استخدمت الشرطة العراقية الهراوات والخراطيم لتفريق نحو 250 محتجا تجمعوا عند المدخل الرئيسي لحقل الزبير النفطي الضخم اليوم الثلاثاء، وسط تصاعد التوتر في مدن بجنوب العراق بسبب تدهور الخدمات العامة. ومنذ بدء الاحتجاجات قبل تسعة أيام هاجم محتجون مباني حكومية ومكاتب لأحزاب سياسية، بينما اجتاح مقاتلون شيعة المطار الدولي في مدينة النجف. وقال المتحدث العسكري العراقي، إن السلطات لن تتهاون مع أي أفعال تهدد أمن البلاد. وقال مسؤولون ومصادر في الصناعة، إن الاحتجاجات لم تؤثر على الإنتاج في حقل الزبير الذي تديره شركة إيني الإيطالية وكذلك حقل الرميلة الذي تطوره شركة بي.بي وحقل غرب القرنة 2 الذي تشغله لوك أويل. ويرى عراقيون كثيرون أن زعماء البلاد لا يتقاسمون معهم الثروة النفطية للبلاد. وقال بعض المحتجين، إن العمال الأجانب يسلبونهم فرص العمل في شركات النفط. وقُتل ثلاثة محتجين في اشتباكات مع الشرطة أحدهم عند حقل غرب القرنة 2 وأصيب العشرات. وقال أحد المحتجين ويدعى عصام جبار (24 عاما)، «نحن أهل البصرة نسمع حول نفط العراق و موارده الهائلة لكننا لم نستفد أبدا من مميزاته». وأضاف، «الغرباء يحصلون على وظائف محترمة في حقولنا النفطية ونحن لا نملك دفع ثمن سيكارة (سيجارة)». وأشار إلى أنه عاطل عن العمل. وقال شهود، إن الشرطة استخدمت الهراوات والخراطيم لضرب المتظاهرين عند بوابة حقل الزبير. وأصيب أحد أفراد الأمن في الوجه بعدما قام المحتجون برشقهم بالحجارة. وألقت الشرطة رمالا لإخماد إطارات أضرم فيها المحتجون النار. والعراق ثاني أكبر منتج للنفط داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية. وتمثل صادرات النفط الخام 95 بالمئة من إيرادات الدولة وأي اضطراب في الإنتاج قد يضر بشدة الاقتصاد المتعثر بالفعل في وقت يحتاج العراق لعشرات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار بعد حرب استمرت ثلاثة أعوام على تنظيم «داعش». وقد يؤدي استمرار التوتر في الجنوب إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية. وقال مسؤول نفط عراقي في مايو/ أيار، إن إنتاج حقل الزبير بلغ 475 ألف برميل يوميا. وقال مسؤول نفط كبير، إن العراق صدر 3.566 مليون برميل يوميا في المتوسط من حقوله الجنوبية في يوليو/ تموز، وهي مستويات تؤكد أن الاضطرابات لم تؤثر على شحنات النفط الخام من المنطقة. ولا يبدو أن هناك أي مؤشرات على عدول المحتجين، الذين يتحملون وطأة الحر الشديد، عن مطالبهم. وعبروا عن غضبهم في البصرة، أكبر مدن الجنوب، والسماوة والعمارة والناصرية والنجف وكربلاء والحلة. وقال رجل أمن في مكان الاحتجاج، «لدينا أوامر بعدم إطلاق النار ولكن لدينا أيضا أوامر بعدم السماح لأي أحد بالتأثير على العمليات في حقول النفط وسوف نتخذ ما يلزم من إجراءات لإبعاد المتظاهرين عن الحقول». وقال المتحدث العسكري العميد يحيى رسول في مؤتمر صحفي، إن قوات الأمن لن تسمح لأحد بالعبث بالأمن والنظام بالاعتداء على المنشآت العامة والخاصة والحكومية وكذلك الاقتصادية. ووقعت احتجاجات لنفس الأسباب من قبل. لكن التوتر هذه المرة واسع النطاق وذو حساسية سياسية. ويسعى رئيس الوزراء حيدر العبادي لفترة ولاية ثانية بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم 12 مايو/ أيار، وشابتها مزاعم بالتلاعب. ويبذل رجال السياسة جهودا لتشكيل حكومة ائتلافية. وقد يكون الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي فاز تكتله السياسي بأغلبية في الانتخابات، في وضع أقوى الآن للتأثير على اختيار رئيس الوزراء. وهزم الصدر منافسيه الذين تدعمهم إيران حيث تعهد بخلق فرص عمل ومساعدة الفقراء والقضاء على الفساد. ويعاني جنوب العراق ذو الأغلبية الشيعية من الإهمال برغم الثروة النفطية منذ حكم الرئيس السابق صدام حسين ثم خلال فترات حكم الحكومات التي يقودها الشيعة بما في ذلك حكومة العبادي. وشوهدت أكوام النفايات في الكثير من شوارع البصرة. وتسببت المياه الراكدة ومياه الصرف الصحي في مشكلات صحية كما أن مياه الشرب تكون ملوثة أحيانا بالطمي والأتربة في حين تنقطع الكهرباء سبع ساعات يوميا. وقال مرتضى رحمن (22 عاما)، الذي كان يفر حافيا خشية أن تعتقله الشرطة أمام حقل الزبير، «أعيش في مكان غني بالنفط الذي يدر مليارات الدولارات بينما أعمل أنا في جمع النفايات من الناس لأطعم طفلاي. أريد وظيفة بسيطة هذا طلبي الوحيد». وأضاف، أنه تعرض للضرب من الشرطة. وقال، «لن أذهب حتى لو قتلتني سأبقى هنا. أريد وظيفة». وفي اجتماع مع مسؤولي الحكومة بثه التلفزيون الرسمي تعهد العبادي بتخصيص أموال للمياه والكهرباء وخلق فرص عمل في مدينة البصرة النفطية التي كانت توصف في الماضي، بأنها «بندقية الشرق الأوسط»، في إشارة لمدينة البندقية الإيطالية بسبب شبكة قنواتها.
مشاركة :