والعالمي. ضربة موجعة بكل تأكيد تلقاها فريق القلعة البيضاء، “ضربة” قد تكون تداعياتها كبيرة داخل البيت الملكي رغم “مكابرة” رئيس الريال فلورنتينو بيريز وتقليله من قوة “السقطة” المحتملة بعد رحيل “الأيقونة” وصاحب كل الأرقام القياسية في الريال. هذا الرئيس حاول أن يهدئ من روع عشاق القلعة البيضاء، كانت تصريحاته مقتضبة ومعبرة، كانت كلماته بعد رحيل “صاروخ ماديرا” أشبه برسائل مبطنة أحيانا ومباشرة في أحيان أخرى، مفادها أن مستقبل الفريق بخير في انتظار إعادة ترتيب البيت و”تأثيثه” بكنوز جديدة. كلمات بيريز بدت أشبه بأنهار من الماء المجمد الذي لا يبقي مجالا كي تلتهم “النيران” جنبات القلعة، لقد أراد أن يبشر جماهير الريال بأنه بصدد التحضير لصفقات مدوية ستزيد من قوة فريقه، لن يكون من وجهة نظره مجال للتحسر على رحيل أحد أهم رموز النادي. من طبع هذا الرجل أنه يحسن السباحة في بحور صفقات نجوم الصف الأول، فهو صاحب نظرية فريق الأحلام، سبق له أن ضم نخبة من أبرز اللاعبين في العالم، كوّن في بداية الألفية فريقا مهيبا قوامه أغلى اللاعبين في الكون خلال تلك الفترة، كان هنا في مدريد نجوم أساطير في قيمة زيدان ورونالدو وفيغو وراؤول وبيكهام وربيرتو كارلوس. تكرر الأمر خلال السنوات الأخيرة، لم يكن هناك رونالدو فحسب، فبيريز حريص بشكل دائم على جلب أقوى اللاعبين، حتى وإن كانت التكلفة غالية، إذا لن يتحسر رئيس الريال كثيرا بعد رحيل رونالدو. فمازال في السوق الكثير، وفي جراب بيريز المال الوفير، سينزل إلى السوق بأكياس مملوءة بالمال من أجل الظفر بأفضل المواهب والنجوم، والأكيد أنه سينجز ما وعد به. ثمة نيمار وثمة أيضا مبابي، ثمة عدد كبير من النجوم على طاولة الدرس، لكن ربما هذا المونديال الروسي الذي باح أمس بآخر أسراره، كان المحفل الذي انتظر رئيس الريال نهايته حتى يظفر بالصيد الثمين، فالرجل لم يستعجل أمره رغم علمه منذ فترة باقتراب رحيل رونالدو، لم يتسرع كثيرا، بل صبر وانتظر، قبل أن يقرر الأمر، ويبدأ المراحل الأولى من عملية تغيير معالم القلعة البيضاء. بعد نهاية المنافسات في العرس المونديالي، بدأت الرؤية أكثر وضوحا، فالمتألق غالبا ما يكون أكثر إغراء لدى بيريز، اليوم انتهى المونديال وكان هازارد الفائز الأكبر رغم عدم حصوله على اللقب العالمي، كان أفضل بكثير من الجميع، لا أحد تألق مثله باستثناء مودريتش ابن النادي أو مبابي نجم المنتخب الفرنسي. هازارد فعلها وحسم مواجهته غير المباشرة مع النجم الإنكليزي هاري كين، فالنجم البلجيكي الموهوب كان أفضل بكثير، قدم عروضا عانقت الروعة وأقنعت “ملك القلعة البيضاء” الذي صار مستعدا لتقديم عرض تاريخي وقياسي من أجل ضم الساحر رقم عشرة.
مشاركة :