أعلنت وكالة «موديز» الدولية للتصنيف الائتماني، أن الارتفاع المفاجئ في الديون المتعثرة المستحقة لدى البنوك في تركيا، الذي وقع في الأسبوع الأخير من شهر يونيو (حزيران) الماضي، سيؤثر سلباً على تصنيف هذه البنوك.وذكرت الوكالة أن بيانات الديون المتعثرة التي نشرتها هيئة الرقابة وتنظيم المصارف التركية في 29 يونيو الماضي تشير إلى حدوث زيادة قدرها 7 في المائة مقارنة بالأسبوع السابق عليه، بما يعادل 800 مليون دولار، لتسجل أعلى نسبة زيادة أسبوعية خلال فترة تزيد عن 10 سنوات. واعتبرت «موديز» أن الارتفاع المفاجئ في الديون المتعثرة المستحقة لدى البنوك التركية يعد إشارة سلبية من حيث التقييم الائتماني للبنوك التركية. ولفتت إلى أنه في حالة تحول هذه الزيادة في قيمة الديون المتعثرة إلى حالة مستمرة، فإن البنوك ستضطر لزيادة مخصصات خسائرها، قائلة إن هذا الوضع يقلل هامش ربح البنوك.وتوقعت الوكالة الدولية ارتفاع نسبة الديون المتعثرة لدى البنوك التركية خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهراً المقبلة إلى أكثر من 4 في المائة، مشيرة إلى أن النسبة الحالية بلغت 2.8 في المائة، وفقاً لتقارير هيئة الرقابة وتنظيم القطاع المصرفي التركية. وشهد القطاع المصرفي التركي زيادة قدرها 24 في المائة في التمويلات النقدية المستخدمة من قبل المؤسسات الأعضاء في اتحاد البنوك التركي خلال شهر مايو (أيار) الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، ليسجل 2 تريليون و496 مليار ليرة تركية. وكانت «موديز» عبرت عن قلقها إزاء استقلالية البنك المركزي التركي، والتغيرات التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول السياسة النقدية. وأضافت في بيان، أن التغييرات الحاصلة في الهيكل الإداري للبنك المركزي قد تضعف استقرار مراقبة السياسة النقدية.وأشارت الوكالة إلى أن مخاوف المستثمرين من ضعف استقلالية البنك المركزي ستتسبب بأضرار على المؤسسات العامة والبنك المركزي، واصفة نظرتها المستقبلية إلى الوضع الاقتصادي التركي بـ«السلبية». وزادت تصريحات للرئيس التركي بشأن السياسة النقدية للبلاد، وثقته بإدارة صهره برات البيراق ملف الاقتصاد التركي في المرحلة المقبلة، من قلق الأسواق المالية والمستثمرين، ودفعت إلى تراجع الليرة التركية مجدداً لتهوي إلى مستوى قياسي، وتتداول حالياً فيما يزيد عن 4.8 ليرة للدولار.وسعى البيراق إلى طمأنة المستثمرين وتهدئة المخاوف في الأسواق المالية على خلفية القلق إزاء تعيينه في منصبه بالحكومة الجديدة. وأكد الوزير مجدداً، حرصه الشديد على استقلالية البنك المركزي والسياسات النقدية، قائلاً إنه من غير المقبول أن تصبح السياسات النقدية واستقلالية البنك المركزي مادة للشائعات والتكهنات. وتعهد بأن البنك المركزي سيكون «أكثر فاعلية واستقلالية» في المرحلة المقبلة.وقال البيراق إنه «يجب توسيع قدرات البنك المركزي سعياً لتحقيق استقرار الأسعار. أحد الأهداف الرئيسية لسياساتنا في الفترة المقبلة أن يكون لتركيا بنك مركزي فعال كما لم يحدث من قبل». وأضاف: «في العصر الجديد، سندعم البنك المركزي في تنفيذ سياسة نقدية أكثر قابلية للتنبؤ وأكثر وضوحاً وحسماً».وتابع البيرق أن أولويتهم الرئيسية هي خفض التضخم بمساعدة السياسات النقدية والمالية. وقفز معدل التضخم في تركيا إلى 15.4 في المائة في يونيو الماضي، مسجلاً أعلى ارتفاع منذ عام 2003.وعقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي أجريت في يونيو، أعلنت «موديز» أن مراجعتها قرار تخفيض التصنيف الائتماني السيادي لتركيا سيعتمد على السياسات التي تنتهجها الحكومة الجديدة التي سيشكّلها الرئيس إردوغان بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية وفوز «تحالف الشعب» الذي يضم حزبه (العدالة والتنمية الحاكم) و«الحركة القومية»، في الانتخابات المبكرة.وقالت إن «مراجعة التصنيف السيادي للاقتصاد التركي بناءً على القرار الذي اتُّخذ في وقت سابق من يونيو الماضي، سيركز على قدرة الحكومة الجديدة على إظهار عزمها على تطبيق سياسات تعزز النمو المستدام، وتحمي القوة المالية للحكومة». وأضاف البيان: «ستكون سياسات الحكومة الجديدة أساسية لاستعادة الثقة في الاقتصاد وتوفير قدر أكبر من تأكيد قدرة تركيا على الحصول على التمويل اللازم لعجزها الكبير في الحساب الجاري وتلبية متطلبات تسديد ديونها الخارجية».وخفّضت «موديز» في وقت سابق من يونيو تصنيفها لـ17 بنكاً تركياً، ووضعت شركتي تمويل قيد المراجعة، في خطوة تمهد لمزيد من خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد التركي. وذكرت الوكالة أن التصنيفات المتراجعة تعكس وجهة نظرها بأن بيئة التشغيل في تركيا قد تدهورت، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على ملامح تمويل المؤسسات.ووضعت «موديز» تصنيف تركيا السيادي تحت المراقبة لإجراء خفض لتصنيفها الائتماني، لافتة إلى مخاوف بشأن الإدارة الاقتصادية وتآكل ثقة المستثمرين في استقلالية البنك المركزي، لا سيما بعد تصريحات للرئيس إردوغان قبل الانتخابات أكد فيها عزمه على إحكام سيطرته على السياسة النقدية للبلاد.كما خفضت «موديز» توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي للعام الحالي إلى 2.5 في المائة، من توقعاتها السابقة البالغة 4 في المائة، في الوقت الذي يؤثر فيه ارتفاع أسعار النفط والتراجع الحاد في قيمة الليرة سلباً على النمو الكلي في النصف الثاني من العام.وكانت وكالة «فيتش» خفضت في مايو (أيار) الماضي تصنيف 25 بنكاً تركياً تحت المراقبة بعد تدهور سعر الليرة التركية، منبهة إلى أخطار تهدد الأصول وسيولة المؤسسات المصرفية.من ناحية أخرى، أظهرت بيانات لهيئة الإحصاء التركي أن معدل البطالة في تركيا انخفض إلى 9.6 في المائة في الفترة بين مارس (آذار) ومايو (أيار)، مقارنة مع 10.1 في المائة قبل شهر و10.5 في المائة قبل عام.وبلغ معدل البطالة في القطاعات غير الزراعية 11.4 في المائة في المتوسط خلال الفترة ذاتها، بحسب البيانات، انخفاضاً من 11.9 في المائة قبل شهر و12.4 في المائة على أساس سنوي.
مشاركة :