عواصم (وكالات) كثفت مقاتلات ومروحيات النظام السوري بدعم سلاح الطيران الروسي، الضربات على ما يعرف بمنطقة «مثلث الموت»، الذي يضم مناطق شمال غربي درعا وريف القنيطرة الأوسط، حيث تم إحصاء 230 غارة منذ صباح أمس الأول، ما مكن الجيش النظامي من استعادة السيطرة على تل الحارة الاستراتيجي المطل على المنطقة التي تحتلها إسرائيل من هضبة الجولان، والذي كانت توجد به قاعدة رادار سورية رئيسة مضادة للطائرات قبل سقوطه بيد مقاتلي المعارضة في أكتوبر 2014. كما حققت قوات النظام تقدماً جديداً في الجبهة الجنوبية إثر معارك وموافقة فصائل معارضة على الانضمام إلى اتفاق «التسوية» معها، حيث على بلدات الحارة وسملين وزمرين بالريف الغربي لدرعا، إضافة إلى بلدة الطيحة بعد اشتباكات مع مقاتلين رافضين لما يسمى «المصالحة». وفي تطور آخر، قُتل 9 مسلحين موالين لنظام الأسد، بقصف استهدف ليل الأحد-الاثنين، موقعاً عسكرياً لـ«الحرس الثوري» الإيراني قرب مطار النيرب العسكري بريف حلب الشرقي، الأمر الذي أكده الإعلام الرسمي في دمشق ولم تشأ تل أبيب التعليق عليه. من جهة أخرى، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» أن الدفعة الأخيرة من المستشارين العسكريين في «وحدات حماية الشعب» الكردية قد اكملت انسحابها أمس من منبج، بعد أن أنهت مهمتها في التدريب والتأهيل العسكري للقوات المحلية، وذلك بالاتفاق مع التحالف الدولي. وفيما شككت تركيا بانسحاب «الوحدات الكردية» بموجب الاتفاق، أعلن الذراع السياسية للقوات المعروفة بـ«قسد» خلال مؤتمر لها في مدينة الطبقة، أنها ستعمل على تشكيل «إدارة موحدة للمناطق التي تسيطر» من خلال دمج عدد من الإدارات والمجالس المحلية التي أقيمت في الأراضي التي تسيطر عليها» شمال وشرق سوريا وشرقها والتي تعادل ربع مساحة البلاد المضطربة. وأعلن التلفزيون السوري الرسمي، أمس، أن الجيش النظامي سيطر على تل الحارة الاستراتيجي المطل على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، في ثاني يوم للهجوم الكبير الرامي لانتزاع المناطق المتبقية بجنوب غرب سوريا من يد مقاتلي المعارضة. وقال معارضون والمرصد الحقوقي: «إن التل تعرض لضربات روسية وسورية مكثفة على مدى اليومين الماضيين، في الوقت الذي واصل فيه الجيش الحكومي اقترابه من الحدود الإسرائيلية، بعد استعادة السيطرة على معظم محافظة درعا». ودخلت القوات الحكومية مدينة الحارة بموجب اتفاق «مصالحة» مع فصائل المعارضة قادها الجيش الروسي، حيث تم رفع العلم السوري فوق مخفر المدينة والمركز الصحي. وبعد السيطرة على تل الحارة، أصبحت مناطق واسعة في ريفي درعا والقنيطرة ساقطة نارياً من قبل الجيش السوري. وفي معركة ريف درعا الغربي المتبقي بيد المعارضة، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «إن قوات النظام سيطرت على بلدات الحارة وسملين وزمرين، بعد موافقة الفصائل فيها على الاتفاق الذي ينص على دخول مؤسسات الدولة وتسليم المقاتلين سلاحهم الثقيل والمتوسط. كما سيطرت قوات النظام أيضاً على بلدة الطيحة لكن إثر معارك مع مقاتلين معارضين رافضين للتسوية»، حيث نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر عسكري قوله: «استعدنا عدداً من القرى بينها الطيحة» بعد القضاء على أعداد كبيرة من «الإرهابيين» وتدمير أسلحتهم وعتادهم. ورفض مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» التي يغلب عليها متشددو «النصرة سابقاً» في المنطقة الاتفاق، ويخوضون معارك عنيفة ضد قوات النظام. وأسفر القصف الجوي السوري والروسي منذ أمس الأول، وفقاً للمرصد، عن مقتل أكثر من 30 عنصراً من «النصرة»، بينما لقي 12 جندياً نظامياً حتفهم بكمين نصبه المتطرفون. وفيما جددت إسرائيل ضرباتها مستهدفة أمس، موقعاً عسكرياً يتمركز فيه عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني قرب قاعدة النيرب العسكرية على مشارف حلب، نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر عسكري قوله «يكرر العدو الصهيوني محاولاته اليائسة لدعم المجاميع (الإرهابية) المهزومة في درعا والقنيطرة ويستهدف بصواريخه أحد مواقعنا العسكرية شمال مطار النيرب، وقد اقتصرت الأضرار على الماديات». ورفض متحدث الجيش الإسرائيلي التعليق على التقرير، أبلغ وزير الحرب افيجدور ليبرمان موقع «يديعوت أحرونوت» بأن ليس لديه علم بالواقعة، لكنه أضاف «سياسة إسرائيل حيال إيران في سوريا لم تتغير، لن نسمح بترسيخ وجود إيران في سوريا، ولن نسمح بأن تتحول سوريا لنقطة انطلاق ضد دولتنا. نتصرف وفقاً لمصالحنا الأمنية». وقال المرصد: «إن الضربات أسفرت عن مقتل 9 أشخاص في موقع لوجيستي يستخدمه «الحرس الثوري» الإيراني قرب المطار». وفي تطور موازٍ، أعلنت «قسد» استكمال انسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية من مدينة منبج التي هددت تركيا باجتياحها، مبينة أنها «ستعمل على تشكيل إدارة موحدة للمناطق التي تسيطر عليها» في خطوة من شأنها تعزيز نفوذها شرق وشمال سوريا، ما يزيد أيضاً قلق تركيا التي ترفض أي وجود كردي قرب حدودها. وتهدف الخطة التي أعلنت في مؤتمر لمجلس «قسد» بمدينة الطبقة في الرقة، إلى دمج عدد من الإدارات أو المجالس المحلية المدنية التي ظهرت في الأراضي التي تسيطر عليها القوات نفسها شمال سوريا وشرقها. ستدمج الخطة مجالس الرقة ودير الزور ومناطق أخرى إضافة إلى الإدارة شبه الذاتية في منطقة الجزيرة الشرقية، ما يشكل «كياناً منظماً مشترك بشكل يمارس الحوكمة في المنطقة، ويرسم السياسات العملية لحياة الناس ويقدم الخدمات». وقالت إلهام أحمد المشاركة في رئاسة المجلس، وهي أيضاً سياسية سورية كردية بارزة: «هي إدارة منسقة بين المناطق، لتأمين الاحتياجات فيها». وتسعى «قسد» لوضع نهاية للصراع الدائر في سوريا بنظام «لا مركزي» يضمن حقوق الأقليات، بمن فيهم الأكراد.
مشاركة :